تباين أداء الأسواق العالمية في شهر أغسطس. فحين تفاعلت معظم الأسواق العالمية بشكل إيجابي مع تحسن البيانات من أسواق الولاياتالمتحدةالأمريكية، كان أداء الأسواق الأوروبية ثابتاً على خلفية استمرار مخاوف الانكماش الاقتصادي، والأحداث الجارية في أوكرانيا. في الوقت نفسه، سجلت أسواق المنطقة الأداء الأقوى مجدداً هذا الشهر بعد الانتعاش القوي الذي شهدته في شهر يوليو. وارتفعت الأسواق الأمريكية بنسبة 4% في شهر أغسطس على خلفية بعض النتائج الاقتصادية الإيجابية. فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في الولاياتالمتحدة ارتفاعاً طفيفاً في الربع الثاني من 4.0% إلى 4.2% على أساس سنوي. في الوقت نفسه، قام الكونجرس الأمريكي بتقليص عجز موازنته المتوقع للعقد القادم بنحو 400 مليار دولار أمريكي. وقد جعل تعافي الاقتصاد بعد الأزمة عملية تصحيح التوقعات ممكنة. في حين ارتفع مؤشر ثقة المستهلك في الولاياتالمتحدة إلى أعلى مستوى لها منذ شهر أكتوبر عام 2007 ليقفز إلى 92.4 في شهر أغسطس بعد أن بلغ 90.3 في شهر يوليو؛ في حين ارتفع مؤشر مديري المشتريات للتصنيع حسب ما ذكرت شركة ماركت Markit إلى 58.0 في شهر أغسطس بعد أن بلغ 55.8 في شهر يوليو، وهو أعلى مستوى له في أكثر من ثلاث سنوات. ومع استمرار ثبات التعافي في الولاياتالمتحدة، يتجه انتباه الأسواق الآن إلى التوقعات حول توقيت رفع أسعار الفائدة. فقد ذكرت السيدة يلين أن الاحتياطي الفيدرالي يناقش التوقيت الصحيح لرفع أسعار الفائدة. وفي نفس السياق، جاءت محاضر اجتماعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح في شهر يوليو، التي كشف عنها الاحتياطي الفيدرالي في الولاياتالمتحدة مؤخراً، ضبابية بشأن توقيت أول رفع لأسعار الفائدة، ويرى أغلبية المراقبين أن ارتفاع أسعار الفائدة يجب أن يتزامن مع ارتفاع توقعات التضخم. وقد جاء ذلك مع مرور الولاياتالمتحدة بانخفاض طفيف في التضخم من 2.1% في شهر يونيو إلى 2.0% في شهر يوليو على أساس سنوي، في حين ظل التضخم الأساسي دون تغير نسبياً عند 1.9% في نفس الفترة. ارتفعت الأسواق الأوروبية بنسبة ضئيلة بلغت 0.4% في شهر أغسطس مع استمرار الأزمة في أوكرانيا في التأثير على الاتجاه العام. في الوقت نفسه، استمرت المخاوف من الانكماش الاقتصادي بعد أن أشارت بيانات التضخم الأولية في انخفاض الى أدنى مستوى على مدى خمس سنوات وصل إلى 0.4% على أساس سنوي في شهر يوليو. كما تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو إلى 0.7% على أساس سنوي في الربع الثاني بعد أن بلغ 0.9% في الربع الأول، حيث شهدت كل من ألمانيا وفرنسا تباطؤاً أسوأ بكثير من المتوقع، وتراجعت إيطاليا إلى مرحلة الركود مرة أخرى. وقد رفعت سلسلة النتائج السلبية هذه فرص تقديم المزيد من سياسات التحفيز في الاجتماع المرتقب للبنك المركزي الأوروبي. وفي هذا الصدد، أشار ماريو دراغي رئيس البنك المركزي الأوروبي إلى امكانية اصدار سياسات تحفيز نقدي جديدة لكبح ضغوط الانكماش وتعزيز النمو. كما ذكر الأخير أهمية الانفاق الحكومي الذي يمكن أيضاً أن يدعم تعافي الاقتصاد، منتقداً فاعلية التقشف. استمرت أسواق المنطقة في الأداء القوي الذي حققته في شهر يوليو. فقد ارتفعت أسواق دول مجلس التعاون الخليجي وأسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 6.8% و6.6% على التوالي. وقاد السوق السعودي والسوق المصري ذلك الارتفاع. فقد استمر السوق السعودي في انتعاشه مدفوعاً بأخبار فتح المجال امام الاستثمار النقدي المباشر للمستثمرين الأجانب، في حين عزز أداء السوق المصري تحسن الاتجاه العام الذي يكتنف التعافي الاقتصادي في مصر بفضل الإعلان عن خطط توسيع قناة السويس. ارتفعت الأسواق الناشئة وأسواق البرازيل وروسيا والهند والصين BRIC بنسبة 2.3% و3.2% على التوالي مدفوعة بالتعافي الداعم في الولاياتالمتحدة. في الوقت نفسه، تحاول المؤسسات المالية الصينية تغطية نفسها ضد أي ارتفاعات في القروض المتعثرة التي قد تنتج عن تباطؤ الاقتصاد المحلي وذلك بإصدار أدوات دين مطابقة لنظام بازل 3. وفي هذا الصدد، أصدرت المؤسسات المالية الأربع الأكبر في الصين والمملوكة للدولة رأس مال وديون بقيمة 73 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 300 مليار دولار أمريكي في السنة القادمة. وانخفضت الأسواق الآسيوية بنسبة 0.6% في شهر أغسطس مدفوعة بتوقع زيادة مبكرة في أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة. في الوقت نفسه، جاءت الأرقام متباينة في اليابان. فمن ناحية، انخفض التضخم إلى 3.4% على أساس سنوي في شهر يوليو، بعد أن كان يبلغ 3.6% على أساس سنوي في شهر يونيو، وهو دون هدف البنك المركزي بنسبة 2% بعد احتساب الأثر التضخمي لارتفاع الضريبة في شهر أبريل. ومن ناحية أخرى، حققت مبيعات التجزئة نمواً أكثر من المتوقع في شهر يوليو بنسبة 0.5% على أساس سنوي، مقارنةً بانكماش بلغت نسبته 0.6% في الشهر الماضي، في حين ارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع إلى 52.4 في شهر أغسطس بعد أن كان يبلغ 50.5 على خلفية أوامر المشتريات الأعلى الجديدة. وبالنظر إلى المستقبل، تظل نظرتنا المستقبلية إيجابية بالنسبة لأسواق المنطقة على المدى الطويل. وبرأينا أن الأرباح الجيدة للشركات والنشاط الاقتصادي القوي مدعوماً بارتفاع أسعار النفط، والطلب المحلي القوي، والإنفاق الحكومي على البنية التحتية، والنمو في الائتمان الموجه إلى القطاع الخاص كل ذلك سوف يعزز الاتجاه العام لأسواق الأسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي دول مجلس التعاون الخليجي، كما أنه سيدعم اتجاه الأسواق نحو الارتفاع.