لماذا فازت الأغلبية البرلمانية فى لبنان المعروفة بقوى «14 آذار»، ولماذا خسرت المعارضة التى يقودها حزب الله؟، وكيف سيكون واقع الحال فى خريطة القوى السياسية بعد موقعة 8 يونيو الانتخابية؟ يتفق خبراء فى الشأن اللبنانى على أن تماسك قوى «14 آذار» وتجانس خطابها وتوجيهه للداخل وليس للخارج باعتباره أهم عوامل فوزها فى تلك الانتخابات. ويقول إبراهيم غالى الخبير فى الشأن اللبنانى إن قوى «14 آذار» قدمت فى شهر مارس الماضى برنامجًا انتخابيًا موحدًا اتفقت عليه جميع قواها، فى حين أن حزب الله والتيار الوطنى الحر وحر أمل الذين يشكلون أبرز القوى فى المعارضة، لم يستطيعوا الاتفاق على برنامج انتخابى واحد وكان خطابهم موجه أكثر لخارج إيران أكثر من تركيزه على المشاكل الداخلية. وعن أبرز الأسباب وراء هزيمة المعارضة، هى تصويت المسيحيين ضد تيار عون الذى دائما يرى نفسه المدافع عن المسيحيين فى الشرق الأوسط، وفى هذا السياق يوضح غالى ل»المصرى اليوم» قائلا: «فى اتفاق الدوحة تم التوافق على تجنيب السنة والشيعة خطوط الاحتكاك فى الانتخابات البرلمانية وبالتالى أصبحت المعركة الانتخابية فى أساسها معركة مسيحية مسيحية ويحسمها الصوت المسيحى، وهذا ما فسر خسران عون دوائر مهمة ومؤثرة مثل زحلة وبيروت الأولى. ويقول نيكولا دوت بويار الخبير الفرنسى فى الشأن اللبنانى إن الزواج بين الجنرال عون وحزب الله هو زواج محير وأحدث ثورة فى أوساط مسيحيى لبنان، حيث أصبح أحد أهم زعماء المعسكر المسيحى حليفا لتشكيل إسلامى قوى متحالف مع دمشق وطهران وهو حزب الله. فى حين أن الأغلبية البرلمانية تضم قوى مارونية معروفة بخصومتها ومعارضتها للجنرال عون. وعن تأثير نتيجة الانتخابات على الوضع السياسى، والسيناريو المستقبلى لحزب الله فى التعامل مع الوضع بعد 8 يونيو، يقول غالى: «إن الديمقراطية فى لبنان بعكس دول العالم قائمة على الديمقراطية التوافقية، وليس على قاعدة الأكثرية، وهذا التوافق يستند إلى الدستور والميثاقية النابعة من ميثاق الطائف. وأوضح الخبير فى الشأن اللبنانى أن الدستور ينص على أنه لا شرعية لسلطة تخالف ميثاق «العيش المشترك»، وفى مادة أخرى ينص على أن الحكومة لابد أن تشكل من الطوائف بصورة عادلة لحين إلغاء التمثيل الطائفى، وهذا يعنى أن فوز «14 آذار» لا يعنى انفرادها بالسلطة فى لبنان. وتوقع غالى أن تعود إلى الواجهة خلال تشكيل الحكومة الجديد أزمة «الثلث الضامن أو المعطل» أثناء التى كانت تنادى بها المعارضة ويقضى بمنحها ثلث الأصوات فى الحكومة لتحول دون تمرير أى قرار يتعارض معها، وبقيت المعارضة معتصمة فى شوارع العاصمة بيروت شهورا عديدة حتى تتم الاستجابة لهذا المطلب. ويشير غالى إلى أن أحد السيناريوهات المطروحة لمواجهة هذه الأزمة هو إعطاء رئيس الدولة هذا الثلث، حتى تنزع قوى «14 آذار» هذا السلاح من يد المعارضة التى ستكون وفق هذا السيناريو فى مواجهة مع الرئيس، وربما يتحول مع تأزم الوضع الجنرال ميشال سليمان إلى إيميل لحود جديد ولكن فى مواجهة المعارضة، وذلك فى إشارة إلى الرئيس اللبنانى السابق الذى اعتبرته قوى «14 آذار» رئيسا غير شرعى وكانت ترفض تنفيذ قراراته. ويختتم غالى بقوله: «إن لبنان بعد 8 يونيو دخلت مرحلة جديدة من إدارة السلطة والشراكة فى الحكم فإنما نعود إلى المربع رقم صفر فى المواجهة السياسية بين (14 آذار) و(8 آذار)، وإما أن نشهد صيغة جديدة بشأن الديمقراطية التوافقية».