تحول الزملاء الصحفيون بفعل ممارسات ملاك الصحف المصرية من رجال الأعمال إلي ضحايا لتجاوزات تبدأ بالتنكيل وتنتهي بالفصل التعسفي دون مبررات موضوعية ، وكأن الرأسمالية قررت أن تُعيد عصر السخرة . فقد شهدت الأعوام الأخيرة و بعد ثورة 25 يناير - التي كان من المتوقع والمستهدف أن تزيد مساحة الحريات في الصحافة المصرية – قيام بعض الصحف بفصل العشرات بل المئات من الصحفيين بعد حصولهم علي عضوية النقابة . ودون مجرد إخطار أو إنذار وكأن العقود التي أبرمت بين الطرفين وبموافقة النقابة كانت غير شرعية. ونظرا للظروف الاقتصادية التي مرت بها مصر، فقد توقفت العديد من الصحف عن الصدور منها حزبية. ولم يكن هذا الانهيار في الصحافة المصرية لأسباب مهنية ولكن لأسباب اقتصادية كادت أن تعصف حتى بالصحف القومية ، التي كانت أكثر تعرضا للانهيار ، وتم إنقاذها بمساعدات من الدولة التي تحولت إلي ما يشبه الحبل السري الذي ينقل لها الغذاء والأوكسجين وكان آخرها ضخ الدولة لصالح تلك المؤسسات وبقرار جمهوري ما يزيد علي 250 مليون جنيه حتي تستمر في دفع الرواتب للعاملين بها. وان كانت الصحف التي أغلقت ليس عليها حرج باعتبار أن ذلك خارج إرادتها . إلا أن العديد من الصحف والتي صدرت برؤوس أموال خاصة قد تحولت بعد تخطي سنوات يناير إلي ما يشبه رأس حربة موجهه لمستقبل تلك الصحف ، فقدمت للنقابة استقالات جماعية لمحرريها لنكتشف أنها استقالات وقعت مع عقود التعيين وبطريق الضغط . وصحف أخري منعت دخول الصحفيين للمبني الخاص بها وأوقفت صرف المرتبات دون اتخاذ أي إجراءات قانونية بالفصل ودون وجود أي مبررات مهنية أو قانونية . وهنا كان لابد من البحث عن وسيلة لوقف تلك الإجراءات غير الإنسانية وتم ولأول مرة تفعيل لائحة القيد بوقف ضم أي أعضاء جدد من الصحف التي تستخدم التعسف ضد محرريها . بعد أن فشلت وسائل التسوية التي قادتها النقابة مع تلك الصحف ، لإصرارها علي ممارسة الاعتداء علي حقوق الصحفيين والتنكيل بهم . وكعضو بمجلس النقابة كنت وسأظل ضد أي تسويات في قضايا الفصل التعسفي والحل الوحيد في مثل هذا الأمر هو عودة الزملاء لعملهم وان كان هناك فصلا لأحد فليكن فقط طبقا للإجراءات التي يحددها القانون. المهم أن النقابة وضعت العديد من الضوابط منها تكوين لجنة لمراجعة الصحف المتقدمة لاعتمادها من النقابة ومراجعتها والتأكد من جديتها وانتظامها في الصدور ثم إلزامها بتوفير غطاء مالي تحت يد النقابة ليكون وسيلة لدفع بدل البطالة للزملاء بها في حالة التوقف . وأخيرا تم التوصل إلي قرار بناء علي اقتراح كان لي شرف التقدم به ، وهو عدم الاعتداد بالاستقالات التي تقدم إلي النقابة من أي صحيفة إلا إذا وقعت من الطرفين في حضور ممثل لمجلس النقابة وبناء علي إخطار مسبق . وهو القرار الذي يؤدي إلي إلغاء كل الاستقالات التي في حوزة العديد من الصحف والتي كان توقيعها من الصحفيين شرطا للتعيين. أما فيما يخص الصحف التي تمارس الغُبن والتنكيل ضد صحفييها بفصلهم تعسفيا ، لا يجب الاكتفاء بوقف القيد منها وإن كان هذا الإجراء وفقا للائحة القيد ،ولكن هناك إجراءات أخري لابد من اتخاذها وهو إحالة رئيس تحريرها إلي لجنة التحقيق النقابي إذا لم يتخذ موقفا لصالح الزملاء ، ووضع تلك الصحف في قائمة سوداء حتي لا يستمر خداعها للرأي العام .. لأن الفصل دون المبررات القانونية المنصوص عليها في القانون يمثل ممارسة لأقصي أنواع التعسف لأنها وسيلة لو أتيح استخدامها لجعلت من الصحفيين أبواقا للتخديم علي مصالح أصحاب رؤوس الأموال ، وتختزل ضمير الصحفي في رغبة رجال الأعمال وأصحاب المصالح الذين هم أصحاب الصحف . وبالتالي من الصعب أن تكون تلك الصحف صادقه مع الرأي العام .