«قبل ما تسأل عن الشقة اسأل عن البواب الأول».. كانت هذه بداية لنظرية محمد توفيق، الطالب بكلية الهندسة جامعة القاهرة، فالشاب الذى لمس بأطراف أصابعه عامه العشرين يتحدث بلهجة الخبير عن أهمية البواب فى حياة «العزبنجى». «دا اللى هايعّرفك على المنطقة، لو طلع جدع معاك هاتبقى شقة العمر، ولو خنق عليك هاتبقى ساكن فى السجن». خبرة محمد مع البوابين عريضة، فقد ترك المدينة الجامعية هرباً من «عَدّ الفراخ اللى بيحصل يومياً»، وانتقل من شقة إلى أخرى حتى سكن فى شارع العريش مع شاب يعمل مندوب دعاية لشركة أدوية شهيرة. فى انتقالاته الكثيرة تعرف محمد على أنواع البوابين: «هتلاقى بواب أساساً كان مخبر، يخليك تشك فى اسمك، ولو حد جالك أو سأل عليك يفتح له محضر، وفيه بوابين كل همهم فى الدنيا السبوبة، يجيب لك حاجة وياخد الباقى من غير ما تفتح بقك، تبقوا صحاب ساعة ما يعرف إنك جايب شوية أكل حلوين من البلد، يموت فيك فى الأعياد والمواسم وتلاقى عياله عارفينك أكتر من أبوهم». مشكلة محمد مع البوابين جعلته يغير سكنه أكثر من مرة: «جبتها من الشمال للجنوب، سكنت فى الهرم وفيصل وأرض اللواء والمعادى.. لحد ما لقيت الشقة دى.. يا دوب الواحد حس إنه قعد فى شقة». فوبيا البوابين لم تكن هاجس العازب الوحيد، فأشرف النادى المهندس فى شركة بترول كانت له «فوبيا» خاصة: «المشكلة فى الباراشوت.. أنا باروح الموقع من الفجر، وبارجع على 8 بالليل بعربية الشركة.. باشتغل هناك فى الصحرا على محطة ضخ، ومش معقول كل يوم ألاقى واحد صاحبى جاى وعايز يحكى لى قصة حياته أو يسمّع لى فيلم شافه من سنتين.. ببقى خلاص هاتجنن عاوز أطرده وأنام». صنف «الصديق الباراشوت» لا يرضى بالقليل، فهو ليس طالب سكن ولكنه «عاوز ودان.. عاوزنى أقعد جانبه وأنا مهدود.. أسمع فى هتش وحواديت مالهاش راس من رجلين، وتبقى ليلتى سودا لو عارضته أو قلت إنى تعبان». غيّر أرقام هاتفه 3 مرات خلال عام هرباً من «الباراشوت» دون جدوى. «سكن بنات يعنى دور علوى».. هكذا تحدث محمد اللوجى، سمسار عقارات بوسط البلد، فهو ومعه غالبية أصحاب البيوت يتفقون على أن الفتاة العازبة لابد أن تكون تحت المراقبة ولو بشكل ضمنى «عشان صاحب البيت يشوف مين طالع ومين نازل، دول بنات وأى حاجة تجرحهم والناس ما بترحمش». ورغم «تنظيرات» أصحاب البيوت فإن هناك دائماً «قصصاً» تنشأ وتنمو وتنتهى على «حرف الشباك» و«منشر» البلكونة. فى حى بين السرايات، كان مجدى وكانت نهى، عازبان جمعتهما الصدفة فى عمارتين متجاورتين، هناك وجد «مجدى» صاحب محل موبايلات أمامه «بنت طالعة من الكتاب طازة، حلاوة ورقة وكل حاجة، كنت باشوفها كل يوم وأقول يمكن بنت حد من اصحاب البيت اللى قدامنا، وأنا كنت ساكن جديد ومش عارف المنطقة كويس، شوية بشوية قابلتها خارجة من باب تجارة، عرفت إنها فى الجامعة واتعرفنا على بعض، شوية بشوية بدأت قصة حب، ماقعدتش كتير تقريباً 3 شهور وعلى نهاية التيرم كانت راجعة بلدهم والموضوع انتهى وأنا كمان سبت الشقة وخدت واحدة تانية أوسع على راس الشارع».