النمو المستمر للقوة العسكرية الصينية علي مدي العقود الثلاثة الأخيرة أصبح مثار قلق متزايد للولايات المتحدةالأمريكية والدول الغربية الكبري.. وبالطبع لليابان حليفة أمريكا الرئيسية في شرق آسيا. ويستند هذا النمو اللافت للنظر إلي ركيزتين أساسيتين صلبتين.. أولاهما هي النمو الاقتصادي العاصف والمتواصل الذي تحققه الصين، والذي أشرنا اليه بالتفصيل في الجزء الأول من هذا المقال "العالم اليوم الأحد 2 مايو".. حيث تتيح متانة الاقتصاد الصيني إمكانية تخصيص موارد متعاظمة للانفاق العسكري، دون خشية من حدوث آثار اقتصادية خطيرة، أما الركيزة الثانية والمرتبطة عضويا بالأولي، فهي التقدم الكبير للبحث العلمي والتعليم في الصين، الأمر الذي يتيح لها تطوير الأسلحة المتقدمة أصلا التي تحصل عليها من الدول الصديقة وفي مقدمتها روسيا، والأهم من ذلك أنه يتيح لها القدرة علي تطوير أجيال جديدة من الأسلحة في جميع المجالات بناء علي أحدث منجزات التكنولوجيا العالمية علي أساس تخطيط علمي سليم لبقاء قواتها المسلحة وتحديثها باستمرار لتكون قادرة علي الدفاع عن البلاد وحماية مكانتها الاقتصادية والسياسية المتعاظمة في العالم، وعنصرا أساسيا من عناصر تأكيد وتعزيز هذه المكانة. أولا: الاستراتيجية العسكرية الشاملة: نظرا لتعدد مصالح الصين وانتشارها الهائل علي مستوي العالم تحولت العقيدة العسكرية الصينية تدريجيا من مرحلة حماية حدود الوطن إلي مبادئ قتالية جديدة تتفق مع كونها دولة عظمي حديثة وبدأت بوضع بعض المبادئ: 1 - التعريف الموسع للحدود الاستراتيجية والمجال الحيوي. 2 - وضع مبدأ الردع الاستراتيجي وأخذ زمام المبادرة بتوجيه الضربة الأولي ضد أي تهديد لحدودها أو لمصالحها الحيوية. 3 - بناء جيش منظم ومدرب تدريبا جيدا ومجهز بأحدث المعدات العسكرية يمكنه حماية الأرض والبحار، وتأمين السماء والفضاء. هذه المبادئ الجديدة التي أعلنتها القيادة الصينية وضعت في الاعتبار أن القوات الصينية الجديدة لابد أن يكون لها من القدرات الكبيرة ما يكفي لاحتمال استخدامها خارج الحدود الصينية وأن تكون مناسبة لتعزيز طموحات دولة عظمي وأعتقد أننا لا نبالغ إذا توقعنا أن يكون هذا القرن هو قرن التنين الصيني وبجدارة. ثانيا: السياسة الدفاعية العسكرية: وتنفيذا للمبادئ الاستراتيجية السابقة كان لابد أن تترجم هذه المبادئ إلي سياسات عسكرية دفاعية تنفيذية ترتكز علي الآتي: 1 - تعزيز المكانة العالمية والاقليمية للصين بتوفير القدرة العسكرية البشرية عالية التدريب المجهزة بالمعدات المتطورة تقنيا وتنوعها بما يتلاءم مع تحولها من قوة برية إلي قوة برية وبحرية وجوية وصاروخية وبما يتناسب مع الدور والمكانة الصينية العالمية الجديدة، وأصبحت الصين تمتلك حاليا أكبر جيش في العالم، إذ يبلغ تعداد جيش التحرير الشعبي الصيني والمعروف اختصارا ب"PLAS300 المضادة للطائرات والصواريخ. كما أنها أطلقت العشرات من الأقمار الصناعية للتجسس والاتصالات وبدأت برنامجا فضائيا طموحا وقد قامت بتجربة سلاح مضاد للأقمار الصناعية لتصبح الدولة الثالثة بعد أمريكا وروسيا في هذا المجال. كما تملك ترسانة هائلة من الأسلحة النووية تقدرها المصادر الأمريكية بما يقرب من ألف رأس. الإنفاق العسكري: من المعروف أن الصين زادت خلال ال15 سنة الماضية من انفاقها العسكري والتقديرات الرسمية الصينية لهذا الانفاق السنوي تتراوح بين 30 و 35 مليار دولار ويعتقد الكثيرون أنها أرقام أقل من الانفاق الحقيقي بينما يقدر عدد من المختصين أن الانفاق العسكري الصيني يتراوح بين 50 و65 مليار دولار ويتضمن عمليات البحث والتطوير.