كان لبعثته إلى العراق مع تسعة من رفاقه فى أعقاب الحرب بين اليمن والسعودية عام 1934 عظيم الأثر فى تشكل وعيه الثورى، ولعل ما عزز إحساسه بضرورة التغيير فى اليمن دراسته العسكرية المتخصصة فى العراق، وقد تأمل جميعهم ما وصلت له الأوضاع فى اليمن، وأحال جميعهم السبب إلى النهج (الإمامى) فى الحكم، وأثناء مدة دراستهم التى امتدت لعامين ونصف العام وعلى أثر تنامى وعيهم السياسى بأبعاد الأزمة اليمنية وجذورها، فضلاً عما اكتسبوه من خبرة عسكرية، عقدوا العزم على ضرورة التغيير كخيار وحيد، فلما عادوا إلى اليمن سارعوا بالانضمام لحركة اليمنيين الأحرار وانخرطوا فى العمل الوطنى الساعى للتغيير وكان السلال أحد القادة العسكريين لثورة فبراير 1948 التى أطاحت بالإمام يحيى حميد الدين، غير أن هذه الثورة باءت بالفشل وتم إعدام عدد كبير من قادتها واعتقل الآخرون وكان من بينهم السلال الذى قضى سبع سنوات فى سجن حجة وعلى إثر فشل حركة 1955خرج السلال من المعتقل وتنقل بين عدة مواقع كان آخرها قائداً لحرس ولى العهد، محمد البدر، غير أن هذا لم يحل دون مواصلة نشاطه السرى مع من تبقى من الرعيل الأول لحركة الأحرار فعادوا يتدارسون من جديد إمكانية تغيير الأوضاع.. ووقع عليه اختيار الضباط ليقود ثورة 26 سبتمبر ورئاسة مجلس قيادتها فكان بذلك أول رئيس جمهورية لليمن وكان للدعم الذى قدمته مصر أكبر الأثر فى رسوخ النظام الجمهورى فى مواجهة هجمات فلول النظام (الإمامى) ثم حدثت انشقاقات فى الصف الجمهورى بدأت باستقالة الزبيرى والقاضى الإريانى والنعمان نهاية عام 1964 وتصاعد الخلاف مع السلال فاستدعاه الرئيس عبدالناصر إلى القاهرة وطلب منه البقاء فيها ومراقبة الوضع فى اليمن. لكن العام الذى قضاه السلال فى القاهرة لم يسفر عن نجاح محاولات التهدئة والتوافق بين الجمهوريين والملكيين فعاد إلى صنعاء فى عام 1966 لتحمل مسؤولياته من جديد كرئيس للجمهورية فيما غادرها الكثير من القادة الجمهوريين إلى القاهرة للتفاهم مع عبدالناصر وإبلاغه احتجاجهم على عودة السلال، لكن الحكومة المصرية احتجزتهم فى القاهرة حتى وقعت النكسة وقام عبدالناصر بسحب قواته من اليمن وأطلق القادة اليمنيين المحتجزين وبمجرد عودة أولئك القادة وفيما كان السلال يقوم بجولة خارجية تمت الإطاحة به فى مثل هذا اليوم (5 نوفمبر عام 1967) وقرر الإقامة فى القاهرة حتى وجه له الرئيس على عبدالله صالح الدعوة للعودة إلى وطنه فى 1981 حيث عاد على الفور واستقر فى صنعاء حتى وفاته فى مارس 1994.