حزب حماة الوطن ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالمنوفية لدعم مرشحه في انتخابات النواب    نائب محافظ سوهاج يشهد احتفالية الذكرى 18 لتأسيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    رئيس الوزراء يتابع ملفات عمل المركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة    الإحصاء: ارتفاع عدد المشتغلين ل32.5 مليون فرد خلال الربع الثالث من العام الحالي    بث مباشر| الرئيس السيسي يفتتح عددا من المحطات البحرية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس    المفوضية الأوروبية تدرس خيارات مختلفة لتمويل أوكرانيا العامين المقبلين    "القاهرة الإخبارية": اشتباكات مشتعلة بين الجيش السوداني والدعم السريع في بابنوسة    نتنياهو يواجه انتقادات عنيفة من اليمين المتطرف بعد بيان أمريكي يدعم إقامة دولة فلسطينية    توقف سلسلة لا هزيمة السنغال عند 26 مباراة والجزائر تحافظ على قمة أفريقيا    وزارة التعليم الفلسطينية تشكر مصر على استيعاب عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره الروسي    لمواجهة الجيش الملكي.. طارق قنديل رئيسا لبعثة الأهلي في المغرب    طارق قنديل رئيسًا لبعثة الأهلي في المغرب    دقيقة حداد على روح محمد صبري في مباراة الأهلي والزمالك مواليد 2005    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    نهاية الأزمة.. الأهلي يعلن تعيين حسام عاشور مديرًا لأكاديمية فرع التجمع الخامس    التحريات تكشف تفاصيل القبض على الفنان شادي الفونس بمخدر الماريجوانا    ضبط 6 مليون جنية حصيلة الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    فيديو قديم.. أمن القليوبية يكشف تفاصيل مشاجرة بالأسلحة النارية فى شبرا الخيمة    خالد النبوي: استفدت من خبرات يوسف شاهين .. وهذه فلسفتي في الحياة    الحكَّاء يغلق الباب أخيرًا    فى ردهات الإذاعة    نقل عمر خيرت للعناية وإلغاء حفلاته لحين تعافيه والموسيقار: حالتى مستقرة    نظام اليوم الواحد (One Day Light)، للتخلص من الانتفاخ واستعادة النشاط    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    جهود صندوق مكافحة الإدمان.. تخريج 100 طالب من دبلوم خفض الطلب على المخدرات بجامعة القاهرة    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    اعتماد تعديل تخطيط وتقسيم 5 قطع أراضي بالحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر    كاتب بالتايمز يتغنى بالمتحف المصرى الكبير: أحد أعظم متاحف العالم    عودة قوية للجولف في 2026.. مصر تستعد لاستضافة 4 بطولات جولف دولية    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور ضرورة دينية وإنسانية وأمانة    أصوات انفجارات لا تتوقف.. قصف مدفعي إسرائيلي على المناطق الشرقية لخان يونس بغزة    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    محافظ الجيزة يثمن إشادة التعليم العالي بالشعار الجديد للجيزة ويؤكد: يجسد الإرث الحضاري    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    السكة الحديد: 10 آلاف كيلومتر طول الشبكة.. ومتوسط الرحلات اليومية ألف قطار    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    منتخب مصر يستعيد جهود مرموش أمام كاب فيردي    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية الأحد 16 نوفمبر 2025    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    بمشاركة 46 متدربًا من 22 دولة أفريقية.. اختتام الدورة التدريبية ال6 لمكافحة الجريمة    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    متي ينضم محمد صلاح لمعسكر الفراعنة قبل أمم أفريقيا ؟ ليفربول يحدد الموعد    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمد فراج يشعل تريند جوجل بعد انفجار أحداث "ورد وشيكولاتة".. وتفاعل واسع مع أدائه المربك للأعصاب    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصور حسن يكتب: الإصلاح السياسى يتحقق بقدر الإصرار الشعبى


نظام الحكم ومشكلات المجتمع
تواجه مصر الآن مشكلاتٍ حادة وخانقة فى جميع أنشطة المجتمع... التعليم، تزايد السكان، الإسكان، الصحة، المرافق، المرور.. إلا أن الأخطر من ذلك كله هو تحلل الهيكل القيمى الذى ينشأ وينمو بالتربية والقدوة الحسنة، فيحافظ على الصحة المعنوية للمجتمع ويرتقى بمستوى تعامل المواطنين فيما بين بعضهم البعض.
وإن كان من طبائع الأمور أن تواجه أى مجتمع، مشكلة أو اثنتان على المستوى القومى، بجانب المشاكل اليومية التى تتعلق بصيانة المجتمع، فإن تراكم جميع المشكلات الصغيرة حتى تفاقمها، يدل على أن هناك خللا أساسيا فى نظام إدارة المجتمع استمر لمدة سنوات طويلة.. وإدارة المجتمع تعرف فى  السياسة بنظام الحكم، فنظام الحكم، بدستوره ومؤسساته، منوط به حماية المجتمع وصيانة مصالح المواطنين وضمان الارتقاء بمستواهم وتحقيق تقدم المجتمع ونهضته.
وتكالب كافة هذه المشاكل التى لم تداهمنا بين يوم وليلة، ولكنها ولدت صغيرة ثم استفحلت على مدى حوالى خمسين عاماً، يدل على أن نظام إدارة المجتمع لم تكن به العوامل التى تحفزه على اليقظة والتوقع لهذه المشاكل، كما أنه يبدو الآن عاجزاً أمام البعض منها، برغم ما قد يتحقق من إنجاز فى ميدان أو آخر دون أن يكون جزءاً من نهضة شامله فى المجتمع ككل.
هذا النقص الكبير فى الكفاءة عادة ما يكون إحدى خصائص نظم الحكم الشمولية التى تظل فى الحكم لسنوات طويلة، وتتصف بكونها لا تحاسب ولا تنافس، بعكس النظم الديمقراطية التى تضمن للمجتمع أن يكون نظام الحكم يقظاً للغاية، ويبذل أقصى جهد من أجل الصالح العام، حتى لا تتم محاسبته فى الانتخابات وينحى من أجل البديل الأفضل.
 ثورة يوليو ونظام الحكم
حين قامت ثورة يوليو 1952، كان ينتظر منها أن  تستكمل مسيرة النهضة التى بدأت فى النصف الأول من القرن العشرين، بخطى أسرع وآفاق أوسع، إلا أن العكس هو ما حدث، رغم كل الجهود المخلصة التى بذلت لتحقيق الاستقلال الوطنى وتحقيق العدالة الاجتماعية والتوسع فى التعليم المجانى وإنشاء السد العالى وإقامة المشاريع الصناعية.
 إن انتصار الثورة على العدوان الثلاثى فى 1956، وظهور جمال عبدالناصر كزعيم شعبى فى مصر والأمة العربية والعالم الثالث، كان يمثل فرصةً مثاليةً لاستئناف مسيرة الديمقراطية التى تواجدت أسسها قبل 1952، بعد تنقيتها من الشوائب المتعلقة بتدخلات القصر والاستعمار وتدهور مستوى الأحزاب السياسية، وبعد إقامة النظام الجمهورى، إلا أننا اتجهنا رغم ذلك، إلى نظام سياسى ظل قائماً حتى الآن، يمثل فى جوهره نظاما شموليا فرديا، رغم مجموعة التعديلات التى أجريت عليه، والتى كانت شكلية فى بعض الأحيان وغير مقبولة فى البعض الآخر. 
فنظام يستمر لعشرات السنين من دون أن يسمح بالمنافسة من خلال  تداول السلطة، أو المحاسبة عبر الانتخابات النزيهة، من الطبيعى أن يصل بنا إلى ما وصلنا  إليه .
إذن فنظام حكم بهذه الخصائص هو (مشكلة الأساس) التى نمت من خلالها المشاكل الأخرى وترعرعت فى ظلها، وكأنها كانت بعيدة عن الرؤية أو بعيدة عن القدرة.
كما أن انفراد فئة محدودة بالحكم على مدى سنوات طويلة بدون موافقة شعبية متجددة عبر انتخابات حقيقية ونزيهة، كفيل بأن يبطل الفاعلية السياسية للشعب، فيزداد اليأس وعدم المبالاة بين أفراده، ويصبح تحقيق المصالح الشعبية أمرا مرهونا  بالرجاء والوقوف على سلالم نقابة الصحفيين، محاطين بجنود الأمن المركزى، بل يصل الأمر إلى اضطرار فئة من المواطنين للاعتصام أياماً وليالى تحت نافذة رئيس الوزراء لمدة أسبوع، وفئةٍ أخرى على سلالم وزارة العدل لمدة ستة أسابيع دون أن يعيرهم أحد اهتماما لأن الحكم ليس مرهوناً بموافقتهم ورضاهم.
وكلما حانت فرصة للتغيير فى بعض المناصب السياسية، بما يوحى بأمل جديد، يتم ترك المواطنين فى حيرة من أمرهم وغموض كامل، وكأن الشعب غير معنى بهذا الأمر رغم أن هذا التغيير سيؤثر على حياته ومستقبله. 
الإصلاح السياسى ضرورة ملحة
ولهذه الأسباب جميعاً، أصبح (الإصلاح السياسى) ضرورة ملحة لعلنا نستطيع أن نقيم مجتمعا سياسيا سليما، يتأسس على دستور يحترم ولا يعدل لأسباب شخصية، ومؤسسات حكم تتولى المسؤولية بموافقة الشعب من خلال انتخابات نزيهة تؤدى إلى تداول السلطة بين مجموعات تتنافس من أجل خدمة الشعب ورضائه. ويتساءل البعض هل الإصلاح السياسى ممكن فى مجتمعنا؟ وما السبيل إلى ذلك؟
لابد من التحذير بدايةً، من أن الإصلاح عن طريق القوة  غير مضمون العواقب وقد يؤدى إلى فوضى وتغيير عشوائى أكثر ضرراً.
لذلك فبالرغم من أنه قد يحتاج إلى وقت أطول وجهد أكبر فإن أنسب طرق التغيير وأكثرها أمناً هو التغيير من داخل النظام، استجابة لرغبة شعبية تتميز بالوضوح والإصرار.
ولا شك فى أن هناك العديد من العناصر الإصلاحية داخل نظام الحكم، التى لديها قناعة بأهمية الإصلاح السياسى الجاد والحقيقى، كما أن هناك أيضاً، وربما بعدد أكثر، مجموعات أخرى لا ترى ضرورة لأى إصلاحات سياسية، معتقدةً أن ما هو قائم هو الأنسب لهذا الشعب.
وربما كان رأى البعض من هؤلاء، مدفوعاً بمصالح شخصية يريدون الحفاظ عليها، كما أن آخرين منهم يعتقد فى ذلك بصدق، على أساس أن المجتمع غير مستعد لذلك، نظراً لارتفاع نسبة الأمية وضعف المستوى الاقتصادى الذى لا يسمح للمواطن بأن يكون حراً فى إبداء الرأى.
ولا شك أن لمستويات التعليم والمعيشة تأثيرا على جودة ممارسة الديمقراطية، ولكنها ليست من ضروريات قيامها، لأن الديمقراطية تعتمد على الخبرة المستمدة من الممارسة أكثر منها علماً يستمد من الكتب.
إذا أخذنا الهند كمثال سنجد أنها عندما استقلت عام 1947، لم يكن مستوى التعليم والاقتصاد أعلى مما هو عندنا الآن، إن لم يكن أقل، هذا بالإضافة إلى التعدد الكبير فى اللغات والمذاهب الدينية، فيها، بل إنها كانت تعانى من جرح قومى بانفصال بعض الولايات لتأسيس دولة الباكستان، ووجود ثورة شيوعية فتية على حدودها الشمالية فى الصين تنفخ ناراً فى المجتمعات المجاورة.
ورغم  كل هذه الظروف تأسست الديمقراطية فى الهند واستمرت منذ ذلك الوقت حتى الآن، أكثر من ستين عاما، وحمت الهند من التشرذم ودفعت بها نحو التغيير الذى أصبح واضحاً وملموسا.
وإذا نظرنا إلى أحوالنا فى مصر، نتأكد أن اللامبالاة واليأس من السياسة العامة، ليسا من طبيعة الشعب المصرى، الذى تمتع فى النصف الأول من القرن العشرين، بحيوية سياسية وحماس كبيرين، للمشاركة فى القضايا العامة. وكان يخرج إلى الشارع لمعارضة الحكومات والقرارات التى لا يرضى عنها، بل و يشكل فرقا من الفدائيين من الطلاب والعمال لمحاربة القوات البريطانية المستعمرة فى منطقة القناة.
ولعل من أبرز الأدلة على حيوية الشعب المصرى فى ذلك الوقت، ما يعرف بانتفاضة 1935 عندما جاء صدقى باشا للحكم، وكان معروفاً بأنه سياسى ماهر، لكنه لا يهتم بشعبيته أو يعبأ بما يريده الرأى العام، ففى عام 1930 قام صدقى بإلغاء دستور سنة 1923 ووضع دستوراً جديداً يرضى الملك ويرضيه، وخلال خمس سنوات حتى عام 1935، تزايد الغضب الشعبى على دستور صدقى حتى شمل جميع أنحاء القطر المصرى، ورغم سقوط العديد من الشهداء فى مواجهات متكررة مع الأمن، إلا أن إصرار الشعب المصرى على عودة دستور سنه 1923 كان واضحا، فلم يجد النظام الملكى مفراً من الرضوخ لهذه الرغبة الشعبية وعودة الدستور الذى طالب به الشعب.
هذا المثال من تاريخنا الحديث، مشابه إلى حد كبير للواقع المصرى اليوم، ومتطابق فى الموضوع: أى رغبة الشعب فى دستور يؤسس لحياة سياسية سليمة بدلاً من دستور أجريت عليه تغييرات لا تتسم بالموضوعية المطلوبة.
من الممكن أن تنجح قوى الإصلاح الموجودة داخل النظام فى تحويل الاتجاه نحو تحقيق المطالب الشعبية، إذا ما انتشر الوعى بعلاقة نظام الحكم بالمشكلات اليومية للمواطنين، وبقدر ظهور هذه المطالب بوضوح وإصرار بين أكبر عدد من المواطنين من مختلف الفئات. لو أبدى الشعب اهتماما باستعادة حقوقه السياسية بنسبة من حماسه لمباريات كرة القدم لتحقق ما يأمل فيه.
لقد نجح الشعب بإصراره فى تحقيق مطلبه بعودة دستور 1923 وبقدر إصرار الشعب على تحقيق الإصلاح السياسى، سيكون تجاوب السلطة فى تحقيق مطالب الشعب، وستسعى إلى شرف الخضوع لرغبته بدلاً من إخضاعه لرغباتها. وبقدر إصرار الشعب على مطالبه، تكون استجابة السلطة . هذا هو حكم المنطق  ودرس التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.