أكد عدد من الحقوقيين أن مطالب البرادعى بإقامة دولة مدنية عصرية، بناء على وضع دستور جديد يكفل جميع الحريات ويحقق توازنا دقيقا بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، أمر معقول وطبيعى من الناحية الحقوقية، ولكنه صعب التنفيذ من الناحية السياسية، فيما وصفه البعض بالحجر الذى ألقى به فى الحياة السياسية الراكدة لتحريكها، وطالب البعض الثالث بتحويله من مطلب إلى برنامج انتخابى. وقال بهى الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: «ما يطالب به البرادعى شكل من أشكال الحوار غير المباشر، الذى أراد به تحريك الجدل السياسى فى المجتمع فى اتجاه معين، يستطيع من خلاله حشد أكبر قدر ممكن من التأييد، وخاصة مع زيادة عدد الأفرد الذين يطالبون بضرورة وجود دولة مدنية». وأضاف بهى الدين «أتصور أن الذى طلبه البرادعى، يسير عكس الاتجاه الذى تفرضه الدولة، فالدستورالحالى والإرادة السياسية، ضد المساواة وضد إقامة دولة مدنية عصرية، خاصة مع التعديلات الأخيرة التى جعلته دستورا عفا عليه الزمن». وتابع «ما طرحه البرادعى يعد بمثابة إلقاء حجر فى حياة سياسية راكدة، حركت أشياء كثيرة بصرف النظر عن مقدرة الرجل فى خوض الانتخابات الرئاسية أم لا، فالبرادعى سياسى محنك ليس بسيطا أو سهلا كما يتصور الناس، ومطلبه ينم عن امتلاكه لهدفاً حقيقياً وجاداً، يساعده على فتح الطريق أمامه فى وضع شديد الصعوبة». وأكد بهى أن الشكل الحرفى لرسالة البرادعى، يعطى إحساسا بغير المنطقية، لأنها مطالب يصعب تحقيقها على أرض الواقع، خاصة أنها تتعارض مع الاتجاه الذى يفكر فيه النظام الحالى، مثل الفكرة التى طرحها الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل. وأكد حافظ أبو سعدة، الأمين العام لمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، صعوبة مطالب البرادعى بإقامة دولة مدنية عصرية، خاصة أن هذا يتطلب وضع دستور جديد، وهو ما يتطلب الدعوة لاجتماع جمعية تأسيسية وتقديم مقترح لدستور جديد ولجنة قانونية لصياغة هذا الدستور، فى أقل من عامين، أى قبل بدء الانتخابات الرئاسية فى 2011. وطالب أبو سعدة بأن تتحول مطالب البرادعى من شروط لخوضه الانتخابات الرئاسية، إلى برنامج انتخابى، مشيراً إلى صعوبة ترشح البرادعى لمنصب رئاسة الجمهورية، وذلك لاشتراط الدستور أن يكون عضو هيئة عليا لحزب من الأحزاب قائم منذ 5 سنوات، أو عضواً برلمانياً أو مستقلاً بشرط أن يجمع 250 توقيعا من أعضاء مجلسى الشعب والشورى. وقال سعدة إن الدستور المصرى يحتاج إلى إعادة نظر بشكل كامل، ووضع بعض المواد التى تضمن نزاهة وحرية الانتخابات، وحقوق للأفراد وخاصة الأقليات، لافتاً إلى أن مطالب البرادعى مطالب إيجابية، تعبر عن مدى اهتمامه بأن يكون جزءاً من الإصلاح السياسى والدستورى فى مصر. وأضاف سعدة «إقامة دولة مدنية لا تتعارض مع المادة الثانية من الدستور، التى تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى أساس التشريع، خاصة أن هذه المبادئ تتناسب مع مقومات الدولة المدنية، بدليل أن بريطانيا تفكر فى الاستعانة ببعض مبادئ الشريعة الإسلامية فى القضاء». من جانبه أكد أحمد سيف الإسلام، ناشط حقوقى بمركز هشام مبارك لحقوق الإنسان، أن مطالب البرادعى معقولة ومنطقية من الناحية الحقوقية، ولكنه قد يعد نوعا من أنواع المساومة السياسية، لفرض ضغوظ أو تحقيق مكاسب من الناحية السياسية. وقال سيف الإسلام «يجب التفريق فى التناول بين الجانب السياسى والحقوقى فى تناول هذه القضية، فالحقوقيون وظيفتهم إجراء أبحاث ووضع تصورات لمخاطبة السلطات والمجتمع، ولكنها غير ملزمة، بعكس الجانب السياسى الذى قد يستخدم هذه المطالب للوصول إلى هدف معين، مثل تحقيق ضغط لضمان نزاهة الانتخابات أو تحقيق تواصل مع القوى السياسية الأخرى». وأضاف «استجابة مصر لهذه المطالب تتوقف على بعض العوامل، كحسبة الدولة وعلاقاتها بالخارج، كرؤية الخارج للانتخابات الإيرانية والأفغانية». ولفت إلى أن اشتراط البرادعى طرح دستور ديمقراطى مدنى قبل الانتخابات، قد يكون طريقة منه لرفض دخول الانتخابات بشكل «شيك».