أحمد موسى عن قانون الإجراءات الجنائية: الرئيس السيسي يريد الحفاظ على المواطنين    تعاون جديد بين وزارة البترول و DFC الأمريكية لدعم استثمارات الطاقة المتجددة والبتروكيماويات    المالية: تخصيص 45 مليار جنيه لمساندة الصادرات ورد الأعباء للمصدرين خلال 2025/26    حماس: الاعتراف بفلسطين سيؤدي إلى قيام دولة عاصمتها القدس    إيقاف ثنائي الزمالك.. عقوبات الجولة السابعة من الدوري المصري    مصرع سيدة أسفل عجلات سيارة سرفيس خط 2 بالحواتم    سيد رجب ورياض الخولي يقدمان العزاء في شقيقة أحمد صيام    بمشاركة الأهلي والزمالك.. مواعيد مباريات الدور الأول من بطولة العالم لكرة اليد    رسميًا.. اللواء أشرف نصار رئيسًا لنادي البنك الأهلي والسرسي نائبًا    «المصري الديمقراطي» عن إعادة «الإجراءات الجنائية» للبرلمان: الرئيس انحاز للمعارضة بعد صدامات مع الأغلبية    محافظ الأقصر يبحث مع "الاستعلامات" دعم القضايا الوطنية والترويج السياحي    روسيا: فشل محاولات تعطيل مسابقة «إنترفيجن» الموسيقية الدولية بالضغط على المشاركين    أبرزها «الجدي».. 4 أبراج تعشق فصل الخريف (تألق وإبداع مع بداية الموسم)    بالصور.. أحدث جلسة تصوير ل ياسمين صبري داخل الطائرة والجمهور يعلق    هل كسوف الشمس وخسوف القمر غضب من الله؟.. عضو مركز الأزهر تُجيب    موعد صلاة العشاء ليوم الأحد .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    الصحة: القضاء على الدرن أولوية وطنية    عميد طب القاهرة: احتفالية مرور 200 عام على إنشاء قصر العيني فخر لكل مصري    طلعت يوسف: زيزو لا يؤدي بروح مع الأهلي    خبير اقتصادي: «القنطرة غرب» نموذج لتحويل التحديات إلى منطقة صناعية ولوجستية واعدة    مأساة تحت سقف العلم.. قصة درس خصوصي انتهى بفضيحة حمل بالشرقية    تفاصيل انفجار خط غاز بحر مويس في بنها بسبب خطأ سائق حفار.. فيديو وصور    تنفيذ قرارات إغلاق لعدد من المحلات المخالفة جنوب الغردقة    تأجيل محاكمة 11 متهما بقضية "خلية حلوان" لجلسة 2 نوفمبر المقبل    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن بالبحيرة    840 فرصة عمل جديدة وتدريب مهني لتمكين الشباب بكفر الشيخ    الرئيس السيسي يوجه برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب    العراق يشغل أول محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية جنوبي بغداد    وزير الزراعة والري السوداني: البلاد تتعافى ولن تجوع    شريهان أشرف تقدّم خطوات مكياج دافئ وهادئ لخريف 2025 في «ست ستات» على DMC    في واقعة الإسورة الأثرية.. النيابة توصي بمنع دخول حقائب مرممي الآثار وتفتيشهم عند الخروج وتركيب كاميرات مراقبة    القوات المسلحة تنظم زيارتين لأساتذة وطلبة جامعتي المنصورة وبني سويف إلى الأكاديمية العسكرية    إضافة اختصاصات جديدة لوحدة تخطيط الطاقة بمجلس الوزراء    عضو مركز الأزهر: ثلاث أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    135 مخالفة زيادة أجرة وخطوط سير خلال حملة بمواقف الفيوم "صور"    لايلز يقود أمريكا للاحتفاظ بذهبية 100 متر تتابع بمونديال القوى    خطة شاملة لتطوير الصحة المدرسية من خلال الاكتشاف المبكر للأمراض    بعد محادثات الأهلي معه.. أورس فيشر مرشح لتدريب نادٍ أوروبي    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمباراة خيتافي في الدوري الإسباني    4 أفلام في 2025.. مصطفى غريب يحصد جائزة أفضل ممثل كوميدي من «دير جيست»    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس.. هل تظهر في مصر؟    البيت الأبيض يحدد صفقة «تيك توك» التي تمنح أمريكا السيطرة على الخوارزمية    محافظ المنوفية: 550 مليون جنيه استثمارات لتطوير التعليم بالمحافظة    سعر الذهب في مصر يقفز بنحو 8 أضعاف في 9 سنوات (انفوجرافيك)    صافرات الإنذار تدوي في عسقلان وأسدود بعد إطلاق صواريخ من غزة    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة يناير 2026    مدينة الدواء "جيبتو فارما".. أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن| فيديو    عادات يومية تهدد قلبك وتقلل من إنتاج «أكسيد النيتريك»    مواقيت الصلاه اليوم الأحد الموافق 21 -9-2025 في سوهاج    أستراليا تعلن اعترافها رسميًا بدولة فلسطين    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    وزير التعليم أثناء جولته بمحافظة القليوبية : مهنة التدريس "أم المهن" والمعلم المسئول الأول عن وضع الطلاب    رغم العراقيل الإسرائيلية.. قوافل "زاد العزة" تواصل طريقها من مصر إلى غزة    موقع عبري: إصابة 8 جنود بانقلاب آلية عسكرية إسرائيلية على مشارف مدينة غزة    نتائج مباريات أمس السبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ال«فيس بوك» والإصلاح السياسى

تصاعد دور ال«فيس بوك» وزاد تأثيره فى الجدل العام، وتحول إلى ظاهرة سياسية وليس مجرد ساحة للتواصل الاجتماعى والثقافى، استهوت قطاعات واسعة من الشباب وبدت وكأنها أقرب للتعبير عن جيل جديد عبر عن نفسه بصورة فيها كثير من التمرد والاحتجاج، وقليل من القدرة على البناء، والنجاح فى تجاوز قيود «الجيتو الجيلى».
وقد نشط عدد من الشباب لتكوين مجموعات تحت شعار أو مقولة معينة لجمع الناس حولها وإعلان انتمائهم لها، وقد يثار من جانب أعضاء هذه المجموعة نقاش ساخن حول المقولة التى جمعتهم، مما يشجع على الحوار وتبادل وجهات النظر فيما بينهم، وقد لا يتم هذا الحوار ويتم الاكتفاء بمجرد الانضمام لهذه المقولة واعلان الانتماء لها.
ويمكن تقسيم مجاميع ال«فيس بوك» إلى عدة مجموعات، الأولى ذات طابع سياسى ويمكن وصفها ب«المجموعات السياسية»، كمجموعة 6 أبريل التى ظهرت فى أعقاب إضراب 6 أبريل 2008، وانضم إليها فى أسابيع قليلة أكثر من 70 ألف مصرى، وشهدت ساحات الحوار فيها مناقشات واسعة لم تخل من تنوع وصل إلى حد التشتت والتعارض، وعكست مختلف وجهات النظر إزاء جدوى الإضراب ووسائله وكيفية توسيع الدعوة إليه وتنمية الوعى بين الناس بجدواه.
أما النمط الثانى من مجموعات ال«فيس بوك» فهو ينتمى لما يمكن وصفه ب«احتجاجات الموقف الاجتماعى» مثل مجموعة رفض حكم «عبّارة الموت»: وتضم هذه المجموعة حوالى 22 ألف شخص وهى بمثابة احتجاج على حكم العبّارة الذى اعتبره أعضاؤها غير عادل ويمثل حلقة من مسلسل الفساد فى البلاد.
وهذه المجموعة لم تشهد الكثير من النقاشات كالمجموعة السابقة، ولكنها شهدت بعض التعليقات التى تحلل أسباب هذه الكارثة، وتعرض وجهة نظر أعضائها حول أسباب صدور هذا الحكم.
أما النوع الثالث الأقل شعبية فهو مجموعات الانتماءات السياسية والأيديولوجية، ذلك أن معظم الشباب الذى يقبل على مجاميع ال«فيس بوك» غير مسيس بالمعنى الحزبى والأيديولوجى الضيق، وإنما يتفاعل مع قضية معينة أو أزمة محددة ويعلن موقفه منها على نحو عابر للانتماءات السياسية والدينية والحزبية.
ومن هنا فإن المجموعات التى تعلن هوية سياسية محددة لا تجذب الكثير من الشباب ويصبح وجودها محض شرفى ليس إلا.
وأخيرا، هناك مجموعات رابعة مرتبطة بأحداث اجتماعية أو قانونية مثل تلك التى تم إنشاؤها من أجل معارضة قانون المرور الجديد، ولكن معظمها لم تلق رواجا واسعا مثل مجموعات الكوارث أو الدعوات السياسية للإضراب، وكانت المجموعة الأكثر جذبا للأعضاء «بلغوا 10 آلاف»، هى مجموعة تحاول شرح وتبسيط القانون الجديد مع تبنى جميع الآراء المعارضة والمؤيدة.
ولعل التساؤل الذى يُطرح حين يتعلق الأمر بظاهرة ال«فيس بوك» يتمثل فى أسباب انتشار هذه الظاهرة بشكل واسع فى مصر، وما دلالات هذا الانتشار، وهل هو نتيجة إحباط من الواقع السياسى أم تمرد عليه، أم الاثنان معا؟
المؤكد أن ضعف الأحزاب السياسية، وحصار منظمات المجتمع المدنى، وغياب أى أفق لتداول سلمى للسلطة، أدت إلى قيام قطاعات واسعة من الأجيال الشابة بالمشاركة بفاعلية فى عالم الإنترنت والفضاء الإلكترونى، بحيث بدت الظاهرة فى جانب تعبيراً عن غياب أى بدائل أخرى للعمل السياسى الحقيقى، وفى جانب آخر عبرت عن نمط جديد من الممارسة السياسية استهوت قطاعاً مهماً من الشباب.
إن هناك سلسلة من الإحباطات والصعوبات أيضا دفعت هؤلاء الشباب إلى الانخراط فى فضاء العالم الافتراضى، فقد تحولت الساحة السياسية الشرعية إلى نموذج نادر للفراغ والفوضى، وانتهى دور الأحزاب من المجال العام، وتراجع تأثير القوى الاحتجاجية الجديدة التى نجحت منذ ظهور حركة «كفاية» فى 2004 فى تحريك المياه الراكدة، إلى أن انتهى دورها وغابت عن دائرة الفعل والتأثير الاجتماعى.
وبدا كل من غامر ودخل «قفص الشرعية» من الأحزاب القائمة أن مصيره التفكك أو ضعف التأثير. والمؤكد أن هناك ملامح خاصة للاستخدام السياسى لعالم النضال الإلكترونى دفعت الشباب إلى التواصل معه بجانب الوضع السياسى الطارد، تتمثل فى التعبير الحر عن كل الهواجس والطموحات والأحلام الشخصية والعامة بصورة مباشرة على الشبكة العنكبوتية، دون الحاجة لوصاية جيل آخر أو رقابة رئيس فى العمل أو توجيهات مسؤول كبير أو قيادة حزبية، فعبر شبكة الإنترنت كل شخص «زعيم بمفرده»، وأن هذا النزوع الهائل للشباب نحو الإنترنت يعنى أن هناك مجالاً واسعاً للتعبير عن النفس غير موجود فى الواقع العملى.
من الخطأ تصور أن ما يجرى فى عالم الإنترنت هو ما يجرى على أرض الواقع، خاصة أن «نجاح» الإضراب على شبكات الإنترنت، قابله فشل فى أرض الواقع، ومن المهم تأمل أسباب الفشل وعدم تصور أن النجاح الذى يجرى فى العالم الافتراضى سيعنى فى الحقيقة نجاحاً فى الواقع المعاش.
لم يتعلم نشطاء العالم الافتراضى من درس 4 مايو من العام الماضى، وعادوا وكرروا الخطأ نفسه بالدعوة لما سموه فى 6 أبريل الماضى «إضراباً عاماً»، أطلوا به من أعلى على عموم الناس، وتصوروا أن حسابات مئات الآلاف من الأسر البسيطة ومن العمال والموظفين يمكن أن تقررها خيارات متسرعة لعشرات الشباب المتحمس والحالم، فيقرر بمفرده «إضراباً عاماً» ويفترض أن يستجيب له الناس.
إن مجاميع ال«فيس بوك» هى ساحة للتعبير عن خواطر وإحباطات وأحلام سياسية متنوعة، وتستخدم لغة خاصة ليست محل توافق من كل أجيال المجتمع ونخبته وحتى عموم جمهوره، كما أنها فى كثير من الأحيان انطباعية ومتسرعة فى أحكامها.
معضلة احتجاجات ال«فيس بوك» أن سوء الواقع الاجتماعى والسياسى وضعها فى «جيتو جيلى» منعزل عن معظم قطاعات وأجيال المجتمع، ولم يتح لها فرصة النمو والتطور الصحى عبر التفاعل مع أجيال أخرى وأحزاب وقوى سياسية، ومنظمات مجتمع مدنى لها جذور اجتماعية وشعبية، فظلت فى عزلتها الجيلية واللغوية.
إن المجتمعات الصحية هى التى تقبل شباب ال«فيس بوك» بأفكارهم الجريئة والحالمة، وتضيف إليهم عبر تفاعل مؤسساتها السياسية والاجتماعية والنقابية معهم، فتنقل لهم خبرة الممارسة المؤسسية وتقاليد العمل الجماعى والعقلانية، وتحول التمرد والاحتجاج إلى طاقة إبداع وتطوير، وهكذا تتطور المجتمعات عبر نظم تنفتح أمام الجديد، وجديد يدمج فى النظام ليطوره.
ولأن هذا غير موجود فبقيت احتجاجات ال«فيس بوك» تعبر عن جانب من المجتمع وشريحة من الشباب، وبجوارها احتجاجات «الكبار» من الموظفين والعمال، واحتجاجات السياسيين أمام سلم نقابة الصحفيين، وصرخات الإصلاحيين أو همسهم داخل النظام وخارجه،
وفى كل الأحوال سيبقى كل طرف منعزلا عن الآخر، ولا يمكن لظاهرة «الاحتجاج عبر النت» أن تُحدث عملية التغيير والإصلاح السياسى، إلا إذا خلقت جسراً قادراً على التواصل مع الواقع السياسى والاجتماعى المعاش بأجياله المختلفة وبظواهره الصحية، لا أن يكون مجرد رد فعل على سلبياته المختلفة وإحباطاته.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.