من أعماق أعماق قلبى أهنئ الكاتب الكبير سمير فريد لأنه اكتشف عظمة وروعة الشاعرة فاطمة ناعوت، فنجا بنفسه من الخسران المبين، وتغيرت حياته مثلما تغيرت حياتى حين سبقته إلى اكتشاف كتابها الجميل «الكتابة بالطباشير»، الذى أعجبنى جدا حتى إننى أرسلت إليها إيميلا أحييها فيه على كتابها وكتابتها، ثم عندما علمت أنها تقرض الشعر تشجعت وطالعت بعض «أعمالها» الشعرية، التى وقعت تحت يدى وقرأتها فأعجبنى جدا كتاب «الكتابة بالطباشير». قبل أن أُتهم بالتطاول على الشعر الذى «تقرمه» الأستاذة، أود تأكيد إيمانى بأن الشعر أذواق، وبناء عليه فمن البديهى ألا يرتقى إلى مستوى شعر ناعوت كاتب «تخصص فى الفرفشة» على حد نعتها لى، وهو نعت أشكرها عليه، فعلى الأقل أنا أقدم الفرفشة باختيارى، وغيرى تمنح كتاباته الفرفشة للناس رغما عنه مع أنه يظن نفسه جادا ومهموما، لذلك ليس لى إلا أن ألزم ما أحب من أشعار المتنبى والأبنودى ودرويش وأمل دنقل وعبدالصبور ومريد البرغوثى لعل الله يفتح علىّ يوما ما فتنفتح لى مغاليق شعر الأستاذة ناعوت، كما انفتحت للأستاذ سمير الذى ذكّرته ناعوت بمولانا نجيب محفوظ لمجرد أن الاثنين درسا الفلسفة، وهو أمر لو طبقت عليه قواعد علم المنطق لما كان يصح أبدا أن يغنى محمد العزبى قائلا: مش كل من ركب الفرس خيال. على أى حال، يبدو أننى أخطأت حين قررت قبل أسبوعين أن أختلف مع الأستاذة فاطمة بما ظننته منتهى الاحترام لها، معارضا ما أطلقته من حكم عام بأن «جميع المصريين يحبون سيادة الرئيس»، لأنها خلطت بذلك بين التعاطف الإنسانى النبيل الواجب فى الأزمات الشخصية، وبين ما افترضته من حب لمن يفترض طبقا للدستور أنه مسؤول عن كل ما تعيشه هذه البلاد من أزمات. يومها أحببت بحسن نية أن أفتح معها بابا للحوار حول ظاهرة العنطزة الوطنية، التى أظنها شديدة الخطورة على مستقبلنا فى هذا الكون، مستنكرا أن تقول شاعرة مثقفة إنها لا تنكر تهمة الشوفينية قائلة بالنص: «وليرمنى بها من يشاء»، فإذا بها تتهمنى بأننى أنكر عليها حبها لمصر، وإذا بالأستاذ سمير يطالبها بألا تأبه لمعارضيها الذين وصفهم بأنهم من الذين يرفعون شعار طظ فى مصر، وكنت أربأ به، وهو من هو، أن يلجأ إلى أسلوب بعض الليبراليين فى الإبلاغ عن مخالفى رأيهم بأنهم من الإخوان أو أنهم من جماعة العمى السياسى، ولا زلت أربأ بك عزيزى القارئ أن تظن أننى سأضيع من وقتك ولو ثانية أعيد فيها وأزيد لك موقفى من الإخوان، ليس لأن من المفروض أنك تعلمه، بل لأن الأجدى الآن أن تستثمر وقتك وتهرع إلى قراءة الأعمال الكاملة للأستاذة فاطمة قبل فوات الأوان. ما علينا، سأفترض أن الأستاذ سمير لا يقصدنى بل يقصد أناسا وحشين إخوانيين، ولذلك سأكتفى بدرء اتهام كاتبته المفضلة لى بأننى عزول، أسعى لمنعها من حب مصر على نهج الجملة التى استشهدت بها للزعيم مصطفى كامل «لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا»، وهو ما يجعلنى أشك فى أن تكون الأستاذة فاطمة قد قرأت الخطبة التى قال فيها المرحوم مصطفى كامل تلك الجملة، فلو قرأتها لوجدت أن أفكاره التى طرحها فى تلك الخطبة ضد أغلب ما تكتبه الأستاذة فاطمة، أرجوك راجع نص الخطبة الكامل فى كتاب الأستاذ نشأت الديهى «مصطفى كامل شاب من مصر»، الصادر مؤخرا عن كتاب الجمهورية، متمنيا أن تأذن لى بأن أدعوك وأدعو الأستاذة فاطمة لقراءة كتاب «الشمس المشرقة» للزعيم مصطفى كامل، الذى يشرح فيه مفهومه لضرورة اعتداد المصريين بأنفسهم بالأفعال والتضحيات وليس بالشعارات والكلام الخادع، داعيا كل مصرى إلى أن يقتدى باليابانيين والأتراك حتى ينصلح حال بلادنا، دون أن يقول لنا إننا أفضل من اليابانيين والأتراك مثلا وينفخ فينا روح العنطزة الكذابة التى جابتنا ورا (أعدك بأن أعرض للكتاب فى الغد بإذن الله). يا أستاذة فاطمة والله أنا يا سيدتى أحب مصر مثلك، وأرى أنها أجمل بلد فى الدنيا، تماما مثلما يرى البوركينا فاسوى أن بوركينا فاسو أجمل بلد فى الدنيا، وأظن أن الأهم عندى وعندك وعند الأستاذ سمير أن نخرج من هذه الحال التى أصبحت بوركينا فاسو فيها آخذة فى التطور أكثر منا، ولا مانع بعد ذلك أن نختلف على أى شىء بما فيه ضرورة أن يقرأ لك الإنسان قبل فوات الأوان. * يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]