أسأل هذا السؤال بمنطق واضح، فالسيد عبدالرحيم الغول هو نائب نجع حمادى وفرشوط منذ 30 عاماً، هو زعيم هذه المنطقة الأوحد والمستقر والمستمر طيلة 3 عقود، لذلك يبدو البحث عن اسمه فى الأحداث شديد المنطقية. لكن الغول الذى ينتمى للحزب الوطنى لم يظهر حتى الآن، لم يشاهد فى مسرح الأحداث يحاول احتواء الموقف بحكم وضعه النيابى وانتمائه إلى حزب حاكم من مصلحته استقرار الأوضاع، لم يُضبط متلبساً بالغضب على مواطنى دائرته وناخبيه، ولم يستخدم أى آلية برلمانية فى يديه لفعل أى شىء، ولم يخرج بتصريحات منددة بما جرى أو مهدئة للأوضاع، لم يزر الضحايا فى المستشفى، ولم يقدم واجب العزاء فيمن أزهقت أرواحهم على باب الكنيسة فى نجع حمادى ليلة عيد الميلاد، حتى إن الصحف التى صدرت منذ وقوع الحادث وحتى كتابة هذه السطور ظهر أمس، لم تتضمن أى شىء عنه، لم تذكر اسمه ولم تنشر له صورة فى موقع الحادث أو تعليقاً عليه. حقنا أن نسأل لماذا اختفى «نائب الأمة» كما يحب أن يطلق على نفسه، فى لحظة كتلك هددت استقرار الأمة ووحدتها الوطنية، لماذا لم يتحرك بوازع من انتمائه للمنطقة، أو بحكم موقعه النيابى، أو لضرورات التزامه الحزبى، لماذا لم يظهر حماساً كذلك الذى أظهره حين هدد بحذائه أعداء حزبه الحاكم، وحين اشتبك مع المعارضة، وحين ظل 30 عاماً تحت قبة البرلمان يدافع بهمة عن سياسات لم تكترث بالصعيد إلا نادراً. هل اتخذ الغول «نائب الدائرة المسؤول عن جميع مواطنيها» موقفاً منحازاً من أحداث «فرشوط» أدى إلى فقده ثقة الطرف المسيحى، ودخل فى خصومات شخصية مع القيادات الكنسية فى المحافظة كما يقال، وهى خصومات ذات رواسب بعيدة منذ المعركة الانتخابية الأخيرة. هل للغول يد من قريب أو بعيد فى زيادة التوتر فى المنطقة، وهل تدخل بالفعل لدى أجهزة الأمن لإطلاق سراح المتهم الأول «حمام الكمونى» الذى كان متحفظاً عليه، قبل الحادث بأيام، واستخدم فى ذلك نفوذه وعلاقاته. هل سبق للغول أن هدد الأنبا كيرلس، أسقف نجع حمادى، بأنه «سينتف له شعر ذقنه» وسبق أن توعده بأكثر من ذلك، وأدت سياساته فى الدائرة إلى تعميق هوة الخلاف بين المسلمين والمسيحيين فى نجع حمادى وشق صفهم. كل تلك أسئلة رائجة وتتردد على هامش الأحداث تصريحاً وتلميحاً، ومن حق الغول أن ينفيها أو يوضح ما يراه منها حقيقياً وما يراه افتراء، لكن لا يوجد مبرر واحد لاختفائه المفاجئ عن المشهد الساخن والأحداث الملتهبة فى دائرته سوى أن «على راسه بطحة ما» أو أنه مقصر فى أداء واجبه السياسى والبرلمانى والحزبى، وفى الحالتين يجب أن يكون «نائب الأمة» محوراً مهماً فى أى بحث تجريه لجنة تقصى حقائق مستقلة عن مجمل الأحداث ذات الصبغة الطائفية فى قنا، فإما أن تذود عنه أو توجه له لوماً ما، لكن المؤكد أنها ستجيب عن السؤال المهم: أين عبدالرحيم الغول؟ وما هى حدود مسؤوليته عما جرى؟! [email protected]