ارتفاع الأسهم الأمريكية في يوم متقلب بعد تحذيرات مجلس الاحتياط من التضخم والبطالة    رئيس باكستان: يمكن لروسيا لعب دور مهم لإنهاء الصدام مع الهند    113 شهيدا ومصابا في قصف إسرائيلي على مطعم غرب قطاع غزة    هدنة روسيا أحادية الجانب تدخل حيز التنفيذ    قاض أمريكي يمنع ترحيل مهاجرين إلى ليبيا دون منحهم فرصة للطعن القضائي    كوريا الشمالية تُطلق صاروخًا باليستيًا باتجاه البحر الشرقي و اليابان    "اغتيال معنوي لأبناء النادي".. كيف تعامل نجوم الزمالك مع اختيار أيمن الرمادي؟    بسبب الوزن.. عماد النحاس يستبعد نجم الأهلي من قائمة الفريق أمام المصري    محمد ياسين يكتب: وعمل إيه فينا الترند!    السفارة المصرية بالتشيك تقيم حفل استقبال رسمي للبابا تواضروس    مستشار الرئيس الفلسطيني يرد على الخلاف بين محمود عباس وشيخ الأزهر    إطلاق موقع «بوصلة» مشروع تخرج طلاب قسم الإعلام الإلكتروني ب «إعلام جنوب الوادي»    الدولار ب50.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 8-5-2025    الشرع يكشف عن إجراء مفاوضات غير مباشرة بين سوريا والاحتلال    بنك التنمية الجديد يدرس تمويل مشروعات في مصر    ارتفاع 1060 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    وزارة التموين تكشف موعد التحول للدعم النقدي    «عتاب الحبابيب قاسي».. رسالة نارية من إكرامي ل الخطيب    اللاعبات والمدير الفني والمدير الرياضي يفتحون قلوبهم ل«المصرى اليوم».. «مسار».. حكاية فريق سيطر على كرة القدم النسائية    قبل ضياع مستقبله، تطور يغير مجرى قضية واقعة اعتداء معلم على طفلة داخل مدرسة بالدقهلية    معتدل والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    نشرة حوادث القليوبية| شاب يشرع في قتل شقيقته بسبب السحر.. ونفوق 12 رأس ماشية في حريق    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالمنيا    دور العمارة الداخلية في تنشيط السياحة، رسالة ماجستير للباحثة هالة الزيات بكلية الفنون الجميلة    نقيب المحامين: زيادة رسوم التقاضي مخالفة للدستور ومجلس النواب صاحب القرار    «نصيحة أعادت زيزو إلى الزمالك».. ميدو يكشف تطورات أزمة نجم الأبيض    أسفر عن إصابة 17 شخصاً.. التفاصيل الكاملة لحادث الطريق الدائري بالسلام    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    رسميًا.. انطلاق سيارات Lynk & Co لأول مرة في مصر - أسعار وتفاصيل    بوسي شلبي ردًا على ورثة محمود عبدالعزيز: المرحوم لم يخالف الشريعة الإسلامية أو القانون    لا حاجة للتخدير.. باحثة توضح استخدامات الليزر في علاجات الأسنان المختلفة    مدير مستشفى بأسوان يكشف تفاصيل محاولة التعدي على الأطباء والتمريض - صور    واقعة تلميذ حدائق القبة.. 7 علامات شائعة قد تشير لإصابة طفلك بمرض السكري    وزير العدل الفلسطينى: نرفض أى ترتيبات تُفرض بالقوة على غزة بدون توافق فلسطينى رسمى    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    "أولياء الأمور" يشكون من جداول امتحانات الترم الثاني: تؤثر على نفسية الطلاب    بلاغ للنائب العام يتهم الفنانة جوري بكر بازدراء الأديان    تحرك جديد من المحامين بشأن أزمة الرسوم القضائية - تفاصيل    رسميًا خلال أيام.. موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 بعد قرار وزارة المالية (احسب قبضك)    سحب 116 عينة من 42 محطة وقود للتأكد من عدم «غش البنزين»    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    «لعبة الحبّار».. يقترب من النهاية    «فستانك الأبيض» تحتفظ بصدارة يوتيوب.. ومروان موسى يطيح ب«ويجز» بسبب «الرجل الذي فقد قلبه»    أحد أبطال منتخب الجودو: الحفاظ على لقب بطولة إفريقيا أصعب من تحقيقه    حدث بالفن| عزاء حماة محمد السبكي وأزمة بين أسرة محمود عبدالعزيز وطليقته    بيولي ل في الجول: الإقصاء الآسيوي كان مؤلما.. وأتحمل مسؤولية ما حدث أمام الاتحاد    خريطة العام الدراسى المقبل: يبدأ 20 سبتمبر وينتهي 11 يونيو 2026    تفاصيل اعتداء معلم على تلميذه في مدرسة نبروه وتعليم الدقهلية يتخذ قرارات عاجلة    "الرعاية الصحية": تقديم الخدمة ل 6 مليون مواطن عن منظومة التأمين الصحي الشامل    بعد تداولها على مواقع التواصل، مصدر يرد على جدل قائمة مصروفات جامعة القاهرة الأهلية    أخبار × 24 ساعة.. التموين: شوادر لتوفير الخراف الحية واللحوم بدءا من 20 مايو    صحة الشرقية تحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بالمستشفيات    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوباما يتعامل مع العبثية
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 01 - 2010

فى مقالى السابق، عن «أوبام والعبثية»، تحدثت عن «إنجاز» أوباما الحقيقى الوحيد خلال عامه الأول فى البيت الأبيض، المتمثل فى مشروع قانون التأمين الصحى فى الولايات المتحدة.. عندما كتبت المقال لم تكن نتائج انتخابات ولاية ماساشوستس قد أعلنت بعد. ولم أتوقع،
كما لم يتوقع معظم من لهم خبرة وعلم بميكانيكا السياسة الأمريكية أكثر منى بكثير، هذه النتيجة - لأن المقعد الذى فاز به الجمهوريون كان يجلس فيه - ومنذ عقود طويلة، السيناتور تيد كنيدى، شقيق الرئيس الراحل جون كنيدى، ولأن سكان ماساشوستس معروفون بميولهم اليسارية.. فى غياب تلك النتيجة الغريبة كان من المتوقع أن تتم عملية التمرير النهائى للقانون المذكور بصورة سلسة وروتينية.
أما الآن، بعد خسارة حزب أوباما للأغلبية المطلوبة لفعل ذلك، صار الحال مختلفا... فما وصفته بإنجاز أوباما ال«عظيم» الوحيد خلال عامه الأول فى السلطة ربما لن يتحقق، أو سيتحقق ولكن فى صورة منقوصة تجرده من جوهره.
لا يعنى ذلك أن أوباما لم ينجز أى شىء يذكر خلال السنة الماضية، فكما أشار فى خطابه المهم عن «حالة الاتحاد» (يوم الربعاء الماضى)، فإن سياساته الاقتصادية، كمجموعة الحوافز والدعائم التى قدمها للبنوك والشركات فى سبيل إنعاش الاقتصاد، ربما كان لها دور كبير فى إنقاذ اقتصاد الولايات المتحدة (والعالم) من الانهيار تجاه كساد عظيم يشبه الذى تبلور فى عقد الثلاثينيات.
مع ذلك، فما زالت تداعيات الأزمة التى تسبب فيها حكم الجمهوريين خلال الثمانى سنوات الماضية تطحن الفرد الأمريكى؛ فواحد من بين كل عشرة أمريكيين يجد نفسه حاليا بدون عمل، والكثيرون يجدون أنفسهم بدون مسكن دائم.
فى هذه الحالة تدفع النزعات القبائلية الشعوب للانقلاب ضد الحاكم، حتى إذا كان ليس هو المسؤول الأول عن الأوضاع السيئة السائدة. وفى هذه الحالة أيضا يمكن للحاكم أن يبعد شحنة الغضب القاتلة تلك عن نفسه عن طريق إعادة توجيهها نحو «أعداء» آخرين - حقيقيين أو وهميين، فى الداخل أو فى الخارج - قد يقول إنهم السبب فى المأساة التى يعيشها شعبه. والكل فى العالم العربى، ومصر بالذات يعرف هذا ال«تكتيك»، لأننا منغمسون فى تداعياته منذ أكثر من نصف قرن الآن..
وفى الولايات المتحدة استخدم الجمهوريون هذا التكتيك ببراعة، ومن بين من تألق فعلا فيه أخيرا كان الرئيس السابق بوش بحربه على الإرهاب والمرشحة لنائب الرئيس سارة بالين، بحربها الشعبوية على النخب الاجتماعية والثقافية الأمريكية - فهذا النوع من النهج العبثى ليس مقصورا على منطقتنا المنكوبة.
وقد تبين من خلال خطاب «حالة الاتحاد» أن أوباما نفسه ليس فوق مستوى استخدام مثل هذا السلوب لإرضاء الجماهير الغاضبة، فقد تكلم عن محاسبة البنوك الكبرى وتقليص سيطرة الشركات العملاقة واللوبيات السياسية فى واشنطن، ووعد بأن يعمل على أن تكون الحكومة هناك على المستوى الأخلاقى الذى يستحقه الشعب الأمريكى، وكأن ال«شعب» ليس من بينه أحد يفتقد الأخلاقيات التى يتكلم عنها، أو أن الانهيار الاقتصادى كان فقط من فعل حماقة الحكومة والبنوك والشركات الكبرى - أو «رأس المال المستغل» على حسب تعبير قادة حركة يوليو- ولم يكن أيضا نتيجة إدمان جزء كبير من الشعب للإسراف فى الاستهلاك والاقتراض غير المسؤول فى سبيل ال«منظرة».
مع ذلك، على عكس ما تعود فعله قادة شعبويون آخرون، داخل الولايات المتحدة وخارجها، فخطاب أوباما كان دقيقا ومتزنا وعقلانيا فى نهجه. فتكلم أكثر بكثير عما سيقدمه للشركات والبنوك الصغيرة (من دعم ضرائبى مثلا) عما سيفعله لمعاقبة «رأس المال المستغل». وتكلم بالتفصيل عن دعم التعليم كأساس لاستمرار ريادة الولايات المتحدة بين الدول، لأنه يعرف أن التعليم والتنمية هما أهم الركائز الأساسية التى تمكن الدول من النهوض والريادة - وليست الخطابة وال«زعامة» وحدها هى التى تفعل ذلك.
وأشار فى سياق متصل إلى أنه يريد نهضة اقتصادية حقيقية، نهضة مختلفة عن التى شاهدتها الولايات المتحدة فى فترة ما قبل الانهيار الأخير، التى كانت المؤشرات العامة تدل خلالها على نمو اقتصادى مبهر لم يشعر به الجزء الأكبر من الناس.
أعتقد أن فى هذه الملاحظة الأخيرة عبرة يمكن أن يأخذ بها السياسيون عندنا؛ ويمكن أن يأخذون فى الاعتبار أيضا كلامه عن الحفاظ على البيئة والنمو المنظم، لأن التنمية لا يجب أن تعنى التلوث والفوضى والعشوائية، فما فائدة التقدم المادى إذا نتجت عنه بيئة ليست صالحة للحياة الآدمية؟
لم يتكلم أوباما عن الشرق الأوسط والعالم الإسلامى إلا من خلال وعده بسحب آخر القوات الأمريكية المقاتلة من العراق فى آخر شهر أغسطس المقبل، ومن خلال كلامه عن دعم البحث العلمى فى العالم الإسلامى، ومن خلال تحذيره، أو «وعده»، لقادة إيران بأنهم سيجنون حصاد «تجاهلهم لالتزاماتهم».
ولم يتطرق على الإطلاق، خلال خطابه المطول، للمشكلة الفلسطينية ولم يشر (ولو بطريقة عابرة) للعالم العربى... لعل فى ذلك دليلاً على أن هذا الطالب النابغ، الذى تعلم فى أحسن جامعات أمريكا من خلال حصوله على المنح الدراسية، قد فهم أخيرا أنه إذا كانت العبثية داخل المجتمع الأمريكى يمكن التعامل معها بسهولة نسبية فإن العبثية المتفشية فى منطقتنا، كما أشرت فى المقال السابق، أعقد بكثير، وأنها تحتاج لزمن طويل لاستيعاب تفاصيلها والتعامل معها، وأنه حتى ذلك الحين ربما من الأفضل تجاهلها بالكامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.