«يا عمى أنا جاى أطلب إيد بنتك»، هذه الجملة اعتدنا سماعها فى الأفلام والمسلسلات التى تحتوى على مشاهد تقدم العريس للخطوبة.. لكن لم يتخيل أحد أن تنقلب الآية فنسمع من تقول: «يا عمى.. أنا جاية أطلب إيد ابنك» فهل يندرج ذلك تحت طائلة الخروج عن المألوف أم الجرأة المطلوبة لإنقاذ حب مهدد بالضياع، أو تطبيق عملى لأغنية نانسى عجرم «حد يقوله إنى باحبه الحب ده كله.. حد يحنن قلبه عليا أنا مكسوفة أروح له وأقوله»؟ أشهر قصة حب وزواج فى الوسط الفنى كانت أشبه بحكاية «يا عمى.. أنا جاية أطلب إيد ابنك» وبطلتها الفنانة دلال عبدالعزيز تلك الفتاة القروية التى انفتح قلبها للبطل الذى كان يمثل معها فى مسرحية «أهلا يا دكتور» وتمنت الزواج منه، وكان لصديقة عمرها ميرفت أمين دور فى إقناع هذا الشاب العازف عن الزواج «سمير غانم» للتحرك والفوز بالزواج من دلال عبدالعزيز، وقد كان.. حيث تزوج أشهر عازب فى ذلك الوقت من الوجه الجديد القادم من الشرقية واستمر زواجهما حتى الآن. هذه الحالة لدلال وسمير وغيرهما، استثناء تخرج فيه الفتاة من شرنقة الخجل وتغلبها قناعتها بمن تحب فتسعى هى إليه، بنفسها أو عن طريق وسيط، فهل يقبل مجتمعنا الشرقى لهذه الاستثناءات أن تحدث دون المساس بعرف وتقاليد سائدة؟ أحمد حسين، مهندس، قال: «إذا كان مبرر الفتاة هو الحب وأنها تخشى أن يضيع منها الشخص الذى تتمناه فمن الممكن أن تلمّح، وهو إما يتحمس ويتخذ خطوة أو لا يبالى بذلك وهنا تعرف أنها ليست من يبحث عنها أو أنه لا يفكر فى الجواز من الأساس، وتكون بذلك فهمت تفكيره وحفظت كرامتها». وتقول سارة: «رغم أننى أعيش قصة حب من طرف واحد تجاه صديق لى لكننى لم ولن أفكر أبدا فى أن افاتحه فى مسألة الارتباط حفاظا على كرامتى، ولأن حياءى واعتزازى بنفسى يمنعاننى من ذلك، وإذا لم يشعر هو بحبى له فهذا قدرى ولتبق لى مشاعرى الجميلة التى أعيشها ولو كانت تفتقد لمن يكملها». الأمر يختلف تماما عند عبير فتقول: «كنا نتعامل كأصدقاء لكنى من ناحيتى كانت أكثر من مجرد صداقة، إلى أن جاءت مرة وكنت أحدثه عن عريس متقدم لخطبتى - ودون قصد منى أن الفت نظره لشىء - شعرت بأنه ارتبك وطلب مقابلتى فى اليوم التالى، وأخذ طول الحوار يتحدث عن شخص يشعر بميل ناحية فتاة لكنه متردد، وفى وسط الحديث قلت له (يعنى إنت بتحبنى وهتكمل معايا ولا لأ؟) كانت جرأة منى ومفاجأة له، لكنى فى الحقيقة لا أحب اللف والدوران حول شىء واضح، ولم أخجل أبدا مما قلته بعد ذلك عندما قرر أن يرتبط بى، ولم أندم لأننى كنت أمام فرصة فى الارتباط بالشخص الذى أتمناه وقمت باستغلالها بالمعنى الإيجابى». ماذا لو تقدمت فتاة لخطبة ابنك؟ سؤال لم تتوقف عنده مدام سناء وأجابت بحزم: «لأ طبعا» وبررت رفضها وقالت: «لأننا بذلك نقضى على مفهوم الرجولة وعلى دور الرجل الطبيعى الذى يلعبه فى الحياة، والذى بدأ يتراجع بشدة فى السنوات الأخيرة، فالمرأة الآن تتولى كل شىء يخص البيت والأولاد، وأصبح الرجل متفرغاً لحياته وأصحابه، وأصبح أكثر راحة كلما تخلص من مسؤولية كانت على عاتقه، وأشعر بأننا لو أخذنا منه هذا الدور أيضا فى السعى للزواج من الفتاة التى يريدها ستتفاقم مسألة عدم شعوره بالمسؤولية، لكن هذا لا يمنع من أن يكون هناك وسيط بين الشاب والفتاة كالأقارب أو الأصدقاء أو زملاء العمل بحيث يقربون منها اذا كان هناك توافق». من الناحية الشرعية يقول دكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة جامعة الأزهر: «معنى الخطبة هو إبداء الرغبة فى الزواج، والرغبة فى الزواج هى شعور طبيعى لدى الشاب أو الفتاة، وجرت العادة والعرف على أن الشاب هو الذى يتقدم، ولكن شرعا لا يوجد مانع من أن تتقدم الفتاة، وهناك سوابق تبين أنه أمر مشروع فسيدنا عمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على الرسول عليه الصلاة والسلام، وسيدنا على، كرم الله وجهه، عرض ابنته على سيدنا عمر بن الخطاب، وأفعال الصحابة هذه تقودنا إلى أنه أمر مشروع، فهم أدرى الناس بصحة الأحكام الشرعية، ورغم عدم وجود لوم على الفتاة إذا كانت ترغب فى الزواج من شخص تراه مناسبا، إلا أنه يفضل فى وقتنا هذا أن تكون هناك واسطة بين الشاب والفتاة حتى لو كان أخاها أو والدها فليس هناك أدنى حرج عليهما فى ذلك، ويفضل الوسيط أيضا حتى تكون هناك جدية فى الأمر، ولحفظ حياء الفتاة، واتباعا لما جرى عليه العرف مادام ليس فيه ما يتعارض مع الشرع».