تطورت الوسائل التقنية التى تساعد الطبيب على تشخيص الداء ومن ثم الدواء.. وهذا من فضل الله وأمام هذا التطور- كُنا نأمل أن يستمر لقب «الحكيم»- مُقترنًا بالطبيب.. فقد أصبحت العملية- آلية- بل إن الطبيب المعالج لم يعُد ينظر للمريض.. وفى ثوان معدودة.. تبدأ المسيرة.. تحاليل.. أشعة.. رسم قلب.. وقديمًا لم تكن هناك هذه الوسائل المساعدة.. وكان هناك أطباء حكماء نقرأ عنهم الآن مثل على باشا إبراهيم ونجيب محفوظ «الطبيب» وغيرهما؟- عليهم رحمة الله- كل من يكتب عنهم يتغنى بفضائلهم.. وكيف كانوا حكماء أدباء؟! ولهذا لم يكن مُستغربًا أن يكون مقر نقابة الأطباء مُلقبًا - بدار الحكمة- ومع مرور الوقت وغلاء المعيشة - رحلت الحكمة للأبد وهجر - لقب الحكيم - للطبيب.. بالتبعية.. وصارت المنظومة كلها تجارية بحتة والفقراء يمتنعون؟! وصار ل قسم أبقراط.. تفاسير جديدة عصرية؟! وأمام كل هذا عاد السعى مجددًا لتذكرة داوود.. للتداوى بالأعشاب؟ وأهم من كل هذا وذاك الطب النبوى.. وليعتصم المريض الفقير بالمولى عز بوجل لأنه نعم المولى ونعم النصير آملاً الشفاء من السماء بعد أن عز الشفاء من أهل الأرض.. وذلك بعد أن تحول الطب والعلاج لتجارة واستثمار؟! وأمام كل هذا فنحن نود يومًا أن يعود «الحكيم».. وأن تكون دار الحكمة اسمًا على مُسمى وأن يُطبق قسم أبقراط.. ولا يفسر تفسيرًا عصريًا!! وأختتم بقصة من عبق الماضى وردت فى كتاب - «إحياء علوم الدين» للغزالى: (حُكى أن بعض الناس شكا إلى طبيب عُقم امرأته وأنها لاتلد.. فجس الطبيب نبضها وقال: لا حاجة لكِ إلى دواء الولادة، فإنكِ ستموتين إلى أربعين يومًا.. وقد دل النبض عليه؟! فاستشعرت المرأة الخوف العظيم وتنغص عليها عيشها وبقيت لا تأكل ولا تشرب حتى انقضت المدة ولم تمت؟.. فجاء زوجها إلى الطبيب وقال له: لم تمتْ؟! فقال الطبيب: قد علمت ذلك ولكنها ستلد بإذن الله، فقال الزوج: كيف ذاك؟! - فقال الطبيب: رأيتها سمينة وقد انعقد الشحم على فم رحمها، فعلمت أنها لا تهزل - أى ينخفضْ وزنها- إلا بخوف الموت! فخوفتها بذلك حتى هزلت وزال المانع من الولادة؟! تلك كانت الحكمة.. وذلك كان الحكيم.. يا ترى لو كان الأمر كذلك فى أيامنا هذه فماذا سيقول الطبيب؟ وما هو الداء؟.. وما هو الدواء؟ وهل يُأمل للمريض شفاء. أحمد محمود سلام محامى - بنها - قليوبية