رغم زيادة حرية التعبير نوعاً خلال الفترة الماضية فى مصر، فإن ذلك لم يؤثر على سرعة انتشار الشائعات، بل الأخطر نسج سيناريوهات حولها دون التأكد من جهة الشائعة ذاتها.. وخلال الأسابيع الماضية انتشرت شائعة حل مجلس الشعب ثم تبعتها سيناريوهات تم تخيلها بأن الرئيس مبارك سيتنحى عن الحكم وسيرشح نجله جمال لرئاسة الجمهورية، بل إن البعض ذهب إلى وجود خلاف داخل الأسرة «الرئاسية والحزبية معاً»، وهناك ضغوط من مجموعة جمال مبارك للضغط على الرئيس لحل المجلس، ووصل الأمر إلى أن الموقع الإلكترونى لجريدة «الشعب» أعلن أن الرئيس مبارك سيتنحى عن الحكم خلال أيام قليلة.. ووقعت ال«بى. بى. سى» من خلال إحدى خدماتها الفرعية لنشر ما ينشر فى مواقع وصحف العالم ونشر الخبر، فانتشر فى جميع الأوساط داخلياً وخارجياً. وبالطبع يغذى هذه السيناريوهات بعض الوقائع الصحيحة التى يتم تفسيرها بشكل تآمرى يُخدّم على السيناريوهات المزعومة مثل قيام أمانة تنظيم الحزب الوطنى بإجراء استطلاعات رأى حول نواب مجلس الشعب، ونشرت «المصرى اليوم» قنبلة النائب المحترم علاء الدين عبدالمنعم بوجود 77 نائباً تحت قبة البرلمان مشكوك فى عضويتهم وهو ما فسره البعض بأنه تسريب من أمانة السياسات ولا أعرف كيف تناسب ذلك مع ما تعرض له النائب عبدالمنعم من لوم وانتقادات عنيفة من نواب الوطنى.. وآخر الأحداث كان وفاة حفيد الرئيس مبارك وما تخيل البعض بعد ذلك أن ذلك الحدث يمكن أن يؤدى بالرئيس إلى التنحى.. كما جاءت زيارة أوباما لمصر ليذهب البعض بخياله إلى أن الأجواء بين مصر وأمريكا يمكن أن تقبل بالتوريث فى ذلك التوقيت. وأخيراً، تم إعلان مشروع قانون تخصيص مقاعد للمرأة وبدأ البعض يتساءل لماذا فى ذلك التوقيت ونسوا أن الحكومة أعلنت عن تقديم هذا القانون فى بداية الدورة البرلمانية وأن التعديلات الجديدة تنفيذ لنص المادة 62 من الدستور التى أقرت منذ عامين.. وأن تعديلات القانون تضمنت عبارة «فى الانتخابات القادمة».. كما أن حل مجلس الشعب مرتبط بتوافر حالة الضرورة وفقاً للدستور التى أرى أنها لم تتوافر حتى الآن. الأغرب أن د. فتحى سرور وصفوت الشريف ود. مفيد شهاب ود. محمد كمال نفوا حل المجلس ولم يصدقهم أحد.. وعندما خرج تصريح للدكتور مفيد شهاب يؤكد احتمال الحل صدقه الجميع.. وبالمناسبة فقد تحدثت مع د. شهاب فنفى ما نشر.. يبدو أن الناس فى مصر يبحثون عن الدراما.. ونسوا أن شخصية الرئيس مبارك ليست انقلابية وأن الرئيس قال فى 20 نوفمبر 2006: «سأبقى رئيساً مادام فى الصدر قلب ينبض ونفس يتردد.. لا أهتز ولا أتزعزع». .. رغم كل الصحف والفضائيات المنتشرة فى مصر وزيادة الحرية نوعاً فإننا فى مصر مازالت تنطبق علينا مقولة «بلد شائعات»!