تقول النكتة المصرية الشهيرة إن شابا وجد جدته مريضة وترفض تناول الطعام، فمازحها سائلاً: «أجوزك ولا تاكلى الرز أبو لبن؟»، فردت عليه: «هو أنا عندى سنان للرز أبو لبن؟»، نتعامل مع تلك النكتة باعتبارها مزحة لكنها فى الواقع مؤشر على أن النساء - كما الرجال تماما - يشعرن طوال حياتهن بالرغبة فى شخص يؤنس وحدتهن. وحول نفس الموضوع زواج الكبار نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تساؤلا من فتاة تشعر بالقلق على جدتها البالغة من العمر 75 عاما، لأن الجدة تريد الزواج من شاب عمره 35 عاما. القصة كما روتها بدأت بقولها إن العائلة كلها لا تشرك الجدة فى أى من مناسباتها وأنشطتها الاجتماعية، والجدة لا تزال بصحة جيدة وتعمل لبعض ساعات فى مساعدة المساجين، وتعرفت على شاب فى السجن وبدأت توطد علاقتها به وتنوى الزواج منه بعد خروجه. الفتاة القلقة لم يزعجها فكرة زواج الجدة فى حد ذاتها، لكن ما أزعجها هو أن الزوج المنتظر «رد سجون» كما أنه يكاد يكون من نفس عمرها هى. القلق منطقى وكذلك جاء الرد الذى كتبته إيميلى يوف، رداً على نفس الرسالة، فبدأت بتساؤل عما إذا كان إبعاد العائلة للجدة حدث أولا أم التعرف على ذلك الشاب. وسواء هذا أم ذاك طلبت من الحفيدة أن تقترب من جدتها وتبحث عن أنشطة مشتركة يمكن أن تجمعهما حتى وإن كانت دردشات بين حين وآخر. ثم يأتى بعد ذلك التعبير عن المخاوف من فشل تلك الزيجة. رغبة الجدة فى الزواج، كانت هى نفسها فى حالة بسمة.ص الفتاة المصرية البالغة من العمر 30عاما، والتى كبرت يتيمة الأب والأم ولم تعرف لها أهلا إلا تلك المرأة التى قامت بالعناية بها. كل يوم كانت بسمة تحس بمشاعر جدتها «م.ل» التى تجاوزت السبعين من عمرها ورغم ذلك تتمسك بالحياة وتحبها لإيمانها العميق الذى جعلها تتجاوز وفاة أبنائها الثلاثة بتسليم مطلق بإرادة الله الذى قرر استرداد وديعته. ذلك الإيمان نفسه هو الذى دفعها للتعايش ومحاولة الفرح والبحث عن السعادة فى كل شىء ابتداء من ألوان ملابسها الفضفاضة مرورا بملاءات سريرها ومناشف الوجه. كانت تنفض الحزن عنها سريعا وتعود إلى الصلاة، والألوان المبهجة تملأ بها حياتها. مع كبر الأحفاد وزواجهم انشغل كل منهم بحياته وعاشت هى وحيدة، وذات يوم- وفقا لما ترويه بسمة- وخلال أحد الأعياد كان أحد الأقارب يزور الأسرة ليهنئهم بالعيد وطلب أن يتزوج الجدة. الرجل الذى بلغ من العمر 80 عاما كان جادا لكنه أضفى صبغة من المزاح على حديثه كى لا تحدث مشكلة كبيرة. بعد انتهاء الزيارة بدأت بسمة تتحدث مع الجدة لتجد أنها لا تمانع شخصيا إلا أن ما يقلقها هو «كلام الناس». وأغلقت الجدة الباب على نفسها واكتفت بصلاتها وألوانها المبهجة ونزهة بين الحين والآخر مع أى من أحفادها. لكن الإحساس بالوحدة مستمر، وكذلك القلق من أن يحدث لها شىء ما ليلا أو يقدر الله لها الموت وهى وحيدة لتظل يوما أو أكثر لا أحد يعرف عنها شيئاً. بسمة تشعر بقلق الجدة وتعرف أنها لن تتمكن من مواجهة كلام الناس، وهى غير قادرة على البقاء معها بعدما تزوجت وأنجبت ورحلت من بلدتها إلى بلدة مجاورة.