«المصريين»: العلاقات بين مصر وأذربيجان شهدت طفرة بعهد الرئيس السيسي    معلومات حول أضخم مشروع للتنمية الزراعية بشمال ووسط سيناء.. تعرف عليها    كلية الزراعة بجامعة القاهرة تحصل على شهادة الأيزو    معيط: نستهدف بناء اقتصاد أقوى يعتمد على الإنتاج المحلي والتصدير    تعاطف دولى مع فلسطين رغم فداحة الثمن    هالاند يقود هجوم منتخب النرويج فى مواجهة الدنمارك وديا    توقف الدورى..«تأمل»والتقاط أنفاس ..بيراميدز «انتفاضة»..والبنك «لغز»    تقارير: باريس سان جيرمان يتفاوض لضم أوسيمين    تقارير: حارس درجة ثانية ينضم لمران منتخب ألمانيا    على فرج يتأهل إلى نهائى بريطانيا المفتوحة للاسكواش    وزير التعليم: لا تهاون في عمليات.. الغش وتطبيق القانون على المخالفين    حُكم لصالح الدولة ب12 مليون جنيه من شركة دمرت الشعاب المرجانية بالغردقة    رئيس الشؤون الدينية بالحرمين: نستهدف توزيع مليون مصحف مترجم خلال موسم الحج    اعتزال شيرين رضا .. حملة إعلانية    رئيس المركز الفلسطينى للدراسات يكشف تفاصيل عملية استعادة 4 محتجزين بغزة    انطلاق فعاليات حفل توقيع ومناقشة «أنا وعمي والإيموبيليا» للروائي ناصر عراق    دعاء النبي في العشر الأوائل من ذي الحجة.. أدعية مستجابة لمحو جميع الذنوب (الكوامل الجوامع)    الصحة: استحداث خدمات طبية جديدة بمستشفى العلمين النموذجي خلال 2024    دروس من سيرة ملك القلوب    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    10 أسماء.. قائمة الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    كيف تحصل على تعويض من التأمينات حال إنهاء الخدمة قبل سداد الاشتراك؟    يوسف أيوب يكتب: الحكومة الجديدة أمام مهمة صعبة    وزير العمل يشدد على التدخل العاجل لحماية حقوق العمال ضحايا الإحتلال في فلسطين    مصر تدين بأشد العبارات الاعتداءات الإسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    #الامارات_تقتل_السودانيين يتصدر "لتواصل" بعد مجزرة "ود النورة"    المعاهد النموذجية تحصد المراكز الأولى في الابتدائية الأزهرية بالإسماعيلية    آخر تحديث لإيرادات فيلم السرب بالسينمات المصرية    سناء منصور تحتفي بنجيب الريحاني في ذكرى وفاته: «كوميديان نمبر وان»    قائمة أفلام عيد الأضحى 2024.. 4 أعمال تنافس في شباك التذاكر    لمواليد برج العذراء.. التوقعات الفلكية في الأسبوع الثاني من يونيو 2024 (تفاصبل)    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    «الإفتاء» توضح حكم صيام عرفة للحاج    ما حكم طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة؟.. «الإفتاء» تجيب    محافظ الشرقية يشارك في اجتماع المعهد التكنولوجي بالعاشر    وزير التعليم يتسلم نتيجة مسابقة شغل 11 ألفا و114 وظيفة معلم مساعد فصل    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية دمشاو هاشم لمدة يومين    لماذا يحتاج الجسم لبكتريا البروبيوتيك؟، اعرف التفاصيل    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    العثور على 5 جثث في منطقة جبلية بأسوان    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    فتاة بدلا من التورتة.. تفاصيل احتفال سفاح التجمع بعيد ميلاده الأخير    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    انطلاق مهرجان نجوم الجامعات    وزير الأوقاف: لا خوف على الدين ومصر حارسة له بعلمائها وأزهرها    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    هيئة الدواء في شهر: ضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ومضبوطات بأكثر من 30 مليون جنيه    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    أخبار الأهلي : مفاجأة ..ميسي قد يرافق الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص على زراعى البحيرة    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطعم السكر
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 09 - 2010

- نساء العائلة يتجمعن فجر العيد، يحملن سلال المخبوزات (الشُريك والمنين) وحبات التمر، جدتى الحاجة نفيسة تقود القبيلة نحو المقابر. وأنا، طفلة الأعوام الستة، يصعب علىّ أن أصدق أن تلك الزيارة تحمل طعم الموت.
كيف يجتمع الموت والموتى مع هذا الجو الاحتفالى، الذى بدأ منذ أيام بالخبيز وتحضير المؤن المطلوبة للرحلة. ثرثرة نساء العائلة حول الفرن، أقراص العجين تتشكل وتتلون، وهذا «الشُريك»، الذى كنت أحرص على التهام بعض منه قبل توزيعه، ثلاثة أصابع طويلة رشيقة من العجين ملتصقة ببعضها البعض، وفوق ملمسها الوردى الناعم تتناثر حبات من السكر الخشن.
تعلقت بذيل جدتى وذهبت مع القبيلة إلى مقصدها. وهناك رأيت الصغار والنساء يتلقون التمر والشُريك بابتسامات تتسع فى كل عيد. رأيت الجميع يلتف حول مدفن جدودى وعمتى، التى ماتت صغيرة، يتحدثون ويأكلون ويتلون آيات من القرآن فى طقس واحد متداخل، وتوصلت لقناعة طفولية بأن الموتى يحبون ذرات السكر الخشن وينتظرون الونس فى ضجيج العيد.
- أحشر نفسى حول الطبلية الخشبية، التى التفت حولها نساء الجيران والقريبات. تقطع كل منهن قطعة صغيرة من العجين، تدس فى قلبها هذا الخليط السحرى من العسل والمكسرات، تكورها وتفردها قليلا، ثم تغرس على سطحها بخفة المناقيش المعدنية فتظهر زركشات على السطح. تسمح لى جدتى بأن أمسك بمنقاش وأشكل وجه الكعك كما أريد. أتشبث فى ذيل قريبتى الشابة وقد وضعت فوق رأسها عددا من الصاجات. أقف فى الفرن وسط النساء والأطفال أنتظر خروج الكعك، ساخنا وجميلا وعودته سالما إلى البيت.
هناك تمسك جدتى بكل قطعة، تدس وجهها المنقوش فى السكر الأبيض الناعم، وترصها فى أوان كبيرة عميقة. للكعك أوانيه وللبسكويت والغريبة أوان منفصلة. أقضم كعكة فيختلط السكر مع جسد الكعكة فى فمى، وأمضى وقتا سحريا فى مضغ «العجمية» فى القلب.
- العيد حرية. أطفال العائلة فى إجازة من المدرسة. نقضى العيد دوما فى «بيت الغورية»، بيت جدتى. نطمئن أن الكبار لن يتابعوا شقاوتنا ولن يمانعوا أن ندخل بيوت الجيران مفتوحة الأبواب للعب مع باقى الأطفال، كما أنهم لن يحاسبونا على صرف العيدية على أشياء صغيرة، لعب بلاستيك ومراجيح وتوك شعر ستتكسر بعد يومين فقط.
أنتظر فى منتصف النهار عودة أمى من الإذاعة بعد قراءة نشرة الثانية والنصف، ودخول أبى بابتسامة واسعة وبعض الأصدقاء إلى المائدة الكبيرة. تكتشف جدتى أن أخى الأصغر «إسلام» قد اختفى بلا أثر. يبحث عنه الجميع، يتردد اسمه فى أرجاء البيت وفى بيوت الجيران وفى الشارع. يبلغ خالى البوليس وقد توتر الجو تماما وعينا أمى تنطقان بالفزع. بعد مرور ساعات عصيبة، نسمع خالتى تصرخ كما أرشميدس: «وجدته» فى نفس اللحظة، التى تهبط بكفها على وجهه الصغير.
كنا نلعب الاستغماية ولم نلحظ أن إسلام قرر الاختباء فى دولاب غرفة النوم، وهناك قرر أن يأخذ تعسيلة صغيرة. بكت أمى فرحا وجريت أنا كى أحضر له كعكة تداوى اللطمة التى تلقاها. رفض أن يأكلها وهو محاط بكل هذا القدر من الفزع وعبارات اللوم والتقريع. أكلتها أنا بضمير مرتاح، بينما ذرات السكر الناعم تغطى نصف وجهى وتهبط على صدر فستان العيد الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.