أشهر الصيف لا تعنى له سوى أوقات العمل والشقاء، حيث يترك محمود حمدى– 11 عاما– بلدته بالمنوفية، لينتقل إلى القاهرة للعمل كنقاش باليومية، يقضى صيفه فى التنقل من منزل لآخر للحصول على دخل يساعده على تحمل تكاليف الحياة التى يراها مرتفعة ومساعدة أسرته وأشقائه الأربعة. لا يفرق معه كثيرا وقت الدراسة عن أوقات الإجازات، ففى كلتا الحالتين يبدأ يومه مبكرا فى تمام الساعة الثامنة صباحا، وبينما ينهى يومه الدراسى فى الثانية ظهرا، يستمر عمله فى الإجازة الصيفية حتى الخامسة مساء. التذمر بالنسبة لمحمود أمر ليس واردا، وببراءة طفولية يؤكد أنه لا يوجد «رجل» لا يعمل، فاحتياجات المنزل وطلبات الأهل لا تنتهى يقول: «فى أيام الإجازة بروح أشتغل نقاش مع جوز أختى، وأنا معرفش يوميتى فى الشغل كام لأن جوز أختى بيقبضها بدالى وبيديها لأختى علشان تبعتها لأهلى فى المنوفية». رغم تفوق محمود وحصوله على مجموع يزيد على 95% فى الصف السادس الابتدائى، فإنه يشكو من صعوبة منهج اللغة العربية، خاصة النصوص التى لا يستطيع حفظ جميع أبياتها. الحلم الذى يعيش به محمود حاليا هو الاشتراك فى أحد أندية كرة القدم التى يعشقها، ويتابعها بكل شغف حتى فى أوقات العمل، وينتظر تحقيق وعد من أسرته بإشراكه فى أحد النوادى الصغيرة. .. وعند عمرو: تمرينات سباحة وخماسى ولعب «بلاى ستيشن» يشترك عمرو أشرف- 12 عاما- مع محمود فى المرحلة الدراسية ذاتها، فكلاهما أنهى تعليمه الابتدائى بتفوق ومجموع يتجاوز ال 90%، لكن الفارق كبير بينهما فى المستوى الاجتماعى، وبالتالى تختلف خطط كل منهما لقضاء الإجازة الصيفية. بينما يقضى محمود الإجازة الصيفية فى العمل باليومية، فإن أسرة الطفل عمرو تضع له برنامجا صارما يسير عليه طوال أيام الأسبوع، من خلال الاشتراك فى ناديين مختلفين، يقضى فيهما أغلب ساعات يومه بين تدريبات السباحة والخماسى، بالإضافة إلى ما توفره له مدرسته الخاصة من أوراق مراجعة للمنهج خلال الإجازة الصيفية حتى لا ينسى ما تعلمه طوال العام. اليوم عند عمرو يبدأ أيضا فى الثامنة صباحا، يرتدى زيه الرياضى استعدادا للذهاب إلى تمريناته، وتتخلل ساعات يومه دروس حفظ القرآن فى مسجد قريب من منزله بمنطقة مدينة نصر، لينتهى يومه أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به وال «بلاى ستيشن». السيدة رانيا عبدالله- 32 عاما- والدة عمرو، تشكو أنه رغم ما توفره له المدرسة من مراجعات خلال فترة العطلة الصيفية، إلا أنها تقضى شهرا كاملا فى بداية العام الدراسى حتى يستطيع ابنها أن يتذكر منهج العام السابق استعداداً لدخول السنة الدراسية الجديدة.