فى العدد الأخير من مجلة الزمالك، كتب الزميل أحمد طه مقالا يستحق التوقف والاهتمام بالفعل.. وعلى الرغم من احترامى للمجلة وأحمد طه ورؤيته وكلماته فإننى لا أتفق معه مطلقا فى أى شىء قاله فى هذا المقال.. فهو كتب يسخر بشكل غير لائق على الإطلاق من السبكى منتجا سينمائيا لأنه يشجع الأهلى.. ومن الفنانة عبلة كامل لأنها فى أحد الأفلام جسدت شخصية سائقة تاكسى تعشق الأهلى وتغنى مع جماهيره.. ومن سعد الصغير لأنه غنى للأهلى.. وانتهى الأمر بأحمد طه لأن يطالب بتدخل الرقابة على المصنفات الفنية لمنع أى مشاهد سينمائية مستقبلا فى أى فيلم تسىء لنادى الزمالك.. وهنا شعرت بأننا مقبلون على فصل جديد من العبث الإعلامى والكروى الخاص بالزمالك والأهلى معا.. فليس الأمر مقصورا على الزمالك فقط.. إنما هناك فى الأهلى أيضا من يتخيلون أن أى إشادة بالزمالك أو أى نقد للأهلى بمثابة انتهاك للمحرمات ومساس بالعرض والشرف وكل المقدسات.. ولست هنا أتحدث عن فريق واحد منهما وإنما أتحدث عن الفريقين معا اللذين انتهى الأمر بهما وبكثير من جماهيرهما وإعلامهما وبنا كلنا إلى آخر مستنقع السذاجة والتفاهة وتسطيح الحياة وكل المعانى.. ولن أمارس الآن الخطيئة المعتادة من الإعلام المصرى، فأعفى جماهير الناديين من أى مسؤولية وألقيها كلها على إعلام متعصب هنا أو هناك.. لن أغازل الجماهير كسبا لودٍ أو اتقاءٍ لأذى وأعفيها من مسؤوليتها.. الشباب الأجوف والأخرق الذى بات عِشْق الأهلى أو الزمالك هو قضيته الوحيدة فى الحياة.. الشاب الذى يجاهر باستعداده لأن يموت دفاعا عن ناد وليس وطناً.. والفتاة التى تتباهى بعشقها لنادٍ بات أهم وأغلى من الأب والأم والمستقبل والبيت.. والألتراس الذين سيبدأون فتنة كروية سيموت بسببها الناس لمجرد التفاخر بالعشق والانتماء.. والمتعصبون الذين استباحوا كل شىء وانتهكوا حرمة أى أحد لمجرد الاستظراف وجذب الانتباه - وكنت فى البداية أتخيله إحساسا جميلا ورائعا بالحب والارتباط بشىء حتى لو كان ناديا للكرة - لكننى أكتشف الآن أنه ليس حبا، وإنما فراغ وخواء وضياع للعقل سرعان ما سيلحقه ضياع للوطن نفسه.. فالعالم من حولنا يحب الكرة أكثر منا وتشهد بلدانه صراعات بين أندية تداخلت فيها الكرة مع التاريخ والسياسة والفوارق العرقية.. ورغم ذلك لا يشهد العالم ما يجرى الآن فى مصر.. والذى سيواجهنى الآن زاعما بأنه يحب الأهلى أو الزمالك أكثر من أى شىء آخر فى الحياة، سأقول له أن يذهب هو وناديه إلى الجحيم لأن فى حياتنا ما هو أحق بهذا الحب والجهد والحرب.. وإذا كانوا اليوم يطالبون الرقابة بمنع أى مشاهد درامية قد تسىء فى الأفلام للناديين.. فسيطلبون غدا إعفاء نجوم الناديين من الخدمة العسكرية، ومن المثول أمام القضاء إن ارتكبوا جريمة.. وسيصبح الانتصار الوحيد الحقيقى فى حياتهم وحياتنا هو فوز أى من الناديين على الآخر.. وإن قبلنا بذلك الآن، فهذا اعتراف منا بأننا شعب تافه يعيش فى بلد، كان من الممكن أن يكون عظيما.. شعب أصبح كثيرون فيه على استعداد حتى للتطبيع مع عدو إسرائيلى مجرم وحقير، ولكن لن يبقى فيه من يحترم أو حتى يحاور فنانا أو كاتبا أو زميلا أو إنسانا لمجرد أنه يشجع النادى الآخر. [email protected]