حياة صاخبة ومليئة بالصعود والهبوط عاشها نجم البوب الأمريكى الراحل «مايكل جاكسون»، ومثلما كانت حياته تزخر بالمفاجآت والغرائب.. كان رحيله أيضاً، فقد التف معجبوه حول مستشفى «رونالد ريجان»، حيث نقل جثمانه دون أن يذرفوا الدموع، بل وقف كثير منهم معجبون من مختلف الجنسيات والأعمار، ليرقصوا على أغنياته، ويؤدوا رقصاته وحركاته الشهيرة التى لطالما أذهل بها جمهوره.. وكأنها تحية إلى ملك البوب الذى ظل وسيظل ملهماً لهم، بينما حمل كثير منهم الشموع التى أضاءوها حزناً على رحيله ولا تفارقهم الابتسامة فى وداعه، راغبين ألا تلمح روحه الدموع فى أعينهم! طريقة مختلفة لتوديع جثمان فنان مختلف، والمثير أنها كانت طريقة معجبيه فى كثير من دول العالم، منها المكسيك والصين وكوريا الجنوبية، بينما ارتدى كثيرون من معجبيه ملابس وقبعات كالتى كان يرتديها، ورقص 1500 سجين فى الفلبين على أغنيته الشهيرة «THRILLER»، ونشروا رقصتهم فى فيديو على موقع «اليوتيوب» وشاهده 23.5 مليون شخص حتى الأن. وشبّه بعض معجبيه رحيله المفاجئ برحيل الأميرة «ديانا» التى توفيت إثر حادث سيارة أليم فى ريعان شبابها لتحطم القلوب، بينما هاجم البعض تعامل وسائل الإعلام مع «جاكسون» خلال السنوات الخمس الأخيرة وانتقاداتهم له، مؤكدين أنه أسطورة لا يمكن هدمها، ورمز للإنسانية بإنجازاته فى عالم الموسيقى والغناء، ولا يقل فى أهميته عن «ديانا» وربما الأم «تريزا». وقد شهدت شبكة الانترنت بطئاً كبيراً منذ الإعلان عن وفاته، حيث تزايد تحميل ألبوماته وصوره والبحث عن المعلومات عنه، لدرجة تعطل بعض المواقع منها «تويتر» و«جوجل»، فى حين ارتفعت مبيعات ألبوماته بشكل كبير فى العالم. كما عرف «جاكسون» طريقه إلى الغناء مبكراً وكان فى الرابعة من عمره فقط، ورغم أن والده كان يعمل سائقاً لرافعة بناء، إلا أنه كان عازفاً فى فرقة محلية فى «إنديانا»، وعنه ورث أطفاله التسعة الموهبة ومن بينهم «جاكسون». هذه الموهبة دفعت الأب «جوزيف جاكسون» إلى تكوين فرقة غنائية لأبنائه أسماها «جاكسون برارز» عام 1963، ولم يتجاوز «مايكل جاكسون» وقتها ال6 سنوات من عمره، وحقق «جاكسون» وأشقاؤه «مارلون» و«جيرمين» و«جاكى» و«تيتو» نجاحاً كبيراً، إلا أن «جيرمين» قرر ترك الغناء فى الفريق، فتم تغيير اسم الفريق إلى «جاكسون 5»، إلا أن «جاكسون» استطاع شق طريقه منفرداً ليسجل أولى أغانيه «I Want you back» عام 1969، استطاع «جاكسون» تجاوز نجاح أشقائه بموهبته، وليبدأ طريقه كنجم لموسيقى البوب على مدى عقود طويلة. وكان لقاؤه بالموسيقى والمنتج الأمريكى الشهير «كوينسى جونز» سببا فى نجوميته وانطلاقه، فقد أعطاه فرصة عمره التى لطالما تمناها كثيرون، بعدما اقتنع بموهبته الكبيرة، حيث أنتج له ألبوم «Off The Wall» عام 1979، والذى حقق أعلى المبيعات وقتها، وباع 7 ملايين نسخة، بينما كانت المحطات الموسيقية لا تكف عن بث أغانيه خاصة أغنيتى «Don,t Stop Till You Get Enough» « التى كتب كلماتها بنفسه، و«She,s Out of My Life»، وأصبح من بين القلائل الذين تدخل أربع من أغانيهم من الألبوم نفسه قائمة أكثر 10 أغان رواجاً فى الولاياتالمتحدة، فبجانب هاتين الأغنيتين كانت أغنيتا «Off The Wall»، و «Rock with you». توالت نجاحات «جاكسون» التى رفعته لمصاف النجومية، إلا أن النجاح المدوى فى العالم كله كان فى عام 1983 حيث طرح ألبومه «Thriller» من إنتاج «كوينسى جونز» أيضاً، والذى حقق أعلى مبيعات لأسطوانة فى العالم وفى تاريخ الموسيقى، ووصلت مبيعاته إلى 51 مليون نسخة، نصفها فى الولاياتالمتحدة، كما حصل عنه على ثمانٍ من جوائز «جرامى» الموسيقية، وتصدرت 7 أغنيات منه قائمة «بيللبورد» الموسيقية لأفضل الأغنيات لعدة أسابيع، بل إن «Thriller» وحدها تصدرت «بيللبورد» طوال 37 أسبوعاً، كما اعتبر كليبه «Thriller» ثورة فى عالم الفيديو، واشتهر «جاكسون» أيضا بفردة قفاز واحدة فى يده وملابسه - خاصة الجاكيت - فضية اللون واللامعة وشرابه الأبيض، وبرقصته الشهيرة التى سماها «The moonwalk»، وهى مفردات بصرية شكلت موضة خاصة به فى الملابس والرقص قلدها الشباب فى جميع أنحاء العالم، وكان أول مطرب يكسر حاجز اللون الأبيض فيما تبثه قناة mtv الموسيقية الأمريكية الشهيرة من كليبات، فكان أول مطرب أسمر تعرض له أعماله، كما اعتبر رمزاً للمطربين من أصول أفريقية على مدى أربعة عقود، ووصفه كثير من الصحف برمز الجالية الأفريقية فى أمريكا، واعتبر فى بداية الثمانينيات أول أفريقى أمريكى يصل إلى العالمية بفضل ظهور قناة mtv من خلال أغنيات أخرى مثل «Beat It» و «Billie Jean». استمرت نجاحات «جاكسون» مع ألبوماته «Bad» 1987 و«Dangerous» 1991 و«History» 1995، وتزامن ذلك مع ظهور مصطلح ال «فيديو كليب»، ليكون إضافة إلى الأغنية بدلاً من أن يكون مجرد ديكور لها، فتحول الناس للحديث عن كليبات «جاكسون» وما تحتويه من أفكار تصوير جديدة وصارخة، وخاصة فى التسعينيات حيث كانت تمثل أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا تصوير الأغانى عالمياً مثل أغنياته «Black or White» و«Scream»، وما ضاعف نجاح كليباته هو احتواؤها على البعد الإنسانى والرموز الفلسفية مثل أغنية «Earth» وأيضاً «Black or White» و«They dont care about us»، وما رسخ إعجاب جمهوره بحسه الإنسانى هو إنشاؤه لمؤسسة خيرية خاصة تدعم نحو 39 مؤسسة خيرية مستقلة. أيضاً برزت مواقفه الإنسانية عقب هجمات 11 سبتمبر حين أعلن أنه سيتحمل عبء مساعدة عائلات ضحايا الهجمات، وبدأ فى أكتوبر 2001 دعوة زملائه لمشاركته فى إصدار أغنية «What more we can give» يخصص عائدها لضحايا الهجمات، كما أعلن عام 2005 عن تسجيله أغنية يعود ريعها لضحايا إعصار كاترينا، إلا أن مشواره شهد تقلباً خطيراً عام 1997 حين أصدر ألبوم «Blood on the dance floor»، فلم تصل مبيعاته إلى مليون نسخة، وشكل الألبوم صدمة كبرى ل«جاكسون» الذى اعتاد النجاح المدوى منذ صغره. ومن فشل الألبوم إلى فشل آخر لألبومه «Invisible» 2002، ما دفعه لتعيين محامياً ليرفع قضية على شركة «سونى» يتهمها بأنها كانت وراء قلة مبيعات الألبوم، وهو ما دفعه أيضاً للهجوم الغريب على صناعة الموسيقى فى هوليوود بعد كل ما حققه من نجاح مدو ردا على منتقديه قائلاً: «إنها تعامل المغنيين السود بشكل أقل من البيض!». تعثر مشواره بشكل كبير، منذ قضية التحرش الجنسى بالأطفال عام 2003 التى أنقصت قدراً كبيراً من شعبيته، ووضعته فى جو نفسى سيئ وملاحقاً من وسائل الإعلام كمتهم لا كنجم، والتى انتهت ببراءته لعدم كفاية الأدلة، وبعد تنازل أسرة الطفل الذى اتهمه بالاعتداء عليه عن الدعوى مقابل 20 مليون دولار. تزوج «جاكسون» من «ليزا مارى» ابنة أسطورة الغناء الراحل «ألفيس بريسلى» عام 1994 فى زيجة قصيرة لم تستمر سوى 18 شهراً، إلى أن تزوج بممرضة تدعى «ديبورا روى» عام 1996، وأنجب منها طفلين هما «مايكل جوزيف جاكسون جونيور» المعروف باسم «برينس مايكل» – 12 عاماً – و«باريس كاترين» – 11 عاماً – إلا أنه انفصل عنها عام 1999. أنجب «جاكسون» طفلاً ثالثاً من علاقة غير شرعية سماه «برينس مايكل الثانى» وشهرته «بلانكيت». وبقدر ما سحر «جاكسون» العالم بفنه، دهشه أيضاً بسلوكياته الغريبة، التى كان أكثرها صدمة تغييره للون بشرته وإجرائه لعدة عمليات تجميل.