(1) "الشعرُ والشعراءُ والحَرفُ المقدَّسُ والبلادُ حبيبةٌ أخرى يؤطِّرُها المجازُ، وشاعرٌ يبكي وشاعرةٌ تولوِلُ والجموعُ تَشُدُّ مِن أزْرِ الهزيمةِ، والقصيدةُ ما تزال تعيشُ في خِدرٍ مُخيَّمَةً بلا حُرَّاسٍ احترقتْ بلاغتُنا ولمَّا تحترقْ بعدُ القصيدةُ، غامِضٌ نصِّي ومُحدَثَةٌ جراحي، رُبَّما قلبي قديمٌ لا يفكِّرُ في اعتزالٍ.. رُبَّما شيءٌ كبيرٌ سوف سَيحدثُ حينَ تَنفلِتُ القصيدةُ مِن إسارِ الخيمةِ الكُبْرَى، ألمْ تَكُ تَستظِلُّ بها؟ بَلَى كُنَّا وكانت خيبةٌ كُبْرَى، وصَفْتُ جرادةً ووقفتُ أنظرُ في جناحِ بعوضةٍ متأمِّلا يا أيُّهَا الطللُ الذي أحببتُ ساكِنَهُ أُحِبُّكَ... أيُّهَا الليلُ الطويلُ ألَا انجلِي لم يَنْجَلِ الليلُ الطويلُ ولا المَطِيُّ تحمَّلتْ وقفاتِنا: ودِّعْ هُرَيرةَ إنَّ الركبَ مرتَحِلُ... مَتَى ستُنشِدُ؟ كَم بيتا سترتَجِلُ هلْ ودَّعتْكَ على إميلِها وبكتْ... أَمْ أْنَشدَتكَ وقد أوْدَى بها الخَجَلُ: أنتَ الحبيبُ ولكنِّي على سَفرٍ... وَيْلي عليكَ وويْلي منكَ يا رَجلُ " (2) " لا مِحنةٌ أخرى ولا شجرٌ سينبتُ، والقطيعُ هو القطيعُ وأنتَ تعرفُ أنني وحدي انتحرتُ على ضفافِ الانتظارِ وكنتُ مجنونا أُفكِّرُ هل ستُمطِرُ مرةً أخرى نبيينَ السماءُ؟ وكيفَ يؤمِنُ بالرسالاتِ التي ستجيءُ خالصةً لنا جيرانُنا الفقراءُ؟ يا صاحِ ارتضينا بالهزيمةِ، والهزيمةُ لم تكُنْ شيئا خرافيا ولكنَّا جميعا مِن غزيَّةَ إنْ غزتْ وغزتْ غزيَّةُ يا رفيقُ كما علمتَ فهلْ تغيَّرَ أيُّ شيء؟ نحن مصلوبونَ لا أحدٌ سيُفلِتُ.. هل ترى في الأفقِ مقبرةً تُبَشِّرنا بها نحن المسيحيين ننتظرُ البشارةَ أنْ نموتَ كما يموتُ المستبدونَ الطُّغَاةُ على أسرَّتِهم وليس يُضيرهُم أن فاتَهمُ هذا الصباحُ الحلوُ يوما، نحنُ نبحثُ عن صباحٍ واحدٍ غيرِ الذي يتضاحكونَ به علينا حين نزعمُ أنه هو في قصائدنا سيُشرِقُ..!" لا شيء تغيَّرَ.. فمنذ سنواتٍ وسنوات وحتى يومنا هذا ما تزال فيه الميليشياتُ الشعريةُ تصوِّبُ بنادقَها في وجهِ مَن يخالفُها مِن فصائل، وإذا كانت معركةُ القصيدةِ التقليديةِ قد انتهتْ باستسلامِها المُذْعِنِ والمُهين لتدخلَ متحفَ التاريخِ (لأسبابٍ يعرفُها عُشَّاقُها قبلَ منتقديها) إلا أن الحربَ الضروسَ ما تزالُ دائرةً بين أنصارِ قصيدةِ النثرِ ومخالفيهم، تلك الحرب التي أُريقَ فيها مِن دماءِ الطرفين ما أُريق! الأمرُ الذي يؤكدُ أننا أُمَّةٌ قُدِّر لها ألاَّ تتعلمَ أبداُ – ليس مِن تاريخِ غيرِها من الأُمم فحسب – بل مِن تاريخِها أيضاً. ولقد كان كُفَّارُ مكةَ ومُشرِكُوها – في الثُلُثِ الأخيرِ من القرن السادس الميلادي – أكثرَ رحابةً واتساعَ أفقٍ منَّا نحن – أبناءَ القرن الحادي والعشرين – حينما قالوا عن كتابِ محمدٍ وآياتِه إنه شِعر! مما يعني أن مفهومَ الشعرِ عندهم – وهم آباءُ الخليلِ وأجدادُه، كان يحتملُ أشكالاً وتجلياتٍ أسلوبيةً عروضيةً وغيرَ عروضية...! والسؤالُ الذي لا يريدُ أعداءُ قصيدةِ النثرِ أن يطرحوه على أنفسِهم في لحظةِ صدقٍ هو: لماذا نعشقُ الوردةَ؟ لشكلِها أم لرائحتِها؟
النص| لا شيء أكبرُ مِن هزائمنا طوَّفتَ بالبيتِ واستوحشتَ بالغارِ وبِنْتَ عن منزلِ الأحبابِ والدَّارِ وقلتَ ما قلتَ عن أحوالٍ اتَّصلتْ بها العلومُ... وأشواقٍ، وأقدارِ وزِدتَ في الوجدِ والإشراقِ فلسفةً وفي الحديثِ عن الدنيا بمقدارِ حدَّثتَني، وأنا ما زلتُ جاهلةً شَرِقْتَ بالنورِ؟ أم أشرقتَ بالنارِ؟ خلوتَ والناسُ عندَ البابِ قد وقفوا يستأذنون حِمَى المُستأسِدِ الضَّاري! منذُ اعتزلتَ أمنِّيهم.. وأكذِبُهم كم اعتذرتُ! وكم لفَّقتُ أعذاري! ماذا وراءكَ مِنْ سِرٍّ ومنزلةٍ وكيف تنجو إذا حُمِّلتَ أوزاري؟ فقلتُ لا تسألي عن سِرِّ منزلتي ولا اعتزالِيَ وحدي خلفَ أسواري سِرِّي بوجدي. ووجدي قد سُرِرْتُ بهِ اللهَ.. اللهَ في وجدي وأسراري! أفشيتُ من قبلُ سِرِّي للمَلاَ فَجَرَى عليهمُ الذي مُذْ أنْ كَذَّبوا جَارِ قولي - إذا جاءكِ الأقوامُ - مُرتَحِلٌ وأنشديهم - إذا ما مِتُّ - أشعاري لستُ المريدَ إذا غادرتُ منزلتي ولا الوليَّ إذا استقبلتُ زُوَّاري يزورني اللهُ يوميًا ويصحبُني في رحلتينِ: إلى الفردوسِ والنَّارِ
----------- * أشرف البولاقي: شاعر مصري، صدر له، شعر: جسدي وأشياء تقلقني كثيراً، سلوى وِرد الغواية، واحدٌ يمشى بلا أسطورةٍ، والتينِ والزيتونةِ الكبرى وهند. دراسات شعبية: أشكال وتجليات العدودة في صعيد مصر. كتاب نثري: رسائل ما قبل الآخرة
بهية طلب http://almashhad.net/Articles/994541.aspx أحد عشر كوكبا يضيئون المشهد الشعري http://almashhad.net/Articles/994524.aspx أحمد حسن عبد الفضيل http://almashhad.net/Articles/994548.aspx أسامة حداد http://almashhad.net/Articles/994551.aspx