"ألدفاع عن بترول مصر": اعتراف بأحقية الكيان المحتل فى حقول الغاز المصرية فى الأساس "تبادل الأدوار".. قد يكون أقرب تشبيه لوصف عملية استيراد مصر للغاز الإسرائيلي، فبعد سنوات من تصدير مصر الغاز إلى الكيان الصهيونى، بأسعار زهيدة، بموجب عقد لمدة 20 عامًا، توقف في 2102، عقب هجمات متكررة على خط الغاز في شبه جزيرة سيناء المصرية، وبضغط شعبى مع أول برلمان منتخب بعد ثورة "25 يناير".. تجري حاليًا مفاوضات لاستيراد مصر الغاز منها، وذلك لسد احتياجاتها من الوقود، ومع الاعتياد على المفجأت الحكومية قد يكون تم الاتفاق بالفعل. مصر قد تشتري ما يقرب من 8 مليارات متر مكعب من الغاز الإسرائيلي ب4 أضعاف السعر الذي كانت تصدره به قبل 2012، كما أنه من الممكن شراء الغاز، إما بشكل مباشر من إسرائيل، أو من خلال الأردن.. "كل شيء وارد ما يحقق مصلحة مصر وما يحقق مصلحة الاقتصاد المصري ودور مصر في المنطقة، سيكون هو الحاكم في قرار استيراد الغاز من إسرائيل".. بهذه الكلمات لم يحسم شريف إسماعيل وزير البترول، قرار استيراد مصر الغاز الطبيعي من إسرائيل، لكنه نفى نفيًا قاطعًا تصديره إليها كما يتردد، متساءلاً: "كيف نصدر غاز لإسرائيل ونحن نعاني من أزمة غاز؟". السؤال، هل استيراد الغاز من إسرائيل وغيرها سيقضى على الأزمات التي تعانيها الدولة؟.. بطبيعة الحال توافر الغاز سيقضي على الانقطاعات المتكررة للكهرباء كما سيحل أزمة أنابيب البوتاجاز، خاصة في ظل الأسعار العالمية المرتفعة، المزايدة على احتياج الغاز من عدمه ليست في محلها، إلا أن الاختلاف يكمن في الدولة التي سيتم الاستيراد منها، فلماذا إسرائيل تحديدًا؟ وكيف نستورد منها بعد أن كنا نصدر لها الغاز عشرات السنين؟، ليس ذلك فقط بل ثمة مصالح وأهداف غير مكشوفة وراء تلميحات شريف إسرائيل وزير البترول بفتح الباب أمام عمليات الاستيراد من إسرائيل، ومن ثم إجراء مفاوضات !. ليس هناك ما يمنع استيراده، ولا مانع من أن تتعاون مصر مع "الشيطان" طالما ذلك يصب في المصلحة العامة.. بهذه الكلمات علق الدكتور حسام عرفات رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية باتحاد الغرف التجارية، على القضية المثارة حول أزمة استيراد الغاز من إسرائيل، قائلاً: "لا يوجد ما يمنع ذلك طالما أنه لن يؤثر على الأمن القومي. في حقيقة الأمر، الوضع مربك للغاية، بل يتعلق بعلاقات دولية، وربما "الوطنية" التي يجسدها البعض ويدعيها آخرون، وهذا ما رآه رئيس شعبة البترول، في رفض البعض استيراد الغاز من إسرائيل، قائلاً: "من يدعون الوطنية عليهم تقديم البديل للقضاء على أزمات الوقود أو أن رفضهم هذا ما هو إلا مزايدات لن تصب في مصلحة الوطن". وتساءل عرفات: "لماذا يرفضون استيراد الغاز وهناك اتفاقيات كثيرة بين مصر وإسرائيل ويوجد بالفعل تبادل تجارى؟"، كما وجد في عدم وجود بديل سوى مصر لإسرائيل لتصدير الغاز نتيجة وجود خط أنابيب غاز واصل إليها، السبيل في الحصول على الغاز بسعر منخفض جدًا، على حد قوله. تصريحات وزير البترول الأخيرة" استيراد الغاز من إسرائيل شىء وارد بما يحقق مصلحة مصر والاقتصاد".. والتي اعتبرها البعض خطيرة بل مرفوضة شعبيًا، وهو ما رآه الدكتور رمضان أبوالعلا رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن بترول مصر، مؤكدًا أن البرلمان القادم هو الذي يقرر استيراد الغاز الإسرائيلي من عدمه. كما ندد باستيراد الغاز الإسرائيلي، معتبر هذه الخطوة بمثابة اعتراف بأحقية الكيان المحتل بحقول الغاز التي هي ملك مصر من الأساس في البحر المتوسط، مطالبًا بالبحث عن طرق لإثبات ملكيتنا لتلك الحقول ورفض الاستيراد من إسرائيل مطلقًا. استيراد الغاز من إسرائيل "تطبيع" لن يقبله الرأى العام، على حد قول رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن بترول مصر، والذي أكد أن لديه من الوثائق ما يثبت بشكل قاطع أن الاكتشافات الغازية الإسرائيلية في البحر المتوسط تقع في نطاق المنطقة الاقتصادية المصرية، باحتياطات تصل قيمتها إلى 700 مليار دولار وليس 200 مليار دولار كما أشيع من معلومات غير صحيحة. على ما يبدو أن استيراد مصر للغاز الإسرائيلي، خرج من كونه في طور المفاوضات كما هو مصرح به رسميًا، ليصل إلى الإجراءات الفنية للاستيراد من حيث الكميات التي يمكن استيرادها، خاصة أنه في شهر أكتوبر الماضي ترددت أنباء حول تفاوض الشركاء في حقل الغاز البحري الإسرائيلي "تمار" على بيع ما لا يقل عن 5 مليارات متر مكعب من الغاز على مدى 3 أعوام إلى عملاء من القطاع الخاص في مصر عبر خط أنابيب. قبل أيام قليلة، أجرى وفدًا من شركة "نوبل انيرجي" الأمريكية التي تدير حقلا للغاز الطبيعي في إسرائيل، محادثات مع عدد من مسؤولي الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" التابعة لوزاة البترول المصرية لتزويد مصر بالغاز الطبيعي من إسرائيل وسد احتياجاتها من الغاز، وفق ما صرحت به مصادر إسرائيلية. وبحث الوفد الإسرائيلي "إمكانية تزويد مصر بالغاز الطبيعي من حقل تمار عبر خط أنابيب شركة شرق البحر المتوسط الذي كان مخصصا لنقل الغاز إلى إسرائيل من مصر، وفق ما قاله مصدر في "إيجاس"، مؤكدًا أن المحادثات التى جرت بين شركته ووفد نوبل إنيرجى، جارية منذ فترة طويلة وليست وليدة اللحظة. المفاوضات لا تنتهي، خاصة وأنه ليس لديها بديل سوى تصدير الغاز لمصر في ظل خطوط الغاز الممتدة بين البلدين منذ سنوات سابقة، كما سيكون أقل تكلفة لها بدلاً من التجهيزات التي ستقوم بإنشائها من أجل تصدير الغاز لبلاد أخرى، إضافة إلى أن إسرائيل هي من طلبت ذلك، ما اعتبره خبراء الأمر الذي يمكن من استغلاله والاتفاق على أسعار مخفضة تحقق الصالح للاقتصاد القومي، وتساهم في توفير العديد من الأموال التي كانت تسدد لبلاد أخرى.. ولكن هل هذا مبرر كافٍ لاستيراد الغاز من إسرائيل؟. شيئًا تلو الآخر، بدأ الكشف عن تفاصيل اتفاق الاستيراد، حيث تم الإتفاق على إقامة خط بحري لنقل الغاز المصدر من حقول "نوبل إنيرجى" في قبرص وإسرائيل إلى مصر، كما ستجرى مجموعة من الدراسات الفنية المتعلقة بإقامة الخط البحرى خلال الأسابيع المقبلة. كما عرضت "نوبل إنيرجي" - والتي تمتلك نحو 36% من حقل تمارا الإسرائيلي - تصدير جزء من إنتاج الغاز الإسرائيلى، عن طريق مصانع إسالة الغاز الموجودة بالأراضي المصرية، لكن أنباء ترددت حول اتجاه الحكومة إلى استيراد الغاز بشكل مباشر من شركة "نوبل إنيرجى" العاملة فى إسرائيل وقبرص اليونانية دون وساطة من شركات عاملة فى مصر أو خارجها لعدم منح أى وسيط عمولة، لأنه قد يساء استغلالها فيما بعد، على غرار ما حدث مع رجل الأعمال حسين سالم. ووقعت شركتا "بى جى" و"يونيون فينوسيا" ومستثمرون مصريون يقودهم رجل الأعمال علاء عرفة، مذكرات تفاهم مع شركة نوبل إنيرجى الأمريكية لتوريد شحنات من الغاز للسوق المحلية أو للتصدير لكن هذه الاتفاقيات تنتظر موافقة رسمية من الحكومة المصرية. واكتشاف حقول غاز بحرية في الآونة الأخيرة مثل حقل الغاز البحري "تمار" الذي يقدر احتياطيه بنحو 280 مليار متر مكعب وحقل" لوثيان" الذي يزيد حجمه على مثلي ذلك قد يحول "إسرائيل" التي كانت تعتمد من قبل على واردات الطاقة إلى بلد مصدر للغاز. لكن هل الاحتياج يجعل مصر تستورد من إسرائيل؟!، أليس هناك دول أخرى يمكن الاستيراد منها؟ وطالما أن مواردنا من الغاز كانت ضئيلة، فلماذا تعاقد مسئولي الحكومة - حينها - على تصدير الغاز؟.. الإجابة قد تكون "الجهل" بل "الفشل في التخطيط"، وربما "الفساد"!.