على المستوى الشخصى والمهنى.. أُحب محمد حسام وأحترمه كثيراً وجداً.. وأشكره على إدارته للجنة حكام كرة القدم بكل هذه الشفافية والرقى والاحترام.. حتى وإن بقيت بعض التجاوزات الصغيرة مثل تجميد صرف البدلات المتأخرة للحكام والمراقبين.. أو الخلاف مع عصام عبدالفتاح، الحكم الأول فى مصر، الذى أعلن منفرداً مقاطعته للجزائر.. وأمور أخرى لن أتوقف عندها لأن هناك ما هو أخطر وأهم.. فالصورة العامة للتحكيم فى مصر الآن ليست على ما يرام.. الإعلاميون على الشاشات والصحفيون على الورق والناس فى المكاتب والمقاهى والتلاميذ فى المدارس يتندرون كل يوم بأخطاء الحكم فى كل مباراة.. فى الأهلى يقسمون أن التحكيم يحاربهم، وفى الزمالك مقتنعون بأن الحكام ضدهم، وفى الإسماعيلى يتخيلون أن القاهرة تسرق بالتحكيم طموحاتهم، وفى بورسعيد بلغ الغضب أن هتف الناس للجزائر بعد مباراة المصرى والزمالك فى القاهرة بسبب ضربة جزاء لم يتم احتسابها.. وقبل مناقشة تفاصيل ذلك لابد من تأكيد حقيقتين لا يرضى بهما أبداً جمهور الكرة.. الأولى أنه لم يعد هناك جمهور أى ناد فى مصر على استعداد لأن يرضى عن أى حكم كجزء من الثقافة العامة فى مصر، وحيث بات كل قائد ظالماً إلى أن يثبت العكس، وكل من يدير جاهلاً حتى يثبت أنه قادر ويستطيع.. والحقيقة الثانية هى أن أخطاء الحكام جزء من تاريخ وثقافة ومتعة وشعبية كرة القدم فى العالم، فهى موجودة طول الوقت وستبقى موجودة طالما بقى العالم يلعب ويحب كرة القدم، ولكن التحكيم فى مصر الآن تجاوز ببعيد هاتين النقطتين، فهناك أندية فى مصر الآن لا تقبل حكاماً بأعينهم لإدارة مبارياتها، ولا أعرف هل سينفذ حسام البدرى تهديده المعلن عقب مباراة الإسماعيلى والأهلى أم أنه من الممكن أن نرى الحكم محمد فاروق يدير مباراة أخرى للأهلى؟.. وهناك قرارات للحكام تتجاوز الأخطاء البشرية التلقائية والمعتادة لتصبح فى بعض الأحيان أفعالاً فاضحة فى ملاعب كرة القدم، وهناك مجاملات تتعلق بوظائف حياتية لبعض الحكام وارتباطهم بهيئات ومؤسسات تتبعها أندية تلعب فى الدورى، لكن الأخطر من كل ذلك هو الإعلام والتحكيم، وهو الملف الذى أناشد محمد حسام الالتفات إليه بمنتهى الحسم والوضوح، ففى سابقة أولى من نوعها فى العالم كله، بات حكام الكرة فى مصر ضيوفاً دائمين فى التليفزيون والإذاعة يتحدثون عن المباريات التى أداروها منذ ساعات، وباتت تقارير الحكام السرية منشورة ومتداولة فى أيدى الجميع، ومحمد حسام نفسه كرئيس للجنة الحكام، مثل جمال الغندور قبله، لم يعد يتردد فى التعليق على الحكام وأخطائهم بشكل علنى ينتقص فى النهاية من قدر التحكيم كله ويفتح الباب على آخره لشياطين الظنون والشائعات، وأتمنى الآن من الصديق محمد حسام أن يوقف كل هذه المهازل والفضائح، فلا أرى الحكام إلا فى الملاعب، ولا أرى تعليقاً على الحكام وأدائهم إلا من النقاد المختصين أو الحكام السابقين الذين اعتزلوا وابتعدوا عن هذا المجال تماماً، وإذا كنت أشكر أى زميل لى نجح فى الحصول على أى تقرير سرى لأى حكم باعتباره رجلاً قام بواجبه وحقق انفراداً مهنياً رائعاً، إلا أننى فى الوقت نفسه أطالب محمد حسام بمعاقبة قاسية ومعلنة لأى حكم يجرى بتقريره للصحافة والفضائيات وليس للجنة الحكام ورئيسها أو لاتحاد الكرة ومجلسه الموقر، وأنا أعرف أن محمد حسام قادر على ذلك، وليكن تصديه لهذا العبث مجرد خطوة أولى للفصل بين العملين الفنى والتنفيذى وبين العمل والظهور الإعلامى. [email protected]