ياسر أيوب يكتب: مصطفى فهمى.. رجل من مصر

أرجوكم لا تتخيلوا أننى هنا أقدم خبرا أصبحتم كلكم تعرفونه الآن.. وأقصد تعيين المصرى النبيل والأنيق.. مصطفى فهمى.. رئيسا للجنة المسابقات فى الفيفا.. المنصب الذى سيتسلمه فهمى فى نهاية شهر سبتمبر وسيستقيل بسببه من منصبه كسكرتير عام للاتحاد الأفريقى للكرة، الذى ظل يشغله فهمى طيلة ثمانية وعشرين عاماً.. وإنما أتمنى أن تتوقفوا معى قليلاً للتأمل والتدقيق فى هذا الخبر بكل معانيه ودلالاته.. وقد فوجئت بمن يضع «فهمى» مع أبوريدة فى سلة واحدة باعتبارهما يشغلان حاليا مناصب رفيعة فى الفيفا..
ومع كل تقدير حقيقى واحترام عميق لأبوريدة كعضو باللجنة التنفيذية بالفيفا إلا أنه لا وجه للمقارنة على الإطلاق بين الاثنين.. فعضوية اللجنة التنفيذية بالفيفا هى مجرد أحد المقاعد المخصصة لأفريقيا.. والسباق عليها محصور داخل أفريقيا وحدها.. والوصول إليها يعنى التفوق على أفارقة آخرين..
أما فهمى فقد تم اختياره ليدير إحدى أهم لجان الفيفا على الإطلاق.. لجنة المسابقات.. مقعد واحد فقط يحلم به ويتمناه تنفيذيون كثيرون جدا فى العالم كله.. ومن بين هؤلاء الكثيرين.. يختار الفيفا المصرى فهمى ليجلس على ذلك المقعد ويتقاضى أجراً لائقاً لينظم للفيفا كل مسابقاتها ويحرص على انتظامها ونجاحها..
وسيجلس فهمى على هذا المقعد ليخلف الأمريكى جيم براون، الذى تقدم باستقالته قبل المونديال الأفريقى لظروف عائلية تحتم عودته لبلاده بدلاً من الإقامة الدائمة فى زيوريخ.. ويصبح فهمى بذلك هو أول مواطن غير أوروبى وغير لاتينى يشغل مثل هذا المنصب الرفيع.. وعلى الرغم من أننى أحترم وأعتز بتصريحات قيلت فى أروقة الفيفا حول تعيين فهمى وأنها الجائزة التى كانت تستحقها أفريقيا بعد نجاحها فى استضافة المونديال لأول مرة فى تاريخها..
إلا أننى أشك فى أن هذه المجاملات الإعلامية كانت مؤثرة أو موجودة على مائدة البحث والاختيار والقرار.. إنما هى كفاءة فهمى وحدها وتاريخه الطويل والرائع ونجاحاته التى كان آخرها تنظيم نهائى المونديال بين إسبانيا وهولندا..
 وكل من يقرأ أسباب ودواعى الفيفا لاختيار فهمى لرئاسة هذه اللجنة، لابد أن يشعر بالحسرة لأنه فى اللحظة التى كان فيها الإعلام المصرى يلتف فى إعجاب وانبهار حول جون هاينز، الخبير الدولى الذى استضفناه فى القاهرة ليحل لنا مشكلاتنا الكروية ويفتينا فى ملفات جدو وريعو ولوائح اللاعبين، كان الفيفا يختار فهمى ليرأس اللجنة التى تضم هاينز كواحد من أعضائها.. أى أن فهمى هو الذى سيدير هاينز وزملاءه..
ورغم ذلك فإننا عندما واجهنا المشكلات ذهبنا إلى هاينز وتجاهلنا فهمى.. فهو مصرى مثلنا وبالتالى لا يفهم ولا يعرف أكثر منا.. ولم تكن هذه بالضرورة هى رؤية الفيفا.. وبالإضافة لذلك كله.. أظن أنه آن أوان أن ندرك أن الذين يديرون الكرة بعدما أصبحت صناعة وتجارة بالملايين.. لابد أن يكونوا تنفيذيين يملكون الخبرة والتجربة ويديرون الشؤون والشجون ويتقاضون رواتب تسمح بحياة كريمة وبالتفرغ التام لذلك بدلا من هواة وأنصاف متفرغين..
وهو ما يعنى أن اتحاد الكرة ليس فقط فى حاجة لهيكلة إدارية جديدة.. وإنما روح ورؤية جديدة وموظفون حقيقيون يديرون كل لجان الاتحاد ونشاطاته وليس أعضاء مجلس إدارة متطوعين فى الظاهر أو رجال لهم حياتهم ووظائفهم الأخرى ويأتون للاتحاد فقط من أجل الشهرة والأضواء.
yayoub@gmail.com