لم تكن عزيزة محمد «50 عاماً»، أفضل حالاً من سكان «سوق التونسى»، المحاصرين داخلها بدروع قوات الأمن المركزى، ف«عزيزة» التى تجلس أسفل كوبرى التونسى، الذى يبعد بخطوات عن السوق، تعانى من حالة الكساد نفسها التى طالت الجميع سواء داخل السوق أو خارجها. لم تهتم عزيزة وزوجها كثيراً بما حدث ليلة الحريق، ولم تتحرك عندما بدأت صرخات الأهالى، لأن هذا المشهد يتكرر كل فترة: «إيه الفايدة ما كل يوم بتقع حادثة وإزاى أتحرك وأنا رجلى مقطوعة من تلات سنين بعد ما جالى السكر، يعنى هيحصل إيه أكتر من اللى إحنا فيه.. العمر واحد والرب واحد.. أدينى مستنية أمر ربنا». تتذكر عزيزة أيام زمان قبل أن تسكن تحت الكوبرى: «بناتى التلاتة ربنا رحمهم من العيشة دى.. كويس إنى جوزتهم وأنا فى الحوش.. وهما ساكنين فى حى الخليفة، يعنى جنبى.. وبيطلوا عليا ويجيبولى لقمة أنا وأبوهم اللى فقد نظره من كتر الشغل».. وترى عزيزة أن أيام زمان كانت أفضل عندما كانت تعمل طباخة فى البيوت، وتعيش هى وبناتها فى حوش مقابر الإمام: «منه لله صاحب الحوش طردنى منه أنا وجوزى.. ومن يومها وإحنا حالنا كده». عائد عزيزة وزوجها عاشور بدوى «57 عاماً»، يتراوح بين جنيهين و5 جنيهات، نظير عملهما فى جمع الخردة من الشارع وبيعها للسريحة، ومن هذا العائد يأكلان ويشربان بالكاد، ويقيمان فى غرفة تحت كوبرى التونسى، بلا مرافق ولا جيران، وذلك منذ 4 سنوات. عندما تترك ل«عزيزة» فرصة الحديث عن نفسها فى عبارات موجزة تقول: «عيشة تصعب على الكافر.. باكل من اللى بيبعتهولى بناتى.. بنام على بطانية صوف تحت الكوبرى أنا وزوجى عشان أتونس بنور لمبة عمود الكهربا.. بشترى الميه فى جراكن ب3 جنيه عشان نشرب.. بستعمل لمبة جاز عشان أنور بيها».. وعندما تسألها عن أمنياتها تقول: «نفسى فى حتة نضيفة ونومة نضيفة ولقمة نضيفة».