الحلقة العاشرة صوت عايدة: طارق.. يا طارق.. طارق: (ينسى وضعه الجديد ويجيب بصوت عال).. أيوه.. مين اللى بينده؟.. (يستعيد نفسه على الفور ويتكلم بوقار شديد).. أيوه يا عايدة.. تعالى. (عايدة تدخل مندفعة، يتلقاها بين ذراعيه.. مدير المكتب على الفور يؤدى حركة للخلف در بنشاط زائد.. طارق يشعر بحرج فيبعدها عنه برقة) طارق: (للمدير).. نستكمل نقاشنا بعدين.. (يخرج المدير) عايدة: الناس دول تنبه عليهم، يدخلونى بمجرد ما آجى.. مش يسيبونى ملطوعة بين السفرا والوزرا.. واللى.. طارق: (يقاطعها مهدئاً).. طب اهدى بس.. اهدى يا حبيبتى.. فيه نظام.. لازم نحترم النظام.. عايدة: خمستاشر نفر شافوا الكارنيه بتاعى.. وكل واحد يقعدنى على دكة وياخد الكرنيه ويغيب نص ساعة.. ويرجع يعتذر لى ويبتسم.. الحكاية دى اتكررت عشر مرات.. وفى الآخر واحد قعد يحقق معايا.. (تقلده بسخرية).. عاوزاه ليه؟.. أنا خطيبته.. أيوه يا فندم عارف إنك خطيبته.. أنا قدامى ورق لازم أملاه.. لابد من كتابة الغرض من الزيارة.. عاوزاه ليه؟.. أخيراً اضطريت أقول له وإنت مالك يا أخى عاوزه أحبه شويه.. طارق: حبيبتى دى إجراءات أمن.. لابد من حماية الثورة.. عايدة: حمايتها منى أنا؟.. دى تبقى ثورة ضعيفة قوى.. طارق: (يتلفت حوله كما لو كان يخشى أن يسمعها أحد).. وطى صوتك.. عايدة: (هامسة).. هى الحيطان لها ودان كمان؟ طارق: هنا بقى الودان لها حيطان.. الكلمة بتاعتك دى قالها واحد على قهوة إمبارح.. عايدة: وحصل له إيه؟ طارق: أبداً.. مش حايقعد على القهوة تانى.. فى الغالب لمدة عشر سنين.. حبيبتى مفيش داعى نتقابل هنا.. لأنهم بيطبقوا التعليمات على أى حد.. إنشا الله يكون أبويا.. عايدة: من يوم ماعملتوا الانقلاب.. طارق: (مصححاً).. الثورة.. عايدة: من يوم ماعملتوا (تتردد لحظة وكأنها لا تؤمن بصحة الكلمة ثم تواصل).. من يوم ماعملتوا اللى عملتوه.. سبعة أيام دلوقت ومفيش ولا تليفون منك.. طارق: آسف.. كنت مشغول جداً.. وما اتصلتيش إنت ليه؟.. عايدة: كل ما اتصل.. يحولونى على خمسين سويتش.. وفى الآخر ألاقيك بتكلم واشنطن.. باريس.. لندن.. موسكو.. طارق: معلهش.. الفترة الأولانية.. حاتبقى عصيبة شوية.. لكن بعد كده، حياتنا حاتنتظم.. وحانشوف بعض كتير.. عايدة: (صوتها بدأ يكتسب رنة حزينة).. حانشوف بعض كتير؟.. والله أنا خايفة يا طارق.. أنا بدأت أخاف على علاقتنا.. أكتر من كده، بدأت أخاف على حياتنا نفسها.. كل اللى كنا بنحلم بيه.. اتهد خلاص.. طارق: إيه الكلام اللى بتقوليه ده؟.. بقى الأحلام اللى كنت حاحققها وأنا ضابط صغير.. مش حانعرف نحققها وأنا رئيس دولة؟.. عايدة: طارق أنا أحلامى صغيرة قوى.. وعادة رؤساء الدول مايعرفوش يحققوا الأحلام الصغيرة.. (لحظة).. لما كنت بتأخر عن المدرسة عشر دقايق.. كانت الناظرة بتستنانى على الباب ومعاها العصاية.. إمبارح رحت المدرسة متأخرة تلات حصص.. طارق: (ضاحكاً).. طبعاً لقيتى الناظرة واقفة من غير العصاية.. عايدة: لقيت وزير المعارف.. وكل المسؤولين فى الوزارة.. ومندوب اليونسكو.. واقفين صف واحد قدام المدرسة.. خير يا فندم؟.. إيه اللى أخرك يا فندم؟.. عسى يكون خير يا فندم.. (يكتئب للحظة ولكنه يحول الأمر لنكتة) طارق: ودى حاجة تزعلك؟.. ناس مهتمين بيكى.. عايدة: أهو الاهتمام ده هو اللى بدأ يفقدنى طعم حياتى.. كل ما أخرج من البيت باخرج فى موكب.. موتوسيكلات.. وحرس.. إنت عارف إنى بالعب تنس فى نادى شركة البترول.. طارق: أيوه.. حد ضايقك؟.. عايدة: لا.. بس كل ما ألعب، اللى قدامى يتغلب لى.. غلبت كل أبطال النادى.. إمبارح دخلت السينما أنا والأسرة.. لاحظت حاجة غريبة.. بتوع البوفيه بيبيعوا ورق دمغة وطوابع دمغة.. وكل المتفرجين بيشتروا منهم وهيصة وزيطة.. وخناق وضرب.. طارق: وبعدين؟.. عايدة: بمجرد ما السينما نورت فى الاستراحة.. كل المتفرجين اللى فى الصالة والبلكون والألواج.. هجموا على يدونى شكاوى وعرايض.. اللى انطرد من بيته.. واللى عاوز شقة.. واللى مظلوم فى الترقية.. واللى عيان وعاوز يتعالج.. (حزينة).. يبدو إنى من هنا ورايح.. حاعيش حياة غير طبيعية.. (لحظات).. طارق.. طارق: أم.. عايدة: ماتعرفش ترجع فى كلامك؟ طارق: أرجع فى كلامى؟.. الثورة هى الحاجة الوحيدة فى الدنيا.. اللى يعملها مايرجعش فى كلامه.. إلا فى حالتين.. يموت.. أو حد يرجعه فى كلامه بالقوة.. عايدة.. أرجوكى.. ماتحوليش المسألة لمأساة.. المهم إننا ما نتغيرش.. مانحسش إننا فوق البشر.. هو ده المهم.. (يحاول تغيير مجرى الحديث).. قوليلى يا حلوة.. الست بتاعة الرياضة عاملة فيكى إيه؟ عايدة: مابتديناش دلوقت.. الوزارة نقلتها على الحدود.. على بعد ألفين وخمسمائة كيلو.. طارق: (وهو يقوم ليكتب ملحوظة).. أمال مين اللى بيديكى الرياضة؟.. عايدة: الوزير.. بيدى فصلنا بس.. راجل مهذب.. وبافهم منه كويس.. (تقلد الوزير).. فهمتى يافندم؟.. أشرح لك تانى يافندم؟.. لو المسألة صعبة عليكى.. بلاش تحليها يافندم.. والحاجة الصعبة بيحذفها من المقرر وهو واقف.. طارق: جميل.. بيحذفها من المقرر بتاع الفصل ولا المدرسة؟.. عايدة: متهيألى من المنهج بتاع الوزارة.. لأنه بيحذف ويروح ماضى على قرار وزارى بالحذف.. وكيل الوزارة بيبقى واقف وراه.. ياخد القرار ويطلع جرى يطبعه استنسل.. (يكتب ملحوظة) عايدة: طارق.. طارق: أيوه.. عايدة: أنا جاية أسألك سؤال محدد.. بابا وماما وكل قرايبى بيكلمونى فى الحكاية دى.. طارق: حكاية إيه؟.. عايدة: حانتجوز إمتى؟.. طارق: لما أتخرج.. لازم أدخل أكاديمية حكم الشعوب فى جنيف.. عشان أكون حاكم معترف بيه.. فى الأسرة الدولية لازم يكون معايا بكالوريوس فى حكم الشعوب.. عايدة: تضمن لى.. بعد ما تاخد البكالوريوس وترجع.. ماحدش يقبض عليك فى المطار؟ طارق: ماحدش فى الدنيا بيضمن حاجة.. أنا أعمل الصح والباقى على ربنا.. عايدة: نتجوز وأسافر معاك سويسرا.. طارق: لأ.. لازم تكملى تعليمك.. ماحدش ضامن الظروف.. يحصل لى أى حاجة يبقى معاكى شهادتك.. كمان قوانين وزارة المعارف بتمنع أى بنت إنها تتجوز وهى فى المرحلة الثانوية.. عايدة: القانون ده اتلغى.. لجنة تطوير القوانين لغته.. الوزير نده لى فى الفسحة وقال لى الخبر ده.. والمدرسة كلها قالت لى مبروك. (ينهض لمكتبه ويكتب ملحوظة)