هل يمكن لطبيب أن يكون في كامل وعيه وتركيزه ويقوم بالكشف علي المرضي في عيادته الخاصة إلي ما بعد صلاة الفجر!. ويزداد التعجب إذا كان هذا الطبيب متخصصا في جزء مهم وحساس يتعلق بالمخ والأعصاب..!. لقد طلبت موعدا عند أحد أطباء المخ والأعصاب فأخبرتني الممرضة أن موعد رؤية الطبيب لن يكون قبل صلاة الفجر وأن طابور الحجوزات طويل ولن يتمكن الطبيب من رؤية المرضي جميعا في نفس اليوم وأن بعضهم سوف يعود في اليوم التالي. وسألت الممرضة وكم ساعة في اليوم يعمل هذا الطبيب، وببساطة أجابت إنه يأتي إلي هذه العيادة في العاشرة مساء ولا ينصرف منها قبل الثامنة صباح اليوم التالي، وقبل أن يأتي يكون قد ذهب إلي عيادته الأخري في منطقة مختلفة..! وهو أمر عجيب حقا مقلق ويدعونا إلي عدم الثقة في فحوصات وتقارير بعض الأطباء وما يصفون من أدوية وعلاج. فكيف يمكن الثقة في أحكام طبيب يقضي كل هذه الساعات في رؤية المرضي والتركيز معهم وعلاجهم، ألا يستحق جسده بعض الراحة لاستجماع قواه العقلية واراحة خلايا المخ. اننا لهذا نشكو من أن بعض الأطباء يصفون الأدوية الخاطئة وبعضهم يطلب الكثير من التحاليل والأشعة لأنه لا يجد الوقت للاستماع إلي المريض والتعرف علي أعراض المرض وتاريخه ويفضل الاعتماد علي نتائج التحاليل فقط التي في أحيان كثيرة قد تكون أيضا خاطئة..! ان العلاج بهذا الشكل لا علاقة له بالطب وأساليبه العلمية بقدر ما أصبح بحثا عن الربح والثراء دون اهتمام حقيقي بالرسالة الانسانية لمهنة الطب. والذين سافروا للعلاج في الخارج يعرفون أن هناك واقعا مغايرا لكيفية التعامل مع المرضي. فالطبيب هناك لا يجري فحوصات إلا لعدد محدود من المرضي يوميا يأتون في المواعيد المحددة لهم، ويقضي الطبيب مع كل مريض وقتا مناسبا يجيب فيه علي كل التساؤلات والاستفسارات ويشرح فيه فائدة كل دواء وآثاره الجانبية وجدواه الحقيقية، كما يطلع المريض علي حالته بالتفصيل ويتحمل مسئولية كل ما يقوله ويفعله. أما الحال عندنا فقد أصبح نوعا آخر من العذاب للمريض الذي عليه أن يقضي الساعات الطوال حتي يحين دوره لرؤية الطبيب الذي يقضي معه دقائق معدودة لا تشفي غليل المريض ولا تكفي لكي يعرف طبيعة مرضه ولا كيفية التعامل معه كما أنه لايوجد محاسبة أو متابعة للطبيب إن أخطأ في التشخيص أوكتب للمريض دواء خاطئا، فالناس إما لا تعرف حقوقها ولاتسعي وراءها أو أنها تستسلم للأمر الواقع من منطلق القناعة بأن أحدا لن يحاسب الطبيب إذا ما أخطأ أو حتي أساء معاملة المرضي. ويزيد من المعاناة أن معظم عيادات الاطباء غير مجهزة لاستقبال أعداد كبيرة من المرضي، وهناك مرضي لايجدون مكانا للانتظار إلا علي السلالم ولساعات طويلة خاصة هؤلاء الذين يأتون من القري والمحافظات ويفضلون الانتظار عن العودة مرة أخري. اننا نأمل أن يكون هناك تدخل من نقابة الاطباء في تحديد ساعات عمل كل عيادة، وأن يكون هناك رقابة علي العيادات التي لا توفر الراحة والمكان المناسب للمرضي للانتظار والفحص. إنه ليثير الدهشة حقا أن بعض الاطباء يكسب الكثير والكثير ولكنه لا ينفق علي تحسين وتجميل عيادته إلا أقل القليل بحيث أصبحت هذه العيادات مثارا للتندر والسخرية. فأحد الاطباء الكبار علي سبيل المثال كان يجري إصلاحات وتجديدا لعيادته في وجود المرضي الذين لم يكف بعضهم عن السعال نتيجة لاستنشاق رائحة البويات التي تم بها دهان المكان والتي كانت رائحتها مؤذية للكثير من الحاضرين..! لقد بح صوتنا ونحن نطالب أطباءنا الكبار وشوامخ الطب في هذا البلد أن يدركوا أن عليهم جهدا كبيرا في إعادة السمعة الطيبة لمهنة الطب في بلادنا لأننا كنا ومازلنا من المؤمنين بأن مهنة الطب يمكن أن تحقق لمصر عائدات كبيرة إذا ما استطعنا تحسين مستوي الخدمات الطبية وطرق التعامل علي المرضي. فالمرضي العرب أصبحوا يفضلون دولا عربية أخري استطاعت أن تقدم لهم ما عجزنا عنه وهو ما يتمثل في عيادات ومستشفيات نظيفة وأسعار غير مبالغ فيها تسري علي المواطنين والأجانب مع أن هذه الدول لا يوجد بها أطباء في حجم وكفاءة أطباء مصر الذين ضل بعضهم عن معالم الطريق..! Sayedelbably @ hotmail.com