سرطان الثدى وحش يمكن ترويضه

كان المؤتمر الدولى الثانى لأورام الثدى، الذى انتهت فعالياته، أمس، فرصة لكل المهتمين بهذا الموضوع المهم، سواء من الأطباء أو الإعلاميين أو المرضى، وتأتى أهمية أورام الثدى من كونها أكثر الأورام انتشاراً بين النساء ولأنها أيضاً الأكثر نجاحاً فى العلاج، إذ تعدت نسبة الشفاء من أورام الثدى نسبة ال95% وهى نسبة عظيمة مقارنة بالسرطانات الأخرى، وهذا يعنى أنه وحش يمكن ترويضه، ولكن إمكانية هذا الترويض تتحقق بشرط واحد وهو الكشف المبكر.
أهم عبارة تكررت فى المؤتمر ونبهنى إليها د. هشام الغزالى، سكرتير ودينامو المؤتمر، أستاذ علاج الأورام بطب عين شمس، هى «الكشف المبكر»، وبرغم أن المؤتمر استضاف أكبر وأهم أطباء علاج الأورام فى العالم وعلى رأسهم البلجيكية مارتين بيكار التى تضع بروتوكول علاج سرطان الثدى لكل أوروبا،
وبرغم طرح موضوعات على قدر كبير من الأهمية مثل الخريطة الجينية والعلاج الموجه فإن كلمة الكشف المبكر كانت هى كلمة السر ومفتاح النجاح وشفرة النصر!، فقد رددها كل هؤلاء الأطباء الكبار فى جميع محاضراتهم ومناقشاتهم، وكلما نجحوا فى تحقيقها اقتربت نسبة الشفاء من 100%.
التدريب على الكشف المبكر لابد أن يكون رسالة إعلامية ملحة على جميع القنوات، ولابد أن نلقى الضوء على دور «الماموجرام» أو جهاز الأشعة الذى وفرته وزارة الصحة فى عرباتها بالمجان، لابد لكل سيدة تجاوزت الأربعين أن تبدأ هذا الفحص، ومن لديها تاريخ عائلى للمرض لابد أن تبدأ قبل ذلك، وخطوات الفحص الذاتى البسيطة جداً لابد أن تكون فى قاموس كل امرأة،
وقد أعجبنى فيلم رسوم متحركة عن الفحص الذاتى عرضته إحدى الشركات الراعية للمؤتمر، والذى أرجو أن يكون بداية جادة لاشتراك وإسهام شركات الأدوية فى نشر الثقافة الصحية وليس الإعلان عن أدويتها فقط وهى خطوة محمودة فى هذا المجال.
مفهوم البتر فى جراحات سرطان الثدى عفا عليه الزمن وتجاوزه العلم، ومن أهم الموضوعات التى جذبتنى ما عرضه أشهر جراح لتجميل الثدى فى العالم عن تجميل الثدى بعد جراحة السرطان مع الاحتفاظ بشكله الطبيعى لدرجة الاحتفاظ بالحلمة.
الأهم من الجراحة هو دلالتها وتغير الفكر المسيطر على الجراحات والاهتمام بالحالة النفسية للمرأة وأنوثتها وشكلها وثقتها بنفسها، فبدلاً من وضع القطن والمخدة.. إلخ، هناك حل بديل يفكر فى العلاج، لا البتر.
سرطان الثدى يستحق أن تكون مكافحته والسيطرة عليه واكتشافه المبكر مشروعاً قومياً لوزارة الصحة ولوزارة الإعلام أيضاً.