انتهت بوروندى وغينيا لتوهما من تنظيم انتخابات، وذلك فى أعقاب الانتخابات التى أجرتها كل من «أرض الصومال»، المنطقة التى تتمتع بحكم شبه ذاتى، وإثيوبيا. وتستعد رواندا لتنظيم انتخابات بداية الشهر المقبل، وتليها فى ذلك تنزانيا وتشاد وعدة دول أفريقية أخرى. وبحلول نهاية ديسمبر، سيكون الكثيرون من مواطنى الدول الأفريقية ال48 الواقعة جنوب الصحراء الكبرى قد ذهبوا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم فى مجموعة متنوعة من الانتخابات المحلية والإقليمية والوطنية. ومن المقرر أن تجرى كينيا أيضا استفتاءً حيوياً على الدستور فى 4 أغسطس المقبل.. لذا يبدو2010 عاماً شديد الأهمية للناخبين الأفارقة، حيث إنه قد يكون العام الأكبر فى تاريخ القارة من حيث عدد العمليات الانتخابية التى سيشهدها، ما لم يطرأ أى جديد يؤدى إلى إرجاء أو إلغاء للمواعيد المقررة للانتخابات. وترى مجلة «الإيكونوميست» البريطانية، أن غينيا تعد مثالاً مشجعاً لاتجاه جديد محتمل فى القارة السمراء، فبعد عقدين من الحكم الاستبدادى للرئيس لانسانا كونتى، استولى الجيش على السلطة بعد وفاته، منذ عامين، ثم اتخذت الأوضاع هناك منحى جديداً، حيث تعرض زعيم الانقلاب موسى داديس كامارا لمحاولة اغتيال على يد أحد مساعديه، مما دفع بقية أعضاء المجلس العسكرى الحاكم إلى التعهد بالعودة إلى الحكم المدنى بعد الانتخابات التى وعدوا بعدم خوضها. وعقدت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم 27يونيو سلمياً، فيما ينتظر إجراء جولة الإعادة قريباً. وأشارت «إيكونوميست» إلى أن هناك عوامل تفسر هذه الطفرة فى حماس الأفارقة للذهاب إلى صناديق الاقتراع، فهى ترى أن الناخبين «المحتملين» حريصون على جعل قياداتهم الفاسدة والمتغطرسة فى كثير من الأحيان أكثر عرضة للمساءلة. وضربت المجلة مثالاً فى ذلك بنيجيريا، موضحة أن النيجيريين أعربوا عن غضبهم من الطريقة التى أدار بها حزب الشعب الديمقراطى الحاكم «تمثيلية الانتخابات» عام2007. ونتيجة لذلك، كان على الحكومة أن تقدم تنازلات حول إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة، العام المقبل. وتشير المجلة إلى أن الضغط من أجل التطور يأتى من خارج القارة أيضاً، موضحة أنه فى الوقت الحاضر، يرتبط تقديم الكثير من أموال المساعدات والدعم الدبلوماسى بمدى التقدم الذى يتم تحقيقه فى الحكم وترسيخ الديمقراطية. وضربت على ذلك مثالاً بأن الانتخابات السودانية الأخيرة عقدت كجزء من اتفاق السلام للحكومة مع متمردى الجنوب، والذى تم بمباركة الولاياتالمتحدة، عام 2005. كما أن دولاً مثل غانا ومالى لديها حافز قوى للإبقاء على قيم الديمقراطية، وهو الحصول على مليارات الدولارات من المساعدات من صندوق تحديات الألفية الأمريكى. وهذا يقتضى من البلدان أن تثبت التزامها بالحكم الرشيد وإجراء الانتخابات إذا ما رغبت فى الحصول على المال. لكن «إيكونوميست» ترى أن الأخبار ليست دائماً سارة، فنظرة خاطفة على عدد من استطلاعات الرأى التى أجريت أخيراً، غالباً ما تظهر أن الأمر لا يعدو كونه «محاكاة مضحكة»، ففى بوروندى، فاز بيير نكورونزيزا فى يونيو ب92% من الأصوات، بعد انسحاب «جميع» مرشحى المعارضة من الانتخابات الرئاسية. وفى إثيوبيا، فاز معارضو حزب ملس زيناوى الحاكم بمقعدين فقط من المقاعد ال547 فى البرلمان. وفى السودان، فاز البشير على المعارضة التى قاطعت إلى حد كبير هذا الحدث. وبلغة مراقبى الانتخابات الدوليين، فكثير من هذه الانتخابات كانت «دون المعايير الدولية»، أو بلغة أوضح- والكلام للصحيفة- فهى مزورة لضمان أن القائد أو حزبه لن يزيحه الناخبون من كرسى الحكم. ورغم أن القادة الطغاة يشعرون بأنهم مضطرون لإجراء الانتخابات، فإنهم يكتسبون أيضاً خبرات ومهارات التشبث بكرسى الحكم. وتختتم «إيكونوميست» بقولها إن عدد العمليات الانتخابية غالباً ما يكون دليلاً ضعيفاً على الحالة العامة للديمقراطية والحريات المدنية فى بلد ما، لكن مع ذلك، فالانتخابات فى أفريقيا تعد مدعاة للأمل، إلا أن تقدم الديمقراطية لايزال غير مكتمل، فغالباًَ ما يجد القادة المخضرمون فى القارة طريقاًَ للاستمرار فى كرسى الحكم، أياً كانت رغبة الناخبين.