تحول فى خلال دقائق إلى صبى ميكانيكى.. الكهرباء فصلت من السيارة.. وجاء المدد بعد ساعات فى شخص الأسطى حودة الكهربائى.. هات السلك.. وناولنى المفتاح الكبير.. شغل العربية.. ارفع فرامل اليد.. خلاص يا باشا.. عرفت المشكلة.. المارش.. لازم نفك مارش العربية.. إيدك معايا.. رحت أراقبه وهو ينزل تحت السيارة ويخرج فى كل مرة بقطعة مختلفة من الموتور ثم يغسلها بالجاز ثم يفككها.. ثم يعيد تركيبها.. فى كل مرة أقول فى سرى يارب استر ويعرف يركبها تانى.. بعد ثلاث ساعات اتحلت المشكلة ودارت السيارة.. وانطلقت.. وصلت للبيت فكانت مفاجأة أخرى فى انتظارى واستدعيت كهربائياً آخر لكى يصلح توصيلات الكهرباء المنزلية وتكرر معى نفس السيناريو.. يا باشا لمبة مسمار لو سمحت. قلت: اشمعنى البيت كله لمبات قلاووظ والبلد كلها ماشية قلاووظ! قال: لا هى مسمار على قلاووظ.. عجبت من لخبطة البيوت المصرية وكانت المشكلة الأكبر فى عملية كهربة المنزل هى «الدوى».. كل دواية شكل ولون غير الأخرى، مرت ساعة وانصرف الكهربائى.. شكرت الله كثيراً وأنا أتمنى ساعة راحة. بعد العشاء ظهرت شخصية جديدة بل شخصيتان نجار الموبيليا والمنجد وهات يا دربكة من نقل الأثاث من مكان لآخر.. ثم لا يخلو الأمر من وصلة دقدقة وطبعاً لابد أن تساعد من أجل أن تضمن إنجاز الأعمال فى الوقت المناسب وإلا ستسهر طوال الليل تغنى ظلموه.. كل ما سبق هو توابع زلزال عمره تجديد البيت، والعجيب فى الأمر أننى وجدت نفسى مندمجاً فى تلك الأشغال بل أتطوع للمساعدة ودقدقة الأشياء.. وشمرت القميص واندمجت فى حماسة شديدة مع كل من صادفته من الصنايعية.. السباك مبيض المحارة.. وخلافه. وهنا رحت أتأمل نفسى لماذا هذا الاندماج المفاجئ فى هذه الأعمال اليدوية، واكتشفت أن نافوخى يحتاج إلى استراحة، ويقولون إن أى عبقرى فى العالم- طبعاً مش أنا- يحتاج أحياناً إلى وسادة من البلاهة لينام عليها، ثم إن العمل اليدوى مهم جداً، وهى فرصة رائعة لتنشيط مجموعة من الأعضاء البشرية فى أجسادنا، تيبست من جلسة المكاتب والسيارات لدرجة أنهم يقولون الآن بظهور مرض جديد اسمه مرض الجلوس.. نحن غالبا فى 90٪ من حياتنا فى الوضع جالساً، وهذا خطر شديد.. ثم إنك عندما تتأمل كلام راجل محترم مثل شكسبير يقول لك.. اليد الخشنة عقل جرىء وهذا معناه، وربما، أنه يساعدك فى توفير بعض الأموال التى تذهب إلى جيوب السباكين والنجارين، ولكن هناك مسألة لفتت نظرى فى تلك التجربة اليدوية، وهى أن الصنايعية فى بلدنا عندهم مشكلة عويصة فى غياب الجيل الثانى من المساعدين والصبية، وهى مشكلة مزمنة فى مصر اسمها غياب الصف الثانى، وقبل ما المقالة تقلب سياسة ناولنى النوامة البيضا من فضلك.. لا أقصد البيجاما البيضا.. ولكن بلغة الميكانيكية هى لوح خشب أبلكاش أبيض يضعه تحت السيارة وينام عليه لكى يعرف سبب المشكلة من أسفل، وأعتقد لو أنهم صرفوا لكل واحد من المسؤولين نوامة بيضا لتغيرت الأحوال، ولربما استطاع أن يصلح مارش أى سيارة حكومية عطلانة. [email protected]