الوطنية للانتخابات: انتهاء الفرز ب 31 مقرا انتخابيا بالخارج، والكويت تتصدر نسب التصويت    البنك الزراعي المصري يبحث دعم برامج التنمية الزراعية والريفية بمحافظة الدقهلية    خبير: استمرار الانتهاكات الإسرائيلية يُهدد مصداقية خطة السلام ويُعجل بنهاية الاحتلال    مصدر بالأهلي يكشف تفاصيل إصابة الشناوي خلال مباراة شبيبة القبائل    التعادل 1-1 يحسم قمة العين ضد الجزيرة في الدوري الإماراتي    تفحم سيارة ملاكي في حدائق القبة اندلع بها حريق مفاجئ    ابنة المخرج الراحل سامح عبد العزيز تحكي عن كواليس فيلمها "وجع الفراق"    حمزة نمرة يكشف موعد طرح ألبومه الجديد    فيفي عبده نجمة خللي بالك من مراتك في رمضان 2026    اجتماع تنسيقي بين شركة مياه القليوبية والجهاز التنفيذي لمتابعة سير المشروعات    الرى تصدر بيانا عاجلا بشأن استمرار التصرفات الأحادية وغير المنضبطة لإثيوبيا    المتحدثة باسم اليونيفيل: الهجمات الإسرائيلية داخل لبنان "غير مقبولة" أمميا    مصرع وإصابه 4 أشخاص في حادث تصادم بالمنوفية    ضبط صاحب محطة استولى على 2.2 مليون لتر سولار و100 ألف لتر بنزين بالأقصر    ماكرون يعلن عقد اجتماع عاجل للدول الداعمة لأوكرانيا الثلاثاء المقبل    حزب الجيل: فضيحة السويد تؤكد جرائم الإخوان الإرهابية بعملية احتيال واسعة النطاق    ممثل «اليونيسف» : نواصل خدمة الأطفال في الفاشر رغم الكارثة الإنسانية    مفاجأة داخل الكواليس.. صناع "كلهم بيحبوا مودي" يحتفلون بعيد ميلاد آيتن عامر    ظهور عائلتها لأول مرة.. مروة نصر تطرح كليب "روحي"| (فيديو)    المتحدثة باسم اليونيفيل: الهجمات الإسرائيلية داخل لبنان غير مقبولة أمميا    وزير الصحة يتفقد تطوير 20 عيادة بمبنى العيادات الخارجية بمستشفى الجمهورية التعليمي    لماذا يعد فيتامين « د » أساسًا لصحة الجسم؟    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    الشوط الأول| ريمونتادا بايرن ميونخ أمام فرايبورج في الدوري الألماني    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    ارتفاع مشاركة الشباب المصري في انتخابات البرلمان داخل سفارة موسكو    مرموش بديلا في تشكيل مانشستر سيتي لمواجهة نيوكاسل بالبريميرليج    جهود صندوق مكافحة وعلاج الإدمان في مواجهة المخدرات وحماية الشباب خلال أسبوع    يقود اليوم الأوركسترا الملكي الفيلهارمونى احتفاءً بموسيقار الأجيال فى لندن..    نسرين العسال تكتب: أصوات من السماء تصنع ترند من "دولة التلاوة"    شلل مرورى بالطريق السياحى اتجاه المنيب والمعادى وتوقف تام لحركة السيارات.. صور    30 ديسمبر.. الحكم على 9 متهمين فى خلية شبكة العملة    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    مصر تبحث مع نيجيريا تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والدواء والطاقة والإنشاءات    إعلان قمة العشرين يتجنب ذكر روسيا صراحة لكن يلمح إلى حرب أوكرانيا    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    الهلال بالقوة الضاربة أمام الفتح بالدوري السعودي    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    غنيم: خطة الصناعة لتحديد 28 فرصة استثمارية خطوة استراتيجية لتعزيز التصنيع المحلي    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة لمصاب بسلالة جديدة من إنفلونزا الطيور    وزيرة التخطيط تشهد الحفل الختامي لجوائز مصر لريادة الأعمال    سفير مصر بنيوزيلندا: ثاني أيام التصويت شهد حضور أسر كاملة للإدلاء بأصواتها    حبس المتهمين بالاعتداء على أطفال المدرسة الدولية بالسلام 4 أيام على ذمة التحقيقات    "رويترز" عن مسؤول أوكراني: أوكرانيا ستبدأ مشاورات مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين بشأن إنهاء الحرب    لاعب الاتحاد السكندري: طموحاتي اللعب للثلاثي الكبار.. وأتمنى استمرار عبد الرؤوف مع الزمالك    بث مباشر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل في دوري أبطال إفريقيا 2025.. مشاهدة دقيقة-بدقيقة والقنوات الناقلة وموعد اللقاء    لحجاج الجمعيات الأهلية .. أسعار برامج الحج لموسم 1447ه – 2026 لكل المستويات    الزراعة تطلق حملات توعوية مكثفة لتعزيز الأمن الحيوي في قطاع الدواجن المصري    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    غرفة عمليات الهيئة الوطنية تتابع فتح لجان انتخابات النواب فى الخارج    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة قنا    انتخابات مجلس النواب بالخارج، التنسيقية ترصد انطلاق التصويت في 18 دولة باليوم الثاني    الرئاسة في أسبوع| السيسي يشارك بمراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بالضبعة.. ويصدر تكليفات حاسمة للحكومة والوطنية للانتخابات    وزارة الصحة توجه رسالة هامة عن تلقى التطعيمات.. تفاصيل    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرذمة الإصلاحات الإسلامية.. ما مصيرها؟ «2-3»
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 08 - 2012

الفكرة الشائعة عن اجتهادات جمال البنا المعروفة ليست أهم ما كتبه جمال البنا، وإنما ذاعت هذه الاجتهادات لأنها عن «حالات» تمس الحياة اليومية للناس، ولكن هناك قضايا أخرى فى مجال الدين لم يُعن بها جمال البنا إلا خلال العشرين عاماً الأخيرة، تلك الناحية هى ما يتعلق بالدين نفسه وليس عن الأشياء وعلاقتها بالدين، فمثلاً كيف نفقه الدين؟ وما هى العوامل؟ وما هى طبيعتها؟ والضرورة التى تفرضها عليه هذه الطبيعة؟ وما مدى تأثره بالعوامل التى يظهر فيها وتأثر هذه العوامل به؟ وما هو مستقبل الدين فى عالم قد يكون علمانياً؟ وما هى العلاقة ما بين الدين والقلب؟ وما بين الدين والعقل؟
وكان جمال البنا يعلم أن الدارسين الأوروبيين قد عالجوا تلك النواحى وعجنوها وعصروها حتى لانت كثيراً فى أيديهم، فأقاموا مسيحية إنسانية، وفى ذات يوم وجمال البنا يقلب المصحف فى عشوائية وقعت عيناه على آيات سورة البقرة عن خلق الله تعالى لآدم «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِى بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّى أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ» «البقرة:30-34».
دهش جمال البنا فها هو ذا البناء المتكامل فى القرآن الكريم نفسه، وبنص آياته بجعل آدم خليفة له على الأرض وخلقه فى أكرم تكوين من صلصال عندما يختلط فيه الماء يصبح صلباً، وها هو يعلم آدم الأسماء كلها، أى مفاتيح المعرفة، فنحن لا نعرف الأشياء إلا من أسمائها، ولا نتعامل معها إلا من هذا الأساس، ثم ها هو يدعو الملائكة ليسجدوا له، كل هذه الإعدادات والتجهيزات من الله تعالى، ويذلل ويسخر كل ما فى الأرض جميعاً، فهل هناك بناء إنسانى إسلامى كهذا.
أخذ جمال البنا ليس فحسب بفكرة أن الله تعالى قرر أن يكون آدم وهو أبو الإنسانية خليفة له، ولكن أيضاً للصورة الرائعة التى جعلها تظهر فى أفضل تكوين.
استراح جمال البنا وحمد الله تعالى أن حقق له أمله خير تحقيق، وبدأ ينظر فى النقط التالية من دعوة الإحياء، ولكن كان عليه أن يسوى عدداً من الأمور.
فكيف استطاع السادة المفسرون أن يفسروا هذه الآيات على غير ما كان الله تعالى يريد؟ لقد قال المفسرون فى تفسير سورة البقرة إنه كان هناك ناس أساءوا الأمر، فأرسل الله الملائكة فطردهم ووضع آدم محلهم، وهى عملية افتراضية ليس لديهم أى سند لها، وإنما هى من بنات أفكارهم.
أهم من هذا كان عليه أن يتصدى لبعض الدعوات الإسلامية الحديثة التى لا يعنيها هذا الكلام فى شىء، لأنها إنما تقوم لتحقيق عبودية الربوبية وعبادة الألوهية، الأولى أن الله تعالى وحده هو الخالق المهيمن على كل الكون، والثانية تعنى أنه لا يجوز وضع وسيط أو شفيع لله فى السماء.
فقد كان المجتمع الإسلامى وقتئذ، أى من القرن السادس لأربعة قرون تلت قد وصل إلى مستوى من الفاقة والجهالة والتخلف بحيث طمست قيم الإسلام ومعانيه، وكان من أكبر مظاهر التحلل انتشار التصوف بين الناس، وكان هذا التصوف قد كتب عنه وله بعض كبار المفكرين الذين أرادوا أن يرسموا عالماً خيالياً فى عالم الغيب يمكن أن «يهج» إليه الناس عندما تشتد عليهم البأساء فيما يسمونه الموالد حيث يختلط الحابل بالنابل والنساء الذين يمضون ليالى المولد فى فرح وانعتاق من واقعهم البائس، ثم ظهر ابن تيمية فى القرن السابع وكان رجلاً نابهاً، بل عبقرياً ومقاتلاً صلباً ودارساً لكل فنون الدراسات الإسلامية فنصب نفسه لمقاومة هذا الواقع والتخلص من التصوف وأدرانه، وكان شيوخه لهم منزلة عند الحكام فألبوهم عليه واعتقل وسجن، وبعد ذلك بخمسة قرون فى القرن الثانى عشر فى نجد وفى بقايا قبيلة تميم الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذى أراد أن ينهض ويقاوم الخرافة والجهالة وأن يعود بالإسلام إلى جذوره الأولى حسبما رأى هو واصطدم مع أمراء المنطقة حتى انتهى إلى الأمير سعود الذى رحب به وقال له أنت آمن، فقال له محمد بن عبدالوهاب: جئتك ب لا إله إلا الله التى تفتح بها البلاد وتملك العباد، وكانت فكرة الشيخ الرئيسية هى مقاومة الشفاعة عند الله من الشيوخ والصالحين، وهدم القباب، وهدم القبور من المساجد، لأن هذه كلها فيما رأى بدع وقاوم التصوف بالطبع، وكان الاتفاق التاريخى الذى تم بينهما أن يعطيه ابن سعود السلطة بكل ما يتعلق بالدين، وأن يدعم ابن عبد الوهاب السلطة السياسية لابن سعود، وعندما يموت الشيخ تؤول سلطاته إلى أبنائه ويطلق عليهم آل الشيخ وهم حتى اليوم الذين يحكمون السعودية من الناحية الدينية.
وعندما تطورت الأمور وحدثت حرب رمضان أصبحت السعودية دولة غنية بعد أن كانت فقيرة تعيش على عوائد الحجاج وأسست رابطة العالم الإسلامى لكى تبنى المساجد وتقدم الأئمة والمراجع للأقليات الإسلامية فى الدول الأوروبية والدول الإسلامية الفقيرة بالإضافة إلى عوامل أخرى كهجرة مئات الألوف من المصريين الحرفيين المهرة آخر أيام السادات وإقامتهم هناك وتكوينهم ثروات ثم عودتهم بعد ذلك متأثرين بالعادات السعودية مثل الملبس والمأكل وفهم الإسلام حتى أصبحت الوهابية خطراً يتهدد كل الدعوات التحريرية وأصبح على دعوة الإحياء الإسلامى أن تفند دعاواها وتحرر الناس من التأثر بهم.
بالإضافة إلى هذا فقد ظهرت فى مصر دعوات تتفق مع الفكر الوهابى فى عبودية الألوهية وعبودية الربوبية وتولى جانب منها مفكر باكستانى عميق هو أبوالأعلى المودودى كما تولى الجانب المصرى فيها الشهيد سيد قطب وتأثر المجتمع الإسلامى بهذين لأنهما صادفا حوادث العنف ما بين الإخوان المسلمين وعبد الناصر وزج عبد الناصر بعشرات الألوف منهم إلى السجون التى قضوا فيها عشرات السنين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.