وصلت معركة كأس العالم إلى ذروتها بعد أن تبقت ثمانية فرق فقط استحقت التأهل إلى الدور ربع النهائى فى أقوى بطولة عالمية. وبوجهة النظر الفنية فإن هذه الفرق الثمانية اعتمدت على طريقة جديدة لإحباط منافسيها داخل الملعب من خلال الاحتفاظ بالكرة والتمريرات الطولية والعرضية بمهارة فائقة فى ظل الاعتماد على أسلوب اللعب الجماعى عن طريق مجموعة لاعبين أذكياء، قبل أن يكونوا مهرة من خلال تحركاتهم دون كرة فى المساحات الخالية، وهو ما جعل المنافسين ينهارون أمام أوروجواى وغانا وألمانيا والأرجنتين والبرازيل وهولنداوإسبانيا وباراجواى التى وصلت لهذا الدور. واعتمدت هذه الفرق الثمانية على ميزة مهمة هى عدم فقدان الكرة بسهولة من خلال الانتشار الجيد وتقارب الخطوط لإرباك حسابات المنافس، وإضعاف قدرته على قطع الكرة من خلال وجود أكثر من بديل أمام اللاعب حامل الكرة، ولكن ما الفرق بين هذه الفرق الثمانية؟ سأصنف الفرق إلى مجموعتين، الأولى وهى الأقرب لمواصلة المشوار نحو اللقب، تضم الأرجنتين وهولنداوإسبانيا وأوروجواى وتجمعها ميزة الاحتفاظ بالكرة والضغط على دفاعات المنافس. ونبدأ بالأرجنتين التى أرشحها شخصياً لاقتناص اللقب، فهى تعتمد فى أسلوب أدائها على تحركات اللاعبين دون كرة، فمثلاً فى حال وجود الكرة مع الموهوب ليونيل ميسى يضغط عليه المنافس بلاعبين أو ثلاثة ليظهر دور زميليه هيجوين وتافيز من خلال تحركاتهما له دون كرة لينجحا فى تسجيل الأهداف، وهو ما نجحوا فيه تماماً حتى الآن. هولندا وبعد الدفعة الكبيرة التى حصل عليها «الطواحين» بعودة آريين روبن، ستكون فرصتها أكبر أمام البرازيل لاعتمادها على الكرة الجماعية الممتعة التى تعتمد على التحكم والصبر، بمعنى أن هولندا تتحكم فى مساحات الملعب بالكامل من خلال التمرير الكثير، أما الصبر فيعنى أن الفريق لا توجد لديه مشكلة فى الاستمرار لمدة 5 دقائق على هذه الوضعية للوصول إلى هدفه، وهو ما يصيب المنافس بالمعاناة لعدم قدرته على قطع الكرة. ويعتمد الماتادور الإسبانى على الأسلوب الجماعى بطريقة أجمل وأمتع من نظيرتها الهولندية والأرجنتينية لامتلاكه أفضل لاعبى الوسط فى العالم تشافى هيرنانديز وأندرياس أنيستا، اللذين يتحكمان فى رتم الأداء من خلال التمريرات الكثيرة التى تصل إلى 40 تمريرة فى الهجمة الواحدة، ويرجع ذلك إلى وجود 8 لاعبين من فريق برشلونة ولكن دون ميسى، لكن مشكلة هذا الفريق أنه يعانى من غياب مهاجم ثانى بجوار ديفيد فيا فى ظل غياب توريس عن مستواه. ويرفع فريق وأروجواى شعار «الجماعية» هو الآخر من خلال السرعة فى الاداء مستغلاً دييجو فور لان الذى يعيبه التسرع فى بعض الأحيان، ولكن حالة التجانس وتقارب الخطوط بين أفراد الفريق تساعده على التألق وأعتقد أنه سيواجه مشكلة عندما يواجه فريقاً كبيراً كالأرجنتين أو إسبانيا. وبالانتقال للمجموعة الثانية، أرى أن البرازيل تعتمد على أسلوب جماعى ومهارى لكن مشكلتها تكمن فى الاعتماد على ريكاردو كاكا رغم غيابه عن مستواه المعهود، فنلاحظ فى أسلوب أداء كاكا أنه يتحرك عرضياً بشكل أكثر منه طولياً تجاه مرمى المنافس، مما أثر على أداء الفريق الهجومى، وتعتمد السامبا على تحركات الظهير الأيمن «مايكون»، ولكن عند مواجهة فريق سريع مثل هولندا ستعانى البرازيل من المساحات التى يتركها مايكون خلفه، وبالتالى فإن فرصتها فى التأهل ستكون صعبة. وبالنسبة لأبناء يواكيم لوف، مدرب ألمانيا، فإنهم يعتمدون على الكرة الصريحة المباشرة من خلال تمريرات مسعود أوزيل وسامى خضيرة اللذين يرسلان كرات طولية لثنائى الهجوم بودولسكى وكلوزه ولكن ذلك لن يفلح مع الفرق الكبرى بتمريراتها الذكية. ورغم تقديم المنتخب الغانى صورة رائعة عن القارة الأفريقية بفضل جماعية لاعبيه صغار السن إلا أن مشكلته تكمن فى ضعف القدرات الهجومية لاعتماده على أسامواه جيان فى تسجيل الأهداف وبالتالى صعوبة التسجيل فى حال إحكام الضغط عليه. ويعد المنتخب الباراجوانى أضعف الفرق الثمانية لكونه يعتمد على الروح القتالية العالية لكن بطريقة عشوائية وبالتالى لا نتوقع منه الكثير.