أكد الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر، أن الشريعة الإسلامية بريئة من الذين يعتدون على الآمنين دون وجه حق لأن نفس المسيحى وعرضه وماله مصونة مثل المسلم تماماً. وقال طنطاوى فى خطبة الجمعة التى ألقاها أمس بمسجد «المحطة الجديد» فى نجع حمادى: إن الاختلاف فى العقائد والشرائع لا يمنع مطلقاً التعاون فيما بينها، لأن حكمة المولى عز وجل اقتضت أن يخلق الناس جميعاً من أب واحد وأم واحدة مصداقاً لقوله تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا». وأضاف طنطاوى أن الإسلام برىء من القلة الجاهلة الذين يرتكبون الجرائم لأننا جميعاً - مسلمين ومسيحيين - تسعنا أرض واحدة وتظلنا سماء واحدة. واستشهد طنطاوى بدفع المسلمين والأقباط للضرائب، مؤكداً أن الجميع متساوون فى الحقوق والواجبات سواء مسلمين أو مسيحيين، وجميعاً يلتحقون بالجيش ويحاربون العدو دون فرق بين دم المسلم والمسيحى. وقال طنطاوى: «تأثرت كثيراً حينما قرأت بالصحف أن المهندس نجيب ساويرس كسب قضية دولية ودمعت عينا ساويرس حينما سمع الحكم قائلاً إننا جميعاً مواطنون فى مصر وهذه القضية مكسب للجميع»، كما استشهد طنطاوى بقول البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية: «إن مصر وطن يعيش فينا». وشدد طنطاوى على أن الشريعة الإسلامية ترفض بشكل قاطع ترويع الآمنين الأبرياء سواء المسلم أو المسيحى، وأن قول المولى عز وجل: «من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»، مؤكداً أن حكمة المولى عز وجل اقتضت هنا عدم التفريق بين أى نفس إنسانية سواء أكانت لمسلم أو لمسيحى أو لأى بشر. وأشار طنطاوى إلى أن الأخوة الإنسانية تستلزم من الإنسان ألا يعتدى على الآخرين مهما اختلفت العقائد فيما بينهم لأن الذى يحاسب على العقائد هو الله سبحانه وتعالى. وقال طنطاوى إن الشريعة الإسلامية تقوم أساساً على العدل، وإن من يقترف جريمة من الجرائم يعاقب عليها، ولا يصح معاقبة الآمنين الأبرياء لقول المولى عز وجل «ولا تزر وازرة وزر أخرى». وتوجه طنطاوى عقب خطبة الجمعة مباشرة إلى مطرانية نجع حمادى يرافقه الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف، واللواء مجدى أيوب، محافظ قنا، لتقديم التعازى للأنبا كيرلس، أسقف نجع حمادى، وللإخوة الأقباط. وجدد طنطاوى تأكيده مرة ثانية أن المتهمين فى أحداث نجع حمادى لا ينتمون لأى دين، والإسلام منهم برىء. كما أكد الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف، أن هذا الحادث لن يؤثر مطلقاً على تماسك ووحدة المسلمين والأقباط، وأن الإسلام برىء تماماً من أى تصرفات حمقاء يرتكبها بعض أتباعه ممن لا يحسنون فهم تعاليمه. وأشار زقزوق إلى أن مثل هذه الحوادث لا تعبر مطلقاً عن العلاقة الحميمة التى تربط بين المسلمين والأقباط على مدى التاريخ، والتى لاتزال واضحة وجلية من أجل تحقيق مصلحة الوطن. وشهدت خطبة الجمعة إقبالاً جماهيرياً وتواجداً أمنياً مكثفاً واضطرت أجهزة الأمن لمنع مئات المصلين من دخول المسجد نظراً للازدحام الشديد، واصطف آلاف المسلمين عقب خروج شيخ الأزهر وزقزوق مرددين: «الله أكبر وتحيا مصر».
