محمد سابماز، مواطن الألماني من أصل تركي، مسلم قدم إلى ألمانيا مع والديه قبل أكثر من ثلاثين عامًا، وبات عضوًا ناشطًا في الحزب المسيحي الاجتماعي بإيرلانغن، وتشير «دويتشه فيلا» التي أفردت بروفايلًا عن «ميهميت سابماز» إلى أنه يعود له الفضل في تسمية إحدى ساحات مدينته بألمانيا إيرلانغن باسم أحد أحياء إسطنبول التركية. وما يثير الانتباه هو أن المواطن الألماني المسلم من أصل تركي محمد سابماز أو «ميهميت سابماز» يمثل حزباً مسيحياً محافظاً في ولاية بافاريا الألمانية، وكثيراً ما يسأله الناس بصراحة عن علاقته بحزب مسيحي وهو مواطن مسلم، فيكون جوابه صريحاً أيضاً، إذ يقول: «أنا أنطلق كمسلم مؤمن من وجود إله مشترك لنا». في مسجد المدينة يصلي «سابماز» يوم الجمعة أيضاً، جنباً إلى جنب مع عدد من مهاجري الجيل الأول، ويفتخر هؤلاء بوجود شخص منهم في تلك المكانة السياسية المرموقة، إذ إنه يمثل حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي في المجلس المحلي للمدينة. «سابماز»، خبير في القطاع المالي بمؤسسة «سيمينس»، ولم يبدأ اهتمامه بالإسلام إلا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث كان يغضب لما يُروج من صور نمطية وخاطئة عن الإسلام والمسلمين. ولاحظ وجود «تحول في الرؤية تجاه والدي المهاجرين من تركيا، حيث تحولت من صورة الأجنبي وانتقلت إلى صورة المسلم»، حسب قوله. لم تكن تجارب «سابماز» في موضوع الاندماج جيدة دائماً، خصوصاً بالنظر إلى التصريحات الشعبوية التي يطلقها رئيس الحزب هورست زيهوفر، وهي تصريحات «يرفض فيها المهاجرين من البلدان الإسلامية بدعوى صعوبة اندماجهم في ألمانيا»، ووجه «سابماز» رسالة إلى رئيس الحزب للتعبير عن رفضه لمثل هذه التصريحات التي تنشر صوراً نمطية خاطئة عن المهاجرين المسلمين، وعدم الضبط في التعبير عن المواقف، غير أنه لم يتلق أي جواب على رسالته، باستثناء قيام المتحدث باسم الحزب بالاتصال به هاتفياً. ويختلف الأمر بالنسبة لعمدة مدينة إيرلانغن «زيغفريد بالايس» الذي شجع «سابماز» على الالتحاق بالحزب المسيحي، وعلى أخذ مكانة مرموقة في لائحة ممثلي الحزب بالمدينة، ويتذكر عمدة المدينة تساؤلات البعض في البداية عن سبب حصول «سابماز» على مرتبة عالية في اللائحة الحزبية، غير أنه يؤكد بالقول: «ننطلق فقط من منظور المنافسة»، ويضيف: «الجدل بشأن هذا الموضوع لم يكن كبيراً عموماً». كان عمر «سابماز» سبعة أعوام عندما هاجر مع والديه إلى ألمانيا، ويتذكر أنها كانت فترة صعبة في حياته، حيث لم يكن لوالديه ما يكفي من الوقت للتركيز على أطفالهما بسبب انشغالهما بالعمل، لكن من حسن حظه كانت تسكن في المبنى نفسه سيدة مسنة يساعدها الطفل «ميهميت» في شراء بعض الأغراض المنزلية، فعلّمته اللغة الألمانية. «سابماز» يبلغ اليوم 45 عامًا من عمره، وهو يجد احترام وتقدير محيطه، إذ يؤكد زميله في المجلس المحلي للمدينة شتيفان رومر أن «ما يميز (ميهميت) بشكل خاص هو الاجتهاد وضميره الحي، كما يتميز بشخصيته الهادئة، حيث لا يبدو في المواقف السلبية أو المثيرة، إنه زميل مجتهد، يستعد جيداً لكل لقاءاته ولا يمكن التكهن مسبقاً بخلفيته المهاجرة أو بعقيدته». غير أن الاسم التركي ووجهه يُظهران أنه أجنبي، رغم أنه مواطن ألماني مندمج في المجتمع الألماني، وفي هذا السياق يقول محمد سابماز: «أنا ألماني من أصل تركي، وأنا فخور بذلك طبعاً، أغلب الناس يعتبرونني مواطناً ألمانياً من ناحية الشكل، ولكنهم لا يعتبرونني ألمانياً مائة بالمائة، فأنا لا أستطيع ولا أريد أن أغير شكلي واسمي وأود أن يتقبل الناس ويحترموا ذلك». ورغم كل الصعوبات، فإن محمد سابماز لا يفكر في التخلي عن ممارسة واجباته الوطنية ونشاطه السياسي في الحزب، حتى وإن كان ذلك يأخذ منه جهداً كبيراً، فبعد مغادرة مكان عمله اليومي بالشركة تبدأ في المساء لقاءاته ومواعيده في خدمة العمل السياسي المحلي، وعن سبب عضويته في حزب مسيحي يقول: «أهتم كثيرًا بالقيم العائلية واحترام المسنين والتضامن العائلي والدين، إنها مواضيع أهتم بها، وهذا هو سبب عضويتي في حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي».