ترى هل كان سهواً أو لهواً أو المشى على خطا عبدالناصر بأستيكة تلك الفرقة الأفريقية التى حدثت لنا بعد انتعاش الأفرقة بين مصر وأفريقيا وتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية وإلقاء الضوء على الزعماء الأفارقة نكروما وسيكوتورى ولومومبا ونيلسون مانديلا وغيرهم وغيرهم.. وكيف كانت الوجوه السمر من قلب القارة إلى مصر (رايح جاى).. ودفع مصر لثورات التحرر فى الدول الأفريقية.. ترى هل راح كل ذلك فى ركاب المتجهين إلى الأوربة والأمركة؟.. من أجل القناطير المقنطرة من الذهب والفضة؟ أفقنا على ضربات فى الرأس توصلنا إلى التنبيه إلى العطش القادم.. ويعمل إعلامنا بغسيل المخ للشعب بأن المشكلة غير موجودة وإن وجدت فلها ألف حل وحل.. ويظل الناس يتركون سرسوب الماء من كل (حنفية) وعبدالوهاب يشدو «إمتى الزمان يسمح يا جميل واقعد معاك على شط النيل». ولم نفطن أن الدوام لله وحده وأن هذا العملاق الذى يتدفق من جنوب أفريقيا هادئاً من هضبة البحيرات هادراً من بحيرة طانا فى إثيوبيا آن له أن يتحرك سياسياً وتلوى عنقه السياسة الإسرائيلية شديدة الولع بإحاطة مصر وحصارها بدائرة أوسع من حصار غزة حصار العطش الذى ليس له أساطيل حرية ولا معونات ولا قوافل وليس لدينا فتح معابر.. وإنما نهر اعتمدنا على الله وعليه منذ العصر القديم الموغل فى القدم.. واعتبرناه مثل الشمس والقمر، وشدت أم كلثوم بشعر شوقى «من أى عهد فى القرى تتدفق». واختارت إسرائيل أن يستريح النيل على كتفها!! وفى ذكاء متنام أنعم الله علينا بوزيرة التعاون الدولى (نفسها هادىء) وتعمل بمخطط ذكى سليم تعطى وتأخذ فى علاقة اقتصادية جدلية هادئة بيننا وبين الدول الأفريقية حيث بدأنا نقرأ فى الصحف.. فايزة أبوالنجا فى جنوب أفريقيا.. فايزة أبوالنجا فى تنزانيا.. فايزة أبوالنجا فى قلب القارة فى علاقات واتفاقيات اقتصادية وكأنما تمشى على خطا عبدالناصر فى عودة الأفرقة بشكل علمى وليس عاطفياً.. وفى خبطة سياسية هادئة وقرار موفق أسند الرئيس مبارك ملف النيل ومتابعته للوزيرة التى لم تغرها الأوربة ولا الأمركة واتجهت إلى قلب القارة التى مازالت فى حاجة إلى الاكتشاف. وأباغتها برفع رأسها عن الملفات المكتظة بالمشاكل: ■ هل هناك أمل فى رأب الصدع وتواجد لنا ثانياً فى مطالب المياه من حوض النيل؟ - بابتسامة أمل قالت بهدوء، أتعجب له من خلال أزمة طاحنة ورفض واضح من دول الحوض: - أنا شايفة إن فيه أمل.. والهدف هو تحديد مصلحة دول الحوض. ■ كيف وهناك احتقان فعلاً؟ - باتباع أسلوب العمل.. أتبع الدبلوماسية الهادئة. ■ نحن واحد من عشر من دول حوض النيل.. كيف نوحد هذه الدول؟ - الدول هى كينيا ورواندا وبروندى وأوغندا وتنزانيا والكونغو الديمقراطى وإثيوبيا، وهى دول المنبع، ومع دولتى المصب وهما مصر والسودان.. عشر دول هى دول حوض النيل، ولو انفصل الجنوب تزيد دول المنبع دولة. - أرى أن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود!! قالت تلك التى تثق قبل أن تنطق: - لن نتكلم عن مصلحة دولة على حدة.. سوف يكون الكلام حول تحديد مصلحة كل دولة من دول الحوض. كان الحوار على عجالة، فقد كانت فى طريقها إلى إثيوبيا بعد أن تسلمت ملف النيل. وعادت بأمل كبير وعمل قادم أكبر. ولكن تبقى كلمة مهمة.. هل تظل العلاقات المصرية الأفريقية لها نافذة واحدة الآن وهى نافذة ملف النيل؟ بلا جدال نحن محتاجون إلى عدة خطط لعودة العلاقات مع دول القارة بصرف النظر عن دول حوض النيل- علاقات مع القارة كلها. حينما كنا طلبة فى الجامعة كان هناك اتحادات للطلبة، اتحاد الطلبة العرب، اتحاد الطلبة الأفارقة، واتحاد لدول جنوب شرق آسيا. كانت هذه الاتحادات تخلق أجيالاً متماسكة فكرياً ورياضياً ولم تكن هناك أى غربة للأفارقة فى مصر. لعل البعثات الأفريقية إلى الجامعات والمعاهد المصرية تعود كما كانت بالكثرة ولعل المنح التى منحها الرئيس مبارك لعدد كبير من الصوماليين تكون باكورة عودة الكيان الطلابى الأفريقى داخل مصر من جديد. ولا ننسى أنه عند اتجاه مصر إلى العروبة كان اتحاد الطلبة العرب من أهم الركائز فى تدعيم الاتجاه وتقويته. ولعل التجربة العربية تجعلنا نلح فى التجربة الأفريقية بمد مظلة المنح إلى الدول الأفريقية، وكذلك مظلة الخبراء.. وليكن تعميق العلاقات خارج مستوى السفراء ويصل إلى عمق الدولة ولا يمكن أن نتجاوز تلك المنح والتآخى الدراسى فى تعميق العلاقات. الوزيرة النابهة -الأروبة- فايزة أبوالنجا: لعلك بمقدرتك واتجاهك الذكى إلى الأفرقة سوف تستطيعين مع نظرائك من الوزراء الأفارقة وكذلك مع وزراء التعليم العالى أن تعيدى بناء العلاقات الأفريقية المصرية بشكل جديد وجيد.. ليس لأهمية حوض النيل وحلاً لمشكلة العطش القادم فقط، ولكن لاتجاهنا جنوباً بعد أن لوى رجال الأعمال والمليارديرات الجدد عنق مصر شمالاً وغرباً إلى أوروبا وأمريكا ولعلهم يتنبهون إلى أنه ليست بنوك سويسرا وحدها التى يمكن تهريب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة إليها.. هناك بنوك فى دول أفريقية يمكنها حماية مال قارون. عزيزتى الوزيرة فايزة أبوالنجا.. أعتقد أنه فى إمكانك أفرقة مصر! [email protected]