لطلاب الثانوية العامة والأزهرية.. شروط قبول بالأكاديمية العسكرية المصرية (إنفوجراف)    المجلس الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيصًا جديدًا لمواقع إلكترونية    تراجع سعر الذهب في مصر بقيمة 30 جنيهاً    «المشاط» تدعو الشركات السويسرية لزيادة استثماراتها في مصر    بدء التشغيل الكلي لمجمع المواقف الجديد في بني سويف    «جمال الدين» يستعرض إمكانات «اقتصادية قناة السويس» أمام مجتمع الأعمال بمقاطعة تشجيانغ    الاتحاد الفلسطيني يعلن استشهاد اللاعبين أحمد على صلاح وعماد حواجرى    قبل 150 يومًا من انطلاق "كان 2025".. الفراعنة ملوك الأرقام القياسية    ريبيرو يعقد محاضرة للاعبى الأهلي لمناقشة الجوانب الخططية بمعسكر تونس    ليفربول يجهز عرضًا قياسيًا لضم ألكسندر إيزاك من نيوكاسل    صفقات ليفربول للموسم الجديد.. 5 لاعبين ب 375 مليون يورو    «مش زي غيره».. تعليق ناري من الغندور بعد رسالة مصطفي شلبي    السيطرة على حريق في مخلفات بسطح عقار بالقليوبية    تحذير من موجة شديدة الحرارة.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس    فرقة العريش للفنون الشعبية تشارك في الدورة ال39 لمهرجان جرش    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    نتيجة الثانوية الأزهرية بمحافظة كفر الشيخ.. رابط مباشر    إنقاذ سيدة من محاولة إنهاء حياتها في حي كيمان فارس بالفيوم    كشف ملابسات مشاجرة فى القاهرة وإصابة أحد الأشخاص    رئيس حزب إرادة جيل: موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية تعكسه الأفعال .. وجهودها في رفع المعاناة عن أهالي غزة لم تتوقف    انفجار لغم يشعل صراعا بين كمبوديا وتايلاند.. اشتباكات حدودية وغارات جوية    تقرير جنوب إفريقي: لا نية ل صنداونز لبيع ريبيرو إلى بيراميدز.. والوجهة المفضلة    «خدمة المجتمع» بجامعة القاهرة يناقش التكامل بين الدور الأكاديمى والمجتمعى والبيئي    أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 24 يوليو 2025 بأسواق المنوفية    وزير الري يتابع جاهزية المنظومة المائية خلال موسم أقصى الاحتياجات    تحليل رقمي.. كيف زاد عدد متابعي وسام أبو علي مليونا رغم حملة إلغاء متابعته؟    القليوبية تُطلق حملة مراكز شباب آمنة للوقاية من حوادث الغرق    200 منزل تحت التطوير في نزلة عطية.. ومحافظ أسيوط: نسعى لبيئة سكنية آمنة للمواطنين – صور    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    "مدبولي" يؤكد أهمية بناء الوعي في تشييد حائط صد ضد نمو الشائعات    "الجبهة الوطنية" يعقد أول لقاء جماهيري بالإسماعيلية لدعم مرشحته داليا سعد في انتخابات الشيوخ    بيان مشترك: مصر ودول عربية وإسلامية تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على الإعلان الداعي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة    جهود قطاع أمن المنافذ بالداخلية خلال 24 ساعة لمواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم لتحقيق أرباح غير مشروعة    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    3 أفلام ل محمد حفظي ضمن الاختيارات الرسمية للدورة ال 82 لمهرجان فينيسيا (تفاصيل)    «سعد كان خاين وعبد الناصر فاشل».. عمرو أديب يرد على منتقدي ثورة 23 يوليو: "بلد غريبة فعلا"    نقابة المهن السينمائية تشيد بمسلسل "فات الميعاد"    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    عمرو الورداني: النجاح ليس ورقة نتيجة بل رحلة ممتدة نحو الفلاح الحقيقي    لو لقيت حاجة اقعدها وقت قد ايه لحين التصرف لنفسي فيها؟.. أمين الفتوى يجيب    علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}    713 ألف خدمة طبية قدمتها مبادرة «100 يوم صحة» خلال أسبوعها الأول في القليوبية    "السبكي" يبحث مع "Abbott" نقل أحدث تقنيات علاج أمراض القلب    لماذا يستيقظ كبار السن مبكرا؟ إليك ما يقوله العلم    مصادر: سول تقترح استثمارات تتجاوز 100 مليار دولار بأمريكا في إطار محادثات الرسوم الجمركية    «تطوير التعليم بالوزراء» وأكاديمية الفنون يطلقان مبادرة لاكتشاف وتحويل المواهب إلى مسارات مهنية    تفاصيل عملية دهس قرب بيت ليد.. تسعة مصابين واستنفار إسرائيلي واسع    غدا.. تامر حسني والشامي يشعلان ثاني حفلات مهرجان العلمين    الدفاع الجوي الروسي يدمر 39 مسيرة أوكرانية    من اكتئاب الشتاء إلى حرارة الصيف.. ما السر في تفضيل بعض الأشخاص لفصل عن الآخر؟    مدنية الأحكام وتفاعلها مجتمعيًّا وسياسيًّا    حكايات| «عودة الروح».. لوحات تشبه الموسيقى الصامتة    إيران تحذر مدمرة أميركية في خليج عمان.. والبنتاغون يرد    أعراض برد الصيف وأسبابه ومخاطره وطرق الوقاية منه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نتحرك فى عالم يزداد ضيقاً؟
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 09 - 2010

لا أحب الكلام عن صراع الحضارات، ولا أعتقد أنه يمكن أن يوجد مثل هذه الأشياء إلا إذا استدعتها الأطراف، فالصراعات ليست أشياء واقعية توجد فى العالم المادى، إنما يخلقها الإنسان.. فالحضارة، ومعنى ووظيفة الثقافة أو الدين فيها أشياء يقررها المرء.
مع ذلك، فى الوقت الراهن يبدو أن الفجوة التصورية بين أجزاء العالم ذات الغالبية المسلمة والأخرى الغربية باتت عميقة ومتسعة بشكل كاف، حتى يمكن الكلام عن صدام قادم بينهما، فيبدو أن هناك أغلبية لدى الطرفين ترفض (أو تعجز عن) التلاقى مع الطرف الآخر، ذلك نتيجة الانطواء على الذات والتحامل تجاه الآخر وقلة المعرفة وعدم الإيمان بالحوار.
الأدلة على وجود هذا النوع من الاستقطاب المؤدى للاحتكاك الهدام موجودة منذ حين، لكنها تطفو على السطح شيئاً فشيئاً مع الزمن.. فى السنة الماضية فقط، كانت هناك مثلا المشاكل المثارة فى سياق قرار منع المآذن فى سويسرا والجدل المتعلق بعملية منع النقاب فى عدة دول أوروبية، لاسيما فى فرنسا، ثم أخيراً انتقل الجدل الحاد إلى الولايات المتحدة، فتمثل فى موضوع بناء مسجد ومركز ثقافى إسلامى قريب من المنطقة التى كان يقع فيها برجا مركز التجارة العالمى قبل تدميرهما فى عمليات 11 سبتمبر 2001.. ثم موضوع حرق المصحف، الذى تبناه راهب مغمور بولاية فلوريدا. ثم جاءت انتخابات الحزب الجمهورى الأولية، والتى أسفرت عن تقدم ملحوظ وغير متوقع لأطراف متطرفة تنتمى إلى مجموعة «حفلات الشاى» السياسية، وهى جماعة من المتشددين غير النمطيين، الذين لا تخلو خطاباتهم دائما من العنصرية الصريحة، خاصة تجاه أوباما والعالم الإسلامى – ومعظم هؤلاء يعتقدون أن أوباما جزء من العالم الإسلامى.
فى الجانب الآخر، أى فى العالم العربى والإسلامى، نجد موجات متكررة من التعصب المتزايد ورفض الاتصال بالعالم الخارجى، بالذات مع الغرب، والتلاقى معه، ما عدا - ربما - استيراد قشور حضارته من سلع وتكنولوجيا وبعض «التقاليع».. بالإضافة، لتفشى، وبطريقة مخيفة فعلاً، الأفكار الوحدوية المتحجرة، الرافضة للآخر والمؤدية للفتنة وعدم الاستقرار داخل المجتمع، والتى تؤدى فى النهاية إلى الريبة المستديمة من العدو الداخلى والخارجى، المتخيل منه والحقيقى.
هذه الأفكار تزدهر بالذات فى الأوقات العصيبة. الأوقات التى يزداد خلالها إحساس الإنسان بعدم الأمان. وهذا هو ما يسيطر نفسيا على الجانبين، فالعالمان الإسلامى والعربى مكتظان منذ فترة بمشاكل التخلف والفقر والجهل والطغيان المفزع، وعدم وجود أفق واضح لنهاية المأساة التى ينغمس فى عمقها أفراده.. والعالم الغربى أيضاً يجد نفسه منغمسا فى مشاكل عميقة، فبالإضافة لمعضلات فقدان الهوية والمعنى التى صاحبت انهيار القيم والأفكار التقليدية فيه مع مطلع العصر الحديث، هناك مآزق اقتصادية طاحنة لا يبدو فى الأفق لها حلول سريعة.
كل هذه المعطيات تشير لوجود أخطار مستقبلية.. ويمكن استدراك عمق تلك المعضلات، كما هو الحال فى كثير من الأحيان، من قراءة التاريخ.. هناك كتاب مهم للباحث الأكاديمى الفرنسى «جاك سيميلان»، صدر مؤخراً باللغة الإنجليزية، ويمكن ترجمة عنوانه للعربية ل«التنقية والتدمير». موضوع الكتاب هو الأصول الفكرية للنزعات المذبحية لدى الإنسان، أى الحروب التى لا يكون فقط الغرض منها هو هزيمة الخصم بل إن الهدف الأساسى منها هو التمثيل به وإبادته.
خلاصة تحليل سيميلان، المطول والعميق، هى أن الظروف الملائمة لكى يمكن أن تتبلور مثل هذه المآسى، تتجسد فى 1- المصاعب الاقتصادية والتخبط الإجماعى والشعور العام باليأس، 2- وجود أسس أيديولوجية وفكرية يمكن أن يستمد منها قاده شعبويون عملية تعبئة المشاعر تجاه الآخر، ثم 3- أن يتمكن هؤلاء القادة من إعادة توجيه مسار الغضب تجاه عدو خارجى أو داخلى.. فى مثل هذه الظروف فإن الصراع الذى يفرضه القائد الشعبوى على شعبه ينتج عنه الإحساس العام بالنشوة النابع من أن تصفية تتضمن عملية لإعادة بناء الذات المبنية على الانتصار على الآخر المسبب لانهيار الامة وبؤسها، لأن القادة السياسيين والعسكريين والثقافيين «المصارعين» يقولون إن سبب الانهيار والفشل داخل الأمة كان دائما هو وجود هذا العدو المختلف الخبيث، وأن التخلص منه، أو على الأقل الصراع معه ومقاومته، سيقود إلى النهضة والتطهير وإعادة البناء والصعود والنمو.
هكذا يتحول الصراع السطحى إلى شىء حتمى، حتى فى غياب وجود تهديد مباشر، لأن الصراع نفسه هو الذى يؤدى فى هذا السياق إلى الخلاص، وهذا ما يطلبه الناس فى الظروف الصعبة.. لكن للأسف ما يصيب كل طرف فى النهاية هو الهلاك الناتج عن تلك الدوامة الفكرية الصراعية المغلقة.
ولأننا، أى العرب والمسلمين، نشكل حالياً الطرف الأضعف فى هذه المعادلة، فالمسؤولية تقع علينا بالذات لتفادى مثل هذه الصراعات العبثية.. وذلك يتطلب بناء مجتمعات منفتحة وقوية، تتقبل التعددية داخليا وخارجيا.. فالعالم يتيح لنا - حتى الآن - الفرصة الفعلية لفعل ذلك، وربما قد لا يتيحها لنا فى المستقبل، فى ظل صراع شامل، يمتنع فيه الآخر عن حتى تصدير التكنولوجيا والسلع اليومية البسيطة إلينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.