منار- مدينة نصر: نسمع بعض الخبراء والمتخصصين يتكلمون باستخفاف عن وباء أنفلونزا الخنازير، والبعض الآخر يرعبنا منها، هل هناك مقاييس علمية نستطيع أن نقيّم من خلالها درجة الخطر القادم؟ فى الحقيقة عند ظهور وباء بفيروس جديد لا نستطيع أن نحدد بالتحديد ماذا سيحدث فى المراحل القادمة، وينبغى أن نعلم – ومن خلال الأوبئة السابقة للأنفلونزا – أن سلوك الفيروس فى بداية الوباء «الموجة الأولى» قد يتغير ويصبح أشد شراسة وضراوة فى الموجة الثانية، ففى عام 1918، 1919 بدأ الوباء خفيفاً وأخذ فى الانتشار، ثم عاد بعد ستة شهور بموجة أشد شراسة وضراوة، ونفس الوضع حدث فى وباء 1957، ولكنه لم يحدث فى وباء عام 1968 حيث ظل على الدرجة المتوسطة من الضراوة باستثناء بعض البلاد التى انتشرت فيها العدوى بشكل خطير. وهناك بعض العوامل التى تحدث تأثيرات على شراسة وخطورة الفيروس، ومسار الوباء نعتمد عليها من أجل تقيّيم خطورة الوباء القادم منها: 1- صفات وخصائص الفيروس المتحور : الوباء لا يحدث إلا بفيروس جديد تماماً فى تكوينه الجينى، وبالتالى فليس هناك خبرة للجهاز المناعى فى التعامل معه، فيبدأ الفيروس فى الانتقال والانتشاربسهولة وسرعة بين الناس، وتحدث مرحلة «جس النبض» بين الفيروس والجهاز المناعى، بعدها يبدأ الفيروس فى التحور من أجل التغلب على الجهاز المناعى الذى استطاع أن يتصدى له، ويبدأ فى اكتساب صفات جديدة قد تجعله أشد شراسة وخطورة . 2- مناعة وخصائص الأشخاص الذين تصيبهم العدوى: لا بد أن نضع فى اعتبارنا أن هناك عوامل فى الشخص المستقبل للعدوى يمكن أن تزيد أو تخفف من مضاعفات الإصابة لتأثيرها على مناعته مثل : انتشار الأمراض المزمنة مثل: السكر والربو والروماتويد والالتهاب الكبدى والفشل الكلوى وأمراض القلب والأورام، وأيضاً التعليم والثقافة التى تجعل المريض يعى ما يحدث حوله، وأيضا ًأسلوب الغذاء، ونظافة البيئة من حوله، والرعاية الطبية وسرعة رد الفعل تجاه انتشار الوباء. 3- الموجات المتتابعة من العدوى وأماكن الانتشار: المحصلة النهائية لشدة الوباء وما يمكن أن يحدثه من تأثيرات تتحدد بالتأثير الذى يحدثه من خلال موجتين أو ثلاث من العدوى، فهناك تغيرات وتحورات تحدث فى التكوين الجينى للفيروس أثناء انتقاله من بلد إلى آخر أو من قارة إلى أخرى، مما يحدث تغيرا وتطورت فى شدة الأعراض والمضاعفات الناتجة من العدوى . كما أن الشريحة العمرية التى ينتشر بينها المرض فى الموجة الأولى ونوعيتها يمكن أن تعطينا مؤشراً لمثل هذا التقييم، فمثلاً نحن نرى الآن أن العدوى تنتشر بين الشباب ومتوسطى العمر، وذلك يعطى الانطباع بأن الموجة القادمة سوف تنتشر بشكل أكبر بين الأطفال وكبار السن الذين لم تتولد لديهم مناعة من خلال العدوى التى حدثت فى الموجة الأولى، كما أن جغرافية المكان والطقس يمكن أن يساعدا على نشر العدوى مثلما يحدث انتشار للانفلونزا وقت الخريف والشتاء مع أنها موجودة طول العام. 4- الإمكانات والقدرة على المواجهة: الخطر الحقيقى من انتشار الأوبئة يتمثل فى انتشارها فى دول لا تملك الحد الأدنى من متطلبات الرعاية الصحية مثل معظم الدول الأفريقية، فليس لديها إمكانات مادية أو علمية أو تكنولوجية أو علاجية تسمح لها بمواجهة الموقف، مما يجعل نسبة الوفيات بها مرتفعة نتيجة للعدوى، فالفيروس الذى نعتبره متوسط الشراسة فى أمريكا مثلاً يمكن أن يصبح شديد الشراسة وقاتلا فى رواندا. [email protected]