لم أكن أتصور وأنا أحمل حقائبى مغادرًا مسكن الطلبة بالجامعة الأمريكية بالزمالك أن يتحول المسكن الهادئ الجميل الى منطقة موبوءة يُفرض عليها الحجر الصحى بعد أيام قليلة، ويُحبس داخله أصدقائى وزملائى وأُمنع حتى من دخوله. منذ أسبوعين انتهى فصل الربيع الدراسى بالجامعة، وتأهبت مع عشرات المصريين غيرى المقيمين فى المسكن لمغادرته لإخلائه من الطلبة تمهيدًا لقدوم الطلاب المسجلين للدراسة فى فصل الصيف، وبالفعل غادرت المسكن مع أصدقائى ظهر يوم الإثنين الموافق الأول من يونيو، وسافر العشرات الى بلادهم بين محافظات مصر المختلفة. وفوجئنا فى اليوم ذاته باختيارنا لحضور خطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى جامعة القاهرة فى الرابع من شهر يونيو الجارى، مع إتاحة الفرصة لنا للمبيت فى مسكن الزمالك ليلة الأربعاء، فعاد العشرات من مدنهم المختلفة، وأنا منهم، الى مسكن الزمالك مساء الأربعاء، وقضينا ليلتنا فيه، فى الوقت الذى كان الطلبة الأمريكان الذين حضروا للدراسة فى فصل الصيف قد استقروا بالمسكن أيضا، صحيح أننا لم نتعامل معهم مباشرة، لكننا تواجدنا فى الوقت ذاته داخل المسكن، وفى الصباح الباكر توجهنا إلى جامعة القاهرة لحضور خطاب أوباما. فى عصر الخميس الماضى غادرت المسكن ورحلت إلى مدينتى، ولم أعد إلى القاهرة إلا مساء السبت حيث قضيت ليلتى فى منزل أحد الأصدقاء فى القاهرةالجديدة، وكان الأحد التالى أول أيام الدراسة حيث قابلنا جميعًا أصدقاءنا قاطنى مسكن الزمالك فى حرم الجامعة بالقطامية، وقضينا يومًا دراسيًا كاملًا. فى صباح اليوم التالى، أخبرنى صديقى الذى أقيم فى منزله أن إحدى زميلاتنا فى مسكن الزمالك قد أرسلت له رسالة تخبره بأن السلطات قد فرضت حجرًا صحيًا على المسكن، وأن هناك حالتين مؤكدتين بأنفلونزا الخنازير فى المسكن، ووسط حالة من عدم التصديق ذهبنا إلى الجامعة وتناقلنا الأخبار، وأكد لى بعض الأصدقاء أنهم ذهبوا لمشاهدة مباراة مصر والجزائر ليلة الأحد فى مسكن الزمالك وكان كل شىء على ما يرام. وتأكد الخبر فى حوالى العاشرة صباحًا عندما أرسلت لنا إدارة الجامعة رسالة إلكترونية تؤكد الإصابتين، وتعلن إغلاق مسكن الزمالك حتى إشعار آخر، ولم تلبث الجامعة أن أعلنت تعليق الدراسة حتى الأسبوع المقبل. وفى الوقت الذى فرضت فيه الجامعة الحجر الصحى على المقيمين الحاليين بمسكن الزمالك، كان العشرات ممن تواجدوا فى المسكن حتى الخميس يتواجدون فى مدن ومحافظات مصر المختلفة، ولم يطلب منهم أحد الخضوع للكشف الطبى، ربما لأنهم لم يتعاملوا مباشرة مع الطلبة الأجانب القادمين حديثًا، المتواجدين فى مسكن الزمالك. علاء مصباح طالب بكلية الإعلام بالجامعة الأمريكية