في الوقت الذي تتساقط فيه عدد من المدن العراقية واحدة تلو الاخرى بشكل غريب وسريع أمام تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش"، تبادلت عدد من القوى الاقليمية والدولية الاتهامات بشأن من المسؤل عن ما يحدث في العراق من تدهور امني غير مسبوق، حيث لم يسبق ان تنهار دولة امام تنظيم مسلح بهذا الشكل. في الوقت نفسه تسابقت التحليلات السياسية في تفسيرالأسباب التي أدت الى تفجر الوضع في العراق بهذا الشكل بعد أسابيع من أول انتخابات برلمانية تتم في العراق بعد خروج القوات الامريكية، هل هي السياسات الامريكية في المنطقة؟هل هي طائفية حكومة المالكي التي اعتمدت سياسة التهميش منهجا للادارة والحكم؟أم أنها نظرية المؤامرة التي يلجأ اليها الكثيرون لتفسير اي أزمة ؟ من جانبها اعتبرت الولاياتالمتحدة أن مايحدث في العراق نتاج أزمة سياسية في المقام الأول، وأكدت على ان حل الازمة ليس عسكريا بل سياسيا، بتشكيل حكومة شاملة تمثل كافة الاطياف، الأمر الذي انتقدته بشدة عدد من الصحف الامريكية واعتبرته استمرارا لانتهاج الرئيس الامريكي أوباما لسياسة "النأي بالنفس" رغم الارهاب المحدق بالشرق الاوسط ولاسيما في العراق. وبالرغم من ذلك لا يستبعد الكثير من الخبراء الاستراتيجيون قيام الولاياتالمتحدة بعمل عسكري ولو محدود لوقف داعش. في هذا السياق تأتي زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري للعراق ضمن جولة في المنطقة بدأها بالقاهرة، في محاولة للتوصل الى حل للازمة المتفاقمة في العراق . حيث وصل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري إلى إربيل، شمالي العراق، لإجراء محادثات مع الزعماء الأكراد، بينما تتواصل المعارك بين القوات الحكومية والمسلحين الإسلاميين، وتأتي الزيارة بعد يوم من زيارة كيري إلى بغداد، حيث عبر عن التزام واشنطن بدعم الاجهزة الأمنية العراقية. وتحدث كيري عن التزام رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، وزعماء آخرين، بأمر "جوهري"، وهو إنشاء حكومة وحدة وطنية بلا إقصاء، بنهاية الشهر. من جانبها قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير لها عن زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمنطقة والتي بدأها بالقاهرة ، أنها تهدف للإسراع في تشكيل حكومة عراقية غير طائفية، وقالت الصحيفة أنه يخطط لإرسال رسالتين للعراق، الأولى هي أن الدول العربية يجب أن تستخدم نفوذها مع السياسيين العراقيين ودفعهم لتشكيل حكومة شاملة بسرعة، الثانية هي أنه ينبغي اتخاذ اجراءات صارمة ضد تمويل المتشددين من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وأشارت إلى أن التنظيم لديه اكتفاء ذاتي بسبب النجاح في نهب البنوك في الموصل، بالعراق، ونقلت عن مسؤول كبير مصاحب لوزير الخارجية الأمريكي قوله إن بعض التمويل "يتدفق للعراق من جيرانه". من جانبها، اعتبرت جامعة الدول العربية مبادرة اياد علاوي وما جاء بها من مقترحات وافكار يمكن اي يشكل نقطة انطلاق نحو تحقيق توافق سياسي بين مختلف الاطراف العراقية للخروج من الازمة الراهنة، مشددة على التزامها باحترام سيادة العراق ووحدة اراضيه واستقراره السياسي ووحدته الوطنية ورفض التخل في شئونه الداخلية. وكان زعيم الائتلاف الوطني رئيس الوزراء العراقي الأسبق اياد علاوي قد أطلق مبادرة لحل الأزمة الراهنة في العراق تقضي بوضع خارطة طريق تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية وتحقيق المصالحة بين العراقيين. وتتضمن هذه الخارطة بندين رئيسين هما "المصالحة الوطنية لضمان عملية سياسية شاملة لا تقصي سوى الارهابيين والقتلة وسراق المال العام واعادة تشكيل المؤسسات الوطنية الرئيسية والتي من شأنها اقامة دولة المواطنة بعيدا عن المحاصصة ولاسيما من المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية". اما البند الثاني فيقضي ب"تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم القادة السياسيين الأساسيين بالإضافة إلى شخصيات محدودة من التكنوقراط". في الاثناء، سادت حالة من القلق بسبب تقارير متعلقة ببيع تنظيم داعش شحنات من النفط العراقي الى جهات خارجية والحصول على اموال طائلة يستخدمها في تمويا انشطته الارهابية. وحذر رئيس مجلس الامن الدولي فيتالي تشوركن من مغبة تمكن داعش من اضافة اموال الى خزائنه من خلال اعمال تصدير غير مشروعة للنفط العراقي.