قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية، إن «العقل القانوني المصري أبدع نوعًا من الدول، يخالف الدولة الدينية التي يتسلط فيها رجال الدين على الحكم بعنوان الخلافة الإلهية أو إنه ظل الله في أرضه، وبين العلمانية التي اختارها الغرب لتكون دولة له، بأن أنشأ ما يسمى بالدولة المدنية، وهو مصطلح لا وجود له في الغرب بل هو من إنشاء المصريين». وأضاف «جمعة»، في حديثه لشبكة «CNN» الأمريكية الإخبارية، الذي نشرته الصفحة الرسمية لدار الإفتاء المصرية في «فيس بوك»، الأحد، أنه «في الدولة المدنية ترى أن هناك حدًّا وسقفًا لا يمكن أن نتعداه، هذا السقف ينص عليه في القانون أن المرجعية إنما هي لمبادئ الشريعة الإسلامية». ولفت إلى أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تدعو إلى الحفاظ على النفس، الحفاظ على العقل، الحفاظ على الدين، على كرامة الإنسان وحقوقه وأملاكه وماله، وهذه الشريعة بهذه الكيفية يشترك في الموافقة عليها تقريبًا كل البشر»، حسب تعبيره. وتطرق «جمعة» للحديث عن «الفيلم المسيء» للرسول محمد، داعيًا العالم الغربي إلى تفعيل قوانين «جرائم الكراهية»، حسب تعبيره، في العالم، ومؤكدًا أن «ما يفعله الموتورون من إساءات ضد الإسلام ونبيه لا يُعد حرية تعبير، وإنما يُعد اعتداءً على الإنسانية، واعتداءً على الأديان واعتداءً على حقوق الإنسان»، حسب قوله. وأشار «جمعة» إلى أن «نشر الرسوم المسيئة للإسلام ولنبيه محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، تنشر الكراهية، ونحن ندعو إلى السلام، وندعو إلى أن نتعاون سويًّا لحل مشكلات الفقر والبطالة والمرض في العالم، ولذلك فنحن نتعجب ممن يريد أن ينشر الكراهية؛ لأننا جميعًا ضد نشر الكراهية، ونؤمن تمامًا بحرية العقيدة وحرية التعبير، لكننا في الوقت نفسه لا نؤمن أبدًا بحرية نشر الكراهية وإنشاء بؤر للنزاع بين البشر». ووجه «جمعة» رسالة إلى الذين يريدون إحداث الشِقاق بين المسلمين والمسيحيين في مصر، قائلاً: «لن تفلحوا فيما تريدون، لأننا شعب واحد نعيش معًا منذ أكثر من 1400 عام»، مشيرًا إلى أنه كان «أول من أدان الفيلم والرسوم المسيئة»، كما لفت إلى مناشدته للمسلمين جميعًا ب«الاقتداء بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وباتخاذ الطرق السلمية والقانونية في التعبير عن غضبهم»، حسب قوله. وتساءل «جمعة» حول «الرسوم الفرنسية المسيئة»: «هل لا بد كما يقول الصحفي الفرنسي (إننا يجب أن نستمر في السخرية من الإسلام كما سخرنا من المسيحية؟!)، أقول لا، فنحن ضد السخرية من الإسلام، وضد السخرية من المسيحية، وضد السخرية من أي ديانة كانت»، مضيفًا: «نحن لا نكيل بمكيالين، وما نطالب الغرب أن يفعله لابد أن نقوم به أولاً حتى نكسب احترام العالم، لأن الكراهية لا تعالج بالكراهية». وحول أفضل طريقة للرد على «الأفلام والرسوم المسيئة»، قال «جمعة»: «أفضل طريقة هي أن نطبق القوانين التي توصلنا إليها، فهناك قانون لتحريم نشر الكراهية في أمريكا، وهناك قانون مثيل له في الدانمارك، لكن عندما تأتي الأمور تتعلق بالإسلام كأنهم يقرأونه قراءة أخرى». ودعا «جمعة» الإعلام الغربي إذا أراد معرفة الحقيقة من أجل أن ينشر الحقائق، أن «يلجأ إلى المؤسسة الدينية الرسمية وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء، لأنها هي التي تعبر في النهاية عن جمهور الأمة وليست عن آراء فردية هنا أو هناك»، حسب قوله.