حصلت «المصرى اليوم» على نتائج دراسة هى الأولى من نوعها، كانت معدة لإحدى الجهات المانحة بالاتحاد الأوروبى. تهدف الدراسة إلى ترشيد الإنفاق على الأدوية من خلال تحسين أسلوب الأطباء فى كتابة الوصفات العلاجية «الروشتات»، وكشفت أن 18٪ من مرضى الكلى الذين يلجأون إلى الغسيل الكلوى، وصلوا إلى هذه المرحلة بسبب «روشتات» الأطباء الخاطئة. كما أوضحت الدراسة، التى لم تصل بعد إلى الاتحاد الأوروبى، بسبب وفاة رئيس الفريق البحثى، أن 20٪ من مرضى الكبد وصلوا إلى مرحلة متأخرة من المرض بسبب كتابة أدوية تضر بالكبد. وقال الدكتور محمود الخيال، أستاذ علم الأدوية بطب الأزهر، أحد أفراد الفريق البحثى، ل«المصرى اليوم»: هناك خلل فى تعليم الأطباء، عقب التخرج فى كليات الطب، وأشار إلى أن الدراسة كانت تهدف إلى تحسين أسلوب كتابة «الروشتة» من قبل الأطباء، على أساس أنهم إذا فهموا كيفية كتابة «روشتة» صحيحة سيؤدى ذلك إلى تعديل حجم استهلاكنا من الدواء، وسيؤدى إلى تحسن أكبر فى الصحة العامة. وأضاف: الدراسة كانت تضم فريقاً بحثياً برئاسة الدكتور محمد إبراهيم، عميد كلية طب المنوفية الأسبق، الذى توفاه الله قبل تسليمها إلى الاتحاد الأوروبى. وأوضح أن الدراسة اعتمدت على متابعة أطباء بعض المستشفيات فى عدد من المحافظات، وكان مقرراً لها 3 سنوات امتدت إلى 4 سنوات. وتوصل الفريق البحثى إلى أن 18٪ من مرضى غسيل الكلى، وصلوا إلى هذه المرحلة بسبب سوء استعمال الأدوية خلال مرضهم فى سنوات عمرهم التى سبقت الإصابة بأمراض الكلى، وأن الفريق البحثى توصل إلى أن 20٪ من مرضى الكبد كانوا يتعاطون أدوية تضر بالكبد عبر الوصفات الطبية، وكان ذلك من دون قصد أو علم. وقال الخيال: إن الأطباء يحصلون على معظم معلوماتهم من بين مندوبى الدعاية بشركات الأدوية، الذين لن يكشفوا عن الأعراض الجانبية أو «مضار» أدويتهم وأعراضها الجانبية. أضاف: معظم النشرات الداخلية المصاحبة للأدوية لا تذكر كل الأعراض الجانبية، أو موانع الاستعمال، الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى أضرار غير محسوبة، تظهر على المدى البعيد. وأكد أن الأطباء لا يكلفون أنفسهم عناء البحث، ولو عبر شبكة الإنترنت، ويكتفون بما يسمعونه من معلومات من مندوبى الدعاية، ومعلومات النشرات الداخلية للأدوية، واستشهد الخيال بأحد الموظفين فى الجامعة أصيبت ابنته، 6 سنوات، بارتفاع حاد فى درجة الحرارة، وذهب والدها إلى أحد أشهر الأطباء، فكتب لها 5 أنواع من المضادات الحيوية «!!»، ولفت إلى أن هذا الطبيب من العظماء فى مجاله، لكنه كتب 5 مضادات حيوية، وهذا عكس كل الأعراف الطبية، بغض النظر عن التفاعلات بين هذه «المضادات» وضررها على الكلى، وقال: أعتقد أنه كتب كل هذه المضادات من منطلق «العيار اللى ما يصبش.. يدوش». وأشار إلى أن الدراسة أجريت من خلال مستشفيات حكومية كبرى فى القاهرة والإسكندرية وطنطا والمنوفية، وفى أحد المستشفيات وجدنا دواء معيناً يكثر استعماله بصورة مبالغ فيها، وبعد 3 أسابيع من الشرح اقتنع الأطباء بخطئهم وانخفض معدل استهلاك هذا الدواء إلى 50٪، وتمت ترقية أحد الأطباء بالمستشفى، فأدى ذلك إلى توفير 2.3 مليون جنيه، نتيجة خفض استخدام هذا الدواء. وفى أحد أقسام الجراحة بالقاهرة، لاحظنا استعمال مضاد حيوى بنسبة عالية تكفى 4 مستشفيات، واكتشفنا أن رئيس قسم الجراحة، من قدامى الأطباء ويفتح 4 أمبولات من المضاد الحيوى ويفرغها على الجرح من الخارج بعد كل عملية، فى حين أن هذا المضاد لن يفيد إلا فى حالة حقنه بالوريد، وعندما نبهناه تراجع وتلامذته عن هذه الطريقة فى العلاج. وانتهى الدكتور الخيال إلى حاجة مصر لمثل تلك المشاريع البحثية، مؤكداً أن التشخيص والمعلومات الخاطئة، تؤدى فى النهاية إلى روشتة خاطئة وكوارث صحية، موضحاً أنه لابد من تعليم حقيقى للأطباء بعد التخرج، وعدم تركهم ضحية لمندوبى الدعاية بشركات الأدوية، أو الشركات التى تستغل حاجتهم إلى المؤتمرات الطبية، حتى يتمكنوا من الترقى، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من تجارب بعض الدول، مثل سويسرا التى أصدرت كتيباً سمته «القائمة الحكيمة» وهو كتيب به أسماء كل الأدوية مصنفة، حسب الأمراض، وموزعة على كل أفراد الشعب، للرجوع إلى الطبيب فى حالة كتابته «روشتة» بها دواء غير مذكور للمرض المعالج بهذا الكتاب.