الكورة فى العالم يحكمها منطق الطفولة فقط ولا أكثر، ودائماً فى سلوكيات الأطفال نجد ردود فعل غير متوقعة وغريبة وعنيفة ويندس بها الكثير من الأفخاخ. فى كرة القدم اللاعب طفل.. والجمهور طفل أكبر.. والنتيجة هى أن تفوز مصر وهى كل ما نتمناه.. أن يرقص الطفل بداخلنا.. أن نتمايل (كره الفرْح) فى ضحكاتنا.. أن نتحول مع كل هدف مصرى.. إلى طفل نجح فى الابتدائية. أعتذر لك يا صديقى الأمين، أ.مجدى الجلاد، عن ورودك.. لن نقدّمها.. ولن نحمل وردة ولا دبدوباً لمنتخب الجزائر.. سنحمل فى صدورنا حُبْ للشعب الجزائرى أما فى داخل المباراة لا يعنينا سوى فوز مِصْر.. استحضرتنى عبارة شديدة الغرابة والأهمية حين ناقش الصديق المحترم، أ.وائل الإبراشى «فى الحقيقة» الإخوة الجزائريين وكانت له الأسبقية والمصداقية أيضاً حين كان يحاور رابح سعدان.. وسأله.. «لماذا تُريدون الفوز بالذات على مصر». فكانت الإجابة «نحن نُريد أن نفوز على البطل»!!!! (يقصد مصر)... ومن قال له أصلاً إنه من المفروض أو الجائز أن ينهزم البطل؟ أو أن نفرح بأن الشعبين شقيقان.. أو أنه إذا فازت الجزائر (لا قدر الله) سنصّفق وهى فى النهاية.. لعبة.. نعم هى لعبة... ولكن بمفهوم الطفولة المهم الخطير، المزعج.. الكائن فى هذه اللعبة بالذات وهى كرة القدم. الطفولة هنا ليست البراءة.. أو النسيان ولكن.. تظل الهزيمة بها وكأنّها.. عُقْدة.. من الصعب التخلصّ منها فى النضج.. وتبقى فى ذاكرة العمر.. الهزيمة قاسية جداً جداً عند الأطفال. مثلاً.. إذا دخلت فى لعبة مع أخى (الآن) وانتصر.. وأذاقنى مرارة الهزيمة (فبمنطق الطفولة).. أى آخر.. سيأتى ويلعب معه.. سأتمنى الهزيمة لأخى ليس لأنى (شريرة).. ولكن لأنّه أهدى لى.. الخسارة.. وانكسار الفوز... وليس من المعقول أن أصفّق له أيضاً حين يفوز.. لأنى هنا طفلة ألعب.. وهكذا هى كرة القدم.. منطق الطفولة هو السائد والسيد.. وكل الأشياء تقريباً (أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب)، إلا فى كرة القدم.. وإذا لا قدّر الله مليون مرة كسبت الجزائر سأشجع البرازيل... أو فرنسا.. ليس هذا انتقاصاً من عروبتى.. أبداً.. ولكن.. لأننا جماهير مشجعى مِصْر سنشعر وقتها بأننا سقطنا فى الابتدائية (بمنطق الطفولة).. فكيف نصفق ونهدى وروداً... ولأنى طفلة.. من ملايين الأطفال (الجمهور)... فأنا.. فى باريس الآن.. لأشترك فى معرض الخريف.. لكونى فنانة تشكيلية.. كل خوفى أن يقوم الجزائريون من حولى.. هنا باختطافى.. أو قتلى.. لو قرأوا.. مقالى هذا.. فأرجوك يا صديقى مجدى الجلاد اطمئن علىّ بعد المباراة.. وأرجو أن تهدى لى وردة فقط حين أصل بالسلامة لمصر.. وأنا سأهديها لمنتخب مِصْر.. ليحملوها معهم فى الطائرة.. للمونديال.. إنشاء الله.