فى ظل تغيب الضحكة عن وجوه المصريون,وتعثر السينما المصرية فى إنتاج أفلام كوميدية تخفف من أعباء الحياة اليومية عن المواطن, جاءت ذكرى إسماعيل ياسين أبو ضحكة جنان، هذا الممثل الذى لم تعوضه السينما المصرية، ولم يأت مثله عبر الأزمنة . ذهب ياسين ولكن ترك لنا عبرات ومواقف مازلت لاصقة فى أذهاننا حتى الآن مثل " يا حلاوة " , صلاة النبى أحسن " , " بلولوم " , " حد ينكسف من قرايبه يا أخواتى ", فهذه الأسطورة الكوميدية تعجز الكلمات عن تقديمها . إسماعيل ياسين المضحك الحزين , الذى نجح فى رسم البسمة على وجوه المصريين ولم يستطع أحدا أن يسره بشىء . يذكر أن ولد إسماعيل ياسين فى 15 سبتمبر 1912 بمحافظة السويس لأب ميسور الحال حيث كان يعمل صائغا , توفيت والدته وهو فى سن مبكرة . إلتحق ياسين إلى إحدى الكتاتيب لحفظ القرأن , ثم إلتحق بالمدرسة الإبتدائية , ولكن لسوء الأحوال الأسرية التى عايشها إضطر إلى الخروج من المدرسة بعد إكتمال الصف الرابع الإبتدائى . تزوج الفنان إسماعيل ياسين ثلاث مرات , وكانت أخر زيجاته من السيدة فوزية , وقد أثمر زواجهما بوجود أبنه ياسين إسماعيل ياسين الذى عمل مخرجا . مارس الفنان إسماعيل ياسين الكثير من المهن والأعمل منذ صغره , حيث عمل مناديا للأقمشة , كما عمل مناديا للسيارات فى موقف السويس , وذلك بعد تعرض محل الصاغة التابع لوالده للإفلاس وسجن والده , فقد خرج من المنزل هاربا من بطش زوجة أبيه التى كانت تسيىء معاملته. كان إسماعيل ياسين يراوده حلم الشهرة والغناء منذ الصغر , فعندما بلغ ال17 عاما غادر السويس متجها إلى القاهرة لتحقيق حلمه فى الغناء , ولكن مثل باقى الطامحين عانى الكثير من الصعاب فى بداية الطريق , فمنذ أن وصل إلى القاهرة – مدينة الأحلام – عمل بإحدى المقاهى , ثم إلتحق بفرقة " الأسطى نوسة " وهى كانت من أشهر الراقصات بالأفراح الشعبية وقتها . إتجه بعد ذلك إسماعيل ياسين باحثا عن لقمة العيش , فعمل وكيلا فى إحدى مكاتب المحاماة , وفى ذلك الوقت كان قد نسى الحلم الذى جاء إلى القاهرة من أجل تحقيقه . سرعان ما أفاق إسماعيل وعاد يراوده حلم الشهرة والغناء , حيث أكتشفه صديق عمره وشريكه فى الحياة الفنية أبو السعود ألإبيارى الذى قدمه إلى فرقة بديع مصابجى , فقام بتقديم المونولوجات فى ملهى بديعة . أشتهر ياسين فى فن المونولوج حيث ظل يقدمه عشر سنوات من عام 1935 إلى عام 1945 , وقام بتقديمه أيضا فى الإذاعة المصرية مقابل أربعة جنيهات شاملة التلحين والتأليف , فكان الإبيارى هو مؤلف معظمها . جاء فيلم " خلف الحبايب" ليكون أول ظهور سينمائى للفنان إسماعيل ياسين , حيث إختارة فؤاد الجزايرلى ليشارك بالفيلم 1939 . شارك إسماعيل ياسين فى العديد من الأفلام التى قام بها بأدوار ثنائية مثل " نور الدين والبحارة الثلاثة , على بابا والأربعين حرامى , القلب له واحد " . مكنته موهبته من جذب إنتباه الكثير من القائمين على الأعمال السينمائية , ولا سيما الفنان أنور وجدى الذى أستعان به فى الكثير من أعماله, ثم أسند إليه أول دور بطولة فى فيلم " الناصح " الذى شاركته فى بطولته الفنانة ماجدة. كما نجح إسماعيل ياسين فى جذب الجمهور إليه على الرغم من أنه يفتقد لصفات نجم الشباك , الذى أعتاد أن يكون وسيما وجذاب , ولكن موهبته الفاذه وقدرته على رسم البسمة على وجه الجمهور مكنته من القفز إلى الصفوف الأولى , فإلتف المنتجون حوله لإنتاج أفلام خاصة به ليكون هو بطلها . كانت أعوام 1952, 1953 , 1954 هى الأعوام الذهبية لياسين , حيث كان يقدم 16 فيلما فى العام الواحد . إستطاع إسماعيل ياسين تناول أهم ملامح المجتمع المصرى وقتها فى الكثير من أفلامه , وقد أتضح ذلك فى فيلم " حماتى قنبلة ذرية " , حيث تناول تدخل الحماة فى حياة الأبناء والتى قد تؤدى إلى فشل الحياة الزوجية , كما تناول الصراع المستمر بين الرجل والمراة , حيث يحاول الرجل طيلة الوقت فرض السيطرة على المرأة , والمرأة تسعى إلى الحصول على حقوقها , وذلك فى فيلم "الأنسة حنفى ". كما عرض ياسين من خلال فيلم " إبن حميدو " أهم القضايا التى كان يعانى منها المجتمع المصرى وقتها, وهى قضية تهريب المخدرات . فيمكن القول أن إسماعيل ياسين كان يقدم فن كوميدى غير هادف للضحك فقط , ولكن كان يعالج قضايا مجتمعية هامة , وذلك بعكس مانراه حاليا . ساهم الفنان إسماعيل ياسن فى تجربة تكوين المسرح الكوميدى , حيث كون فرقة بمشاركة الإبيارى , وقد إستطاعا تقديم ما يقرب من 50 مسرحية كوميدية . يعتبر إسماعيل ياسين من الفنانين القلائل التى سميت الأفلام التى قدموها بأسمائهم , حيث يقال أن 30% من الأفلام التى قدمها تحمل إسمه , ومن هذه الأفلام " إسماعيل ياسين فى متحف الشمع " , وإسماعيل ياسين فى الطيران " , و" إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين " وغيرها، إلا أن أهم وأبرز أعماله فيلم "الأنسة حنفي الذي سبق به عصره سواء في الفكرة أو الآداء. حلم إسماعيل ياسين بأن يكون مطربا ذائع الصيت وبدأ حياته المهنية بعمله كمطرب إلا أنه فشل فشلا ذريعا بسبب ضحك الجمهور كلما صعد إلى المسرح، فاتجه إلى فن المونولوج آملا أن يربط بين مايرده من أن يصبح مطربا وبين ما يراه جمهوره فيه "كوميديانا مميزا" عمل ياسين مع الكثير من المطربين والممثلين, ومن أشهرهم الفنان رياض القصبجى – الشهير بالشاويش عطية - , حيث شارك إسماعيل فى معظم أفلامه , وقد حققا نجاحا جماهيريا كبيرا نتيجة المشاهد الكوميدية التى كانت تجمعمها , ومازلت فى أذهننا حتى الآن . بالرغم النجاح الكبير الذى حققه الفنان إسماعيل ياسين خلال مسيرته الفنية إلا أن تعرض إلى تعثر فنى فى السينيات, حيث أبتعدت عنه الأضواء تدريجيا ,حيث أصبح يقدم فلمين فقط فى العام . ويرجع ذلك لعدة أسباب فربما لتدخل الدولة فى الإنتاج السينمائى , أو لإصابته بمرض القلب . بدأ الفنان الرحل فى القيام بالأدوار الثانوية مرة أخرى مما لا يتناسب مع ماحققه من نجاح . فوجىء إسماعيل ياسين بتراكم الضرائب عليه ففر هاربا إلى لبنان بعد أن بيع المنزل الذى أقامه من " شقى عمره " أمام أعينه . شارك ياسين فى عدة أدوار ثانوية فى بعض الأفلام القصيرة مثل " فرسان الغرام، وكرم الهوى، ولقاء الغرباء، وعصابة النساء" . عاد بعد ذلك الفنان الراحل إسماعيل ياسين إلى القاهرة حزينا , لم ينظر إليه أحد , ولم يراعيه أحد , توفى إسماعيل ياسين عام 1972 , إثر إصابته بازمة قلبية , تاركا مايقرب من 166 فيلما والكثير من المسرحيات , وكانت جميع أعماله كوميدية بالرغم من حياته الحزينة , حيث أطلق عليه " المضحك الحزين " . الجدير بالذكر هنا أنه تم عمل مسلسل عن حياة الفنان الراحل إسماعيل ياسين قام ببطولته الفنان أشرف عبد الباقى وشاركته الفنانة رانيا فريد شوقى التى جسدت دور فوزية زوجة إسماعيل ياسين"