يظل المعارض فى مصر يتحدث عن الديمقراطية وأصولها حتى يقع فى اختبار جاد فتكتشف أنه أبعد ما يكون عنها، لذا لا تجد نموذجاً واقعياً فى المعارضة يمارس الديمقراطية الداخلية يمكن أن يمثل قدوة للحكومة أو لحزبها الحاكم أو للشعب، حتى أبسط قواعد الديمقراطية فى احترام حرية تداول المعلومات والرأى الآخر، غير متوافرة، والأمثلة كثيرة على ذلك، آخرها الخبر الذى نشرته زميلتنا النشيطة شيماء القرنشاوى المحررة بقسم الحوادث تحت عنوان «عامل يعتدى على نائب فى مسجد» من واقع بلاغ بقسم مركز فاقوس حمل رقم 9493 من نائب الإخوان فريد إسماعيل، يفيد بتعرضه للضرب والسب من أحد عاملى مسجد المركز، وكتبت القرنشاوى تفاصيل بلاغ النائب وعدة كلمات من رد العامل أوضح فيها أن نائب الإخوان اعتاد تقديم شكاوى كيدية فيه مما تسبب فى عقابه بخصومات متكررة من راتبه. النائب الإخوانى المعارض أرسل لرئيس التحرير مذكرة اتهم فيها زميلتنا التى ليس لها أى اتجاه سياسى ولا يفرق معها كثيراً الحزب الوطنى من الإخوان المسلمين، بأنها افترت عليه ولم تراع الأمانة الصحفية، وكأنه تقرير تم إملاؤه عليها من قبل جهات ضغط ذات مصلحة فى الإساءة لنواب الشعب، ثم استعرض النائب نشاطه فى مكافحة الفساد وشدد على أنه لن يرهبه أحد عن التصدى للفساد، وربط زمن الواقعة باستجواب كان قد قدمه قبلها بعدة أيام، وألمح إلى أن عامل المسجد مسجل خطر وتتم الاستعانة به وبخدماته عند اللزوم. أما زميله الإخوانى جمال تاج الدين، عضو مجلس نقابة المحامين السابق، فوصف خبراً نشره زميلنا أحمد الخطيب، رئيس قسم الإسلام السياسى ب«المصرى اليوم»، حول وجود سلف لدى بعض قيادات النقابة ومنهم النائب الإخوانى صبحى صالح وآخرون مثل خالد أبوكريشة، بأنه يشم فيه رائحة جهاز أمن الدولة، ثم جاء بعد ذلك المستشار رفعت السيد ليؤكد صحة كل هذه المعلومات، وكذب تاج الدين، وفى ذات الأمر اتهم النقيب السابق سامح عاشور زميلنا الخطيب أيضاً بأنه «مغرض» فى خطاب وجهه لرئيس التحرير عندما تم نشر تقارير للجهاز المركزى للمحاسبات حول أداء نقابة المحامين فى عهد عاشور، دون أن يوضح النقيب السابق الأسباب وراء هذه التهمة سابقة التجهيز «تيك اواى»، حيث يستخدمها الجميع فى هذه المواقف للهروب من الحقائق المنشورة، ولا أعرف كيف أصبح الخطيب متهماً من قبل الإخوان المسلمين وسامح عاشور المدعوم من الحزب الوطنى فى آن واحد. حتى المهندس أبوالعلا ماضى، وكيل مؤسسى حزب الوسط، الذى يلقى تعاطفاً من الكثيرين لإعلان حزبه، غضب من خبر لزميلنا محمود جاويش حول أن العاملين فى المركز الدولى للدراسات الذى يتخذه حزب الوسط مقراً له اعتادوا خلع أحذيتهم داخل المقر حفاظاً على طهارة المكان واستعدادهم الدائم للصلاة، وأوضح أنهم لا يشترطون ذلك على الضيوف، وأشار جاويش إلى أن ماضى يكتفى بالجورب أثناء سيره بالمقر، وأرسل أبوالعلا تكذيباً يحمل اتهامات من نوعية الأمن وغيره.. ورفض التعامل مع جاويش بعد ذلك بل وصل الأمر به إلى إغلاق التليفون فى وجهه. الاتهامات نفسها تتكرر بصيغ أخرى فى مؤسسات المعارضة بما فيها حزب الوفد «قلعة الليبرالية» فكان د. نعمان جمعة لا يطيق من ينتقده ويرد عليه بحملة فى الجريدة ويمنع بعض الصحفيين من دخول المقر، وهو ذات النهج الذى اتبعته مجموعة محمود أباظة بعد توليها الحكم فى حزب الوفد. إذا كان البعض يلوم على الحكومة تجاهلها الدائم لما ينشر فى الصحف، وإن كان بعض مسؤوليها يستخدمون أساليب تصل إلى حد القذارة ومحاولة «قطع أكل العيش» فى مواجهة الصحفيين فإن مصيبة المعارضة أكبر برد فعلها على ما ينشر الذى يفتقد أبسط القواعد الديمقراطية والتى اكتفوا فيها بالكلام فقط.