فى هذا المقال الأخير واستكمالا للمبادئ التى يجب الاسترشاد بها عند التعامل مع الأزمات الاستراتيجية نتحدث عن الخمسة مبادئ الأخيرة من المبادئ العشرة: أولا، مبدأ الاقتصاد فى استخدام القوة. ونقصد فى هذا السياق أنه عند وقوع أزمة استراتيجية يميل بعض صناع القرار إلى الاعتقاد بأن الأزمة إذا تم استخدام القوة المفرطة ضدها فى بدايتها لإيقاف تطورها يكون هذا قرارا رشيدا، اعتمادا على أن تطور الأزمة سوف يصاحبها قدر عال من التعقيد، ومع التعقيد تتضاءل قدرة صانع القرار على الحسم لصالح اختياراته. هذا النهج فى التفكير هو منهج عشوائى وليس عقلانياً لأن من طبيعة الأزمة الاستراتيجية التطور بشكل شبكى معقد فى وقت قصير. ثانيا: مبدأ التفوق فى السيطرة على الأحداث، ويعنى أن يكون هناك تفوق دائم فى السيطرة على الأحداث التى ترافق الأزمة من قبل مدير الأزمات. ومن أهم جوانب التفوق الدائم ممارسة عمليات الاحتواء، والسيطرة على قوى الفعل المختلفة، بالإضافة إلى المعرفة التفصيلية بتطورات الأزمة وحيثياتها، وكذلك القدرة على الاختراق الأمنى للقوى الموجهة والصانعة للأزمة والمهتمة بها، ثالثا: مبدأ تأمين الأرواح والممتلكات والمعلومات، يقصد بهذا المبدأ محاربة الخوف ورفض الهزيمة وتكريس إرادة الانتصار على الأزمة فى نفوس مديريها. فالأمن فى هذه الأوضاع له الأولوية المطلقة فى عملية إدارة الأزمات والتى يجب أن تتمثل بوجود نظام لتأمين معلوماتى قوى لا يسمح للأزمة باختراق مدير الأزمة. رابعاً، مبدأ التعبئة السريعة والمتناسبة مع كل مرحلة من مراحل الأزمة، يتطلب هذا المبدأ التصدى للأزمة بسرعة، والتعرض لأحداثها السريعة بدقة وحرص، كما يتطلب توفير عناصر وكوادر بشرية مؤهلة، وتوفير الإمكانيات للإنفاق على مقاومة اتساع الأزمة، عدم الدقة فى مواجهة الأزمة قد يقود إلى مزيد من المخاطر والأزمات، فضلا عن إهدار الموارد، خامساً، استخدام الأساليب المباشرة كلما كان ذلك ممكنا، فالتعامل مع الأزمات الاستراتيجية يحتاج إلى وعى إدراكى متكامل من قبل مدير الأزمات بأساليب المناورة والتمويه، وهى أساليب تفقد العدو توازنه، وتجعله يتفكك وينهار بتأثير المفاجأة والصدمة. وبالتالى فإن استخدام الأساليب غير المباشرة فى التعامل مع الأزمة تتيح المجالات لاستخدام مبادئ التعامل الميدانى مع الأزمات التى من أهمها: أ- التدرجية: تسمح الأساليب غير المباشرة بالتدرج فى مواجهة الأزمات، والتعامل معها بفاعلية أكبر دون أن ينتبه لها الخصم. ب- التلازم والتتابع: ويتم بموجب هذا المبدأ استخدام مجموعة الأدوات التى تم تخصيصها من أجل المعالجة السريعة للأزمة بشكل متلازم ومتتابع ومتناسب، سواء لاحتياجات تراكمات النتائج التى أفرزتها الاستخدامات فى المراحل. ج- التناسق والاتساق: تحتاج عملية استخدام الأساليب غير المباشرة فى مواجهة الأزمة إلى قدر كبير من الحنكة والدهاء، والقدرة على استخدام مجموعات متكاملة من الوسائل والأساليب والأدوات بقدر كبير من التناسق والاتساق فضلا من أنها تشكل فى مجموعها حزمة مترابطة ومتكتلة يصعب اختراقها من جانب صانعى الأزمة، د- التغطية والخداع: عندما يواجه صانع القرار فى أى هيكل دولى أزمة غير واضحة المعالم، ولا تتوفر لديه معلومات كافية توضح له الأسلوب الأمثل للتدخل، يتعين عليه أن ينتظر حتى تتضح معالمها ويتوفر لديه معلومات كافية توضح له الأسلوب الأمثل للتدخل، وتحديد المسار السليم لمعالجة الأزمة فالانتظار يفتح الطريق أمام صانع القرار لاستخدام الأساليب غير المباشرة فى إدارة الأزمة، كأساليب الامتصاص والاستيعاب لضغط الأزمة، وأساليب الخداع والتمويه، وأساليب الاحتواء والاستجابة الجزئية للمطالب، وأساليب التنصل والانسلاخ من اتجاه إلى آخر، وإجراء التحالفات المؤقتة حتى مع تيارات قد تكون ساهمت قى صناعة الأزمة بهدف العزل والاختراق وتغيير المصالح وإعادة توجيها من جديد لتصب فى صالح مدير الأزمة.