كتبت فى المقالين السابقين عن إشكالية تنمية الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوى، تلك التنمية التى من شأنها - فى حال أن يكتب لها التنفيذ بنجاح - أن تكون سببًا فى قيام دولة مصر الحديثة بعد التطور العظيم الذى من الممكن أن تنعكس آثاره على الخريطة السكانية والسياحية والزراعية، إضافة إلى استثمار الثروات الطبيعية من بترول وغاز ومعادن فى تلك الأراضى الشاسعة الممتدة من منطقة العلمين إلى مرسى مطروح، والتى لم تمتد أيدى التنمية الشاملة لها حتى الآن، مما يعنى ضياع بلايين الدولارات من عوائد تلك الاستثمارات على الاقتصاد القومى، أكثر من نصف سكان مصر الآن يعيشون تحت خط الفقر. ملايين الأسر المقيمة فى عشوائيات القاهرة، وريف وصعيد مصر، تعيش على دخل يقل عن الثلاثين دولارًا شهريًا؟!! نسب البطالة بلغت أعلى معدلات لها بين العقول والأيدى العاملة من الجنسين، مما نتج عنه زيادة معدلات الجريمة والهجرة غير الشرعية. استغلال الطفولة البريئة فى سوق العمل الخطرة باعتبارها أيدى عاملة رخيصة أصبحت مأساة يومية غير مقبولة. زيادة تسرب الأطفال من الجنسين من صفوف التعليم الإلزامى، سوس ينخر فى جسد الوطن العليل ويهدد مستقبله. كل تلك المآسى الاجتماعية الناجمة عن محدودية مصادر الدخل القومى وسوء توزيعه، مضافًا إليها غياب التنمية عن 22٪ من الأراضى بسبب انتشار ملايين الألغام والأجسام الضارة فى باطنها منذ الحرب العالمية الثانية، جعل المعاناة النفسية من تفاصيل المعيشة اليومية فى أدق تفاصيلها، همًا وألمًا فوق احتمال بشر. فى محاولة للخروج من تلك الحلقة المحكمة، اتجهت وزارة التعاون الدولى مع وزيرتها فايزة أبوالنجا بالاتفاق مع خبراء من وزارة التخطيط، والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة «undp» بوضع خطة مفصلة لتنمية الأراضى الواقعة على طول الساحل الشمالى الغربى وظهيره الصحراوى بميزانية مقدرة ب 650 مليار جنيه مصرى (!!) بالوقوف أمام الخطوات التنفيذية لتلك الخطة التى يشرف عليها السفير فتحى الشاذلى، لا يملك الفرد منا سوى أن يفتح فمه على وسعه من فرط الدهشة وهو يتساءل: لماذا بددنا إذن مليارات الدولارات فى محاولات فاشلة لاستصلاح الأراضى فى منطقة توشكى وأمامنا كل تلك الأراضى الصالحة للاستثمار الزراعى والحيوانى والصناعى والسياحى، إضافة إلى ثرواتها من البترول والمعادن الطبيعية؟ هل بلغت قلة الخبرة بحكوماتنا السابقة هذا القدر من انعدام المسؤولية؟!! وزير التخطيط والتعاون الدولى السابق د. أحمد الدرش، ينصح بأن توضع خطة تنمية الساحل الشمالى الغربى كهدف قومى استراتيجى ثابت، لا يتغير بتغير اتجاهات الحكومات المتوالية. الجمعية العربية لخدمة المناطق المضارة من الألغام، هى الجمعية الأهلية الوحيدة فى مصر المعنية بإعادة تأهيل ضحايا الألغام، وحماية السكان من أخطارها. اللواء مجدى دياب، رئيس مجلس إدارة الجمعية، أعرب عن استعداد جمعيته لتقديم العون للجنة القومية عن طريق مخاطبة الجمعيات الأهلية المعنية فى الغرب لكسب تأييدها ومساهماتها. لا شك عندى من أن الخطة القومية لتنمية الساحل الشمالى الغربى سوف تحصل على مزيد من التأييد بزيادة الوعى العام بأهدافها محليًا ودوليًا، ومع إحساس المواطن البسيط بنتائجها على تحسن أحواله المعيشية. [email protected]