فى أواخر الستينيات دخل الروائى إبراهيم عبد المجيد الحياة الأدبية. ومنذ اللحظة الأولى بدا أن الأدب المصرى أمام مبدع مختلف متميز وتأكدت هذه الحقيقة خلال مشواره الطويل الذى زاد على 40 سنة قدم عددا من المجموعات القصصية والروايات المهمة، لقيت شهرة وانتشارا فى الوسط الأدبى خاصة روايته الملحمية «لا أحد ينام فى الإسكندرية». وخلال أسبوع تصدر له رواية «فى كل أسبوع يوم جمعة» عن الدار المصرية اللبنانية.. وعن قضايا النشر والابداع كان لنا معه هذا الحوار. ■ ماذا يمثل الإبداع بالنسبة لك وما الرسالة التى تريد توصيلها للجمهور وإلى أى مدى ساعدتك حركة النشر فى هذا؟ - سؤال صعب وكثيرون «يتفذلكون» فى الإجابة عنه. أنا باختصار اكتشفت فى روحى مبكرا جدا موهبة الكتابة فكنت أجد نفسى مندفعا فيها ثم اكتشفت أن الكتابة تاريخ وطرق وليست عفوية إلى هذا الحد، لكنها لكى تبدو عفوية للقارئ لابد أن يبذل الكاتب فيها مجهودًا كبيرًا ولو لم أكتب ما كتبت ربما أصابنى خلل ما فالكتابة توازن نفسى من ناحية وإذا كان لابد من رسالة فهى إمتاع القارئ أو تحريضه على الإحساس بأن العالم ليس كما يراه بتقديم نماذج بشرية من عالم متخيل هو بالتأكيد مختلف عما يدور حولنا وإن كان منطلقًا منه. الروايات تقدم نماذج بشرية يمكن ان تكون صديقة للقارئ وهى دائما غير مُضرة لأنها فى الخيال أو نماذج تحرك فى القارئ عواطفه الدفينة. بالنسبة للنشر زمان كان قليلاً جدًا لكن الحركة الادبية كانت أنشط نقديا وفكريًا كان الواحد ينشر قصة قصيرة فى مجلة مثل الطليعة تصبح حديثنا نحن الكتاب جميعا وأنا من البداية لم أجد مشقة فى النشر بل نشرت فى أكبر دور النشر منذ جئت القاهرة وكان هذا طيبا. ■ هل تختلف حركة النشر الآن عما كانت عليه فى بداية مشوارك.. وما رأيك فى النشر الحكومى والخاص أيهما تفضل؟ - النشر الآن على قفا مين يشيل.. آه والله.. ويعمل فيه الكثيرون جدًا والمنشور يفوق قدرة النقاد على المتابعة وهناك عدد كبير من دور النشر الخاصة تنافس الحكومة التى تنشر بكثافة فى القاهرة والأقاليم وهذا جيد، على أيامنا لم تكن دور النشر الخاصة متحمسة وكانت الحكومة هى الباب وأنا من البداية أنشر فى الدور الخاصة. نشرت فى الحكومة بعد أن صرت معروفًا. فى مكتبة الأسرة مثلاً والآن أفضل دائمًا النشر الخاص، أولاً: لأفسح الطريق لغيرى فى الحكومة، ثانيًا: لأن دور النشر الخاصة توزيعها أفضل، ثالثا: لأنه كثيرًا ما يكون ما أكتبه مناسبًا للنشر الخاص من حيث ما قد تسميه الجرأة وأسميه أنا الحرية. ■ هل يحقق النشر الآن توازنًا بين الأجيال أم أنه منحاز لجيل الكبار خاصة فى الرواية؟ - النشر الآن متاح للجميع وهناك دور نشر كثيرة تنشر للشباب المشكلة هى أن الكتاب كثيرون جدًا. أنا بدأت النشر فيما كان عدد سكان مصر 30 مليونا، الآن نقترب من 80 والمشكلة أن هناك تربصًا بحرية التعبير قد يجعل الحكومة لا تنشر الأعمال الجريئة للشباب وللكبار أيضًا لكن دور النشر الخاصة تقوم بذلك. ■ ما أخطر قضايا النشر فى مصر الآن من وجهة نظرك؟ وما رأيك فى حدود حرية التعبير الممنوحة للمبدعين؟ - أخطر القضايا على الإطلاق هو التربص بحرية التعبير الذى لا يعطينا الفرصة لإدراك الثراء الروحى العظيم فى آدابنا ويدخل بنا فى قضايا تافهة وحرية التعبير لا يمنحها أحد للكاتب فالكاتب يستطيع أن يكتب ما يشاء فى أى ظرف إذا أراد. ■ مشاريعك المقبلة ورأيك فى علاقة الجمهور بالأدب عمومًا؟ انتهيت من رواية جديدة ستصدر خلال أيام عن الدار المصرية اللبنانية وهى بالنسبة لى مغامرة فى الشكل والموضوع فالرواية عبارة عن موقع إلكترونى أنشأته امرأة جميلة شابة للمصريين يبوحون فيه بأسرارهم وآلامهم وآمالهم بهدف تكوين جروب يتعاون على مواجهة الحياة ويمكن لك أن تتخيل ما الذى يمكن أن يقوله المصريون الآن الشباب منهم والكبار ويمكن لك أن تتخيل هل يمكن أن ينجح هذا الموقع أو يمر بسلام. ستعرف ذلك من الرواية. أما مشروعى الذى مازلت عاكفًا عليه وأتمنى أن أنتهى منه ولا تأخذنى منه رواية أخرى فهو الإسكندرية التى لم تعد كذلك. أما علاقة الجمهور بالأدب الآن فهى من أخصب العلاقات والإقبال على قراءة الروايات فاق كل الأزمنة السابقة.