المعهد الذى كان يعالج المرضى كبارا وصغارا، نساءً ورجالا، المعهد الذى كان يجرى الجراحات ويزرع النخاع، المعهد الذى كان يطارد الأمل مع مئات الآلاف من المرضى الذين عجز طاقمهم الطبى عن مواجهتهم، المعهد القومى للأورام سيتم إخلاؤه، لكن إلى أين سيذهب كل هؤلاء المرضى بعد أن صاروا وحدهم مع المرض، كان المعهد يشتكى دائما من عدم قدرته على مواجهة كل تلك الأعداد عندما تصدع فجأة مبناه الجنوبى، وانشغل المسؤولون بتبادل الاتهامات وإلقاء اللوم والتهم كل على الآخر، بينما تركوا المرضى وحدهم دون إجابة عن السؤال: إلى أين سنذهب؟. اعتدنا فى مصر على حالات الإخلاء والتشريد للسكان، لكننا لم نعتد عليها مع المرضى، خاصة إذا كانوا مرضى بالسرطان وبينهم أطفال، فإذا كان صحيح الجسد يعانى الأمرّين حينما لا يظلله سقف، فماذا عن مريض الجسد الذى لا يبحث عن سقف فقط لكنه فى حاجة ماسة إلى العلاج؟ المشكلة هذه المرة أعقد وأكثر إيلاما.. المشكلة فى إخلاء مرضى المعهد الذين كانوا قبل صدور قرار الإخلاء يعانون الأمرّين أصلا.