"طفولة قاسية ومرضه بالقلب يبعدانه عن الفن ويتزوج3مرات ويموت وحيدًا" فى مثل هذا اليوم توفى أيقونة كوميديا السينما المصرية "أبو ضحكة جنان" الفنان إسماعيل يس عن عمر يناهز 60 عامًا وذلك عام 1972, وترك خلفه العديد من الأعمال السينمائية التي أدخلت السرور على قلوب جمهوره بضحكته الصافية وتلقائيته المعهودة. ولد إسماعيل ياسين فى 15 سبتمبر عام 1912 م، وهو الابن الوحيد لصائغ ميسور الحال فى شارع عباس بمدينة السويس، وتوفيت والدته وهو لا يزال طفلاً. والتحق إسماعيل بأحد الكتاتيب، ثم تابع فى مدرسة ابتدائية حتى الصف الرابع الابتدائى, عندما أفلس محل الصاغة الخاص بوالده نتيجة لسوء إنفاقه ثم دخل والده السجن لتراكم الديون عليه، اضطر الفتى للعمل مناديًا أمام محل لبيع الأقمشة، فقد كان عليه أن يتحمل مسئولية نفسه منذ صغره. ثم اضطر إلى هجر المنزل خوفًا من بطش زوجة أبيه ليعمل مناديًا للسيارات بأحد المواقف بالسويس. عندما بلغ من العمر 17 عامًا اتجه إلى القاهرة فى بداية الثلاثينيات، عمل صبيًا فى أحد المقاهى بشارع محمد على وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية. ثم التحق بالعمل مع الأسطى "نوسة"، والتى كانت أشهر راقصات الأفراح الشعبية فى ذلك الوقت. ولأنه لم يجد ما يكفيه من المال تركها ليعمل وكيلاً فى مكتب أحد المحامين للبحث عن لقمة العيش أولاً. ثم عاد يفكر مرة ثانية فى تحقيق حلمه الفنى فذهب إلى بديعة مصابني، بعد أن اكتشفه توأمه الفنى وصديق عمره وشريك رحلة كفاحه الفنية المؤلف الكوميدى الكبير أبو السعود الإبيارى والذى كون معه ثنائياً فنياً شهيراً وكان شريكاً له فى ملهى بديعة مصابنى ثم فى السينما والمسرح، وهو الذى رشحه لبديعة مصابنى لتقوم بتعيينه بفرقتها وبالفعل انضم إلى فرقتها ليلقى المونولوجات فى ملهى بديعة مصابنى. استطاع إسماعيل يس أن ينجح فى فن المونولوج، وظل عشر سنوات من عام 1935- 1945 متألقًا فى هذا المجال حتى أصبح يلقى المونولوج فى الإذاعة نظير أربعة جنيهات عن المونولوج الواحد شاملاً أجر التأليف والتلحين، والذى كان يقوم بتأليفه دائماً توأمه الفنى أبو السعود الإبيارى. وقد امتلك إسماعيل الصفات التى جعلت منه نجمًا من نجوم الاستعراض وعمل بالسينما وأنتجت له أفلام باسمه ومن هذه الأفلام (إسماعيل ياسين فى متحف الشمع وإسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة وإسماعيل ياسين فى الجيش وإسماعيل ياسين بوليس حربى وإسماعيل ياسين فى الطيران وإسماعيل ياسين فى البحرية وإسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين). رغم هذا النجاح الساحق الذى حققه إسماعيل ياسين، خصوصاً فترة الخمسينيات، لكن مسيرته الفنية تعثرت فى العقد الأخير من حياته , فقد شهد عام 1961 انحسار الأضواء عنه تدريجيا؛ فبعد أن كان يقدم أكثر من عشرة أفلام فى العام الواحد قدم فلمين فقط هما (زوج بالإيجار) و(الترجمان) وفى العام الذى يليه قدم (ملك البترول) و(الفرسان الثلاثة) و(انسى الدنيا) ثم فى الفترة من 1963 إلى 1965 لم يقدم سوى فلمين هما (المجانين فى نعيم) و(العقل والمال). وذلك عقب إصابته بالقلب وتدخل الدولة فى الإنتاج الفنى فى فترة الستينيات وإنشاء مسرح التليفزيون وابتعاده عن تقديم المونولوج فى أعماله الأخيرة والذى كان يجذب الجمهور إلى فنه ولم يكن يس من المقربين من المسئولين فى الحكومة، فقد فوجئ بتراكم الضرائب عليه وأصبح بين عشية وضحاها مطاردًا بالديون وحجز على العمارة التى بناها بكفاح عمرة لتباع أمام عينه ويخرج من رحلة كفاحه الطويلة خالى الوفاض فاضطر إلى حل فرقته المسرحية عام 1966 ثم سافر إلى لبنان وعمل فى بعض الأفلام القصيرة منها (فرسان الغرام، وكرم الهوى، ولقاء الغرباء، وعصابة النساء) وعمل مرة أخرى كمطرب للمنولوج كما بدا ثم عاد إلى مصر محطمًا وعمل فى أدوار صغيرة لا تتناسب مع تاريخه الحافل ولم يرحمه أحد أو يقدره أحد، وبدون مقدمات. وبينما كان الرئيس السادات يفكر فى تكريم هذه القيمة الفنية غير المسبوقة فى تاريخ الفن المصرى الشريف فقد وافت نجمنا المنية فى 24 مايو 1972 إثر أزمة قلبية حادة قبل أن يستكمل تمثيل دوره الأخير والصغير فى فيلم بطولة نور الشريف ولذلك كان يسمى (بالمضحك الحزين) فرغم أن أكثر أفلامه كوميدية ومضحكة إلا أنه كان يعيش حزينا خاصة آخر أيام عمره.