الأرض المسروقة فى سيناء.. جدار حدودى يضم للكيان الصهيونى ضعف مساحة تل أبيب بينما كانت مصر منشغلة من شعر رأسها حتى أخمص قدميها فى صراع داخلى على السلطة، طرفه جماعة الإخوان، كان ذئب على الحدود الشرقية يُتم بناء جدار عازل مع الأراضى المصرية، ويستغل بناء الجدار لسرقة 100 مليون متر مربع من أراضى سيناء، وهو ما يعادل ضعف مساحة تل أبيب. الأطماع فى شبه الجزيرة المصرية، بدأت منذ فجر التاريخ، فقد كانت أرض سيناء هدفا للهكسوس والحيثيين وبعدهم المغيرين من كل أنحاء المعمورة، لكن تلك البقعة المقدسة من مصر ظلت مقبرة للغزاة، وكان آخرهم جيش إسرائيل "الذى لا يقهر"، غير أن عزائم المصريين تقهر كل قاهر. فى هذا العدد نرصد تقريرًا مهمًا وخطيرًا نشره الملحق الأسبوعى بصحيفة معاريف، يتغنى بسرقة أراض تتجاوز 100 مليون متر مربع، وذلك من خلال جدار حدودى انتهت دولة الاحتلال من إنشائه فى ديسمبر 213، بعد مرور ثلاثة أعوام ونصف العام من العمل المستمر. يمتد الجدار الفاصل بين مصر وإسرائيل بطول 245 كم، من مدينة رفح المصرية شمالًا وحتى طابا جنوبًا، وتكلفت أعمال الإنشاءات فيه ما يقرب من 460 مليون دولار، عمل به 100 مقاول و1500 عامل و500 معدة هندسية، وبدأ بناؤه فى بداية فترة الثورة المصرية، حيث كانت مصر مشغولة بغليان داخلى، وبنيت مراحله الأخيرة التى زحفت فيها حدود إسرائيل لتقضم مساحات من أرض مصر فى عهد حكم جماعة الإخوان، فهل كان التساهل فى سرقة الحدود جزءا من الصفقة التى دفعها الإخوان ثمنًا للتهدئة بين حماس وإسرائيل، فى فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى ؟ يؤكد التقرير على لسان أحد كبار الضباط الإسرائيليين المسئولين عن المشروع، أنه أثناء إقامة هذا الجدار وبالرجوع إلى الخرائط الملحقة باتفاقية السلام تم إضافة 100 مليون متر مربع من الأراضى على طول القطاع الحدودى إلى إسرائيل بعد أن كانت تقع ضمن السلك الشائك القديم الواقع فى الأراضى المصرية، وهو ما يوازى ضعف مساحة مدينة تل أبيب. مراسل صحيفة معاريف العبرية قام بجولة فى محيط الجدار الحدودى المقام على الحدود المصرية، والتقى بالعميد عيرين أوفير (الملقب بسيد الجدار)، الذى تولى مهمة إقامة جميع الجدران الحدودية والعازلة على جميع أطراف دولة الاحتلال، ابتداء من جدار الفصل العنصرى فى الضفة الغربية فى عام 2002 بطول 530كم، مرورًا بالجدار الفاصل على حدود غزة فى 2005م والجدار على الحدود اللبنانية فى عام 2006م. يشير العميد عيرين أوفير إلى أن بداية فكرة إقامة جدار حدودى على الحدود المصرية طرحت أثناء الجولة التفقدية، التى قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للمنطقة الحدودية فى يناير 2010م، نتيجة زيادة عمليات تسلل اللاجئين الأفارقة عبر تلك الحدود، والتى كانت قد وصلت إلى ذروتها فى ذلك العام، حيث تسلل حوالى 2500 شخص عبر هذه المنطقة الحدودية المفتوحة، والتى كانت تعد هى المشكلة الرئيسية، التى تعانى منها هذه الحدود، لعدم وجود أعمال فدائية ضد إسرائيل تنطلق من سيناء آنذاك، إلا أن نتنياهو شكك فى قدرة حكومته على وقف هذه الظاهرة بشكل تام، ولكنه أشار إلى أنه يمكن فى غضون ثلاثة أعوام إقامة جدار فى هذا المكان ووقف جزء ملحوظ من عمليات التسلل. أوفير يقول "إنه منذ ذلك الوقت جرت مياه كثيرة فى قناة السويس، وتغير نظام مبارك الذى كان يعد بمثابة ركيزة استقرار"، نجح أوفير فى تقليص المدة المحددة لإقامة الجدار من ثلاثة أعوام إلى عامين فقط، ونجح حسب زعمه فى وقف ظاهرة التسلل بشكل شبه تام بتكلفة تصل إلى مئات الملايين. ويشير الضابط الإسرائيلى إلى أنه على الرغم من تشكيك نتنياهو، إلا أن الحدود المصرية أصبحت الآن مغلقة بشكل شبه تام. وعن تنفيذ المشروع يشير التقرير المنشور بالصحيفة الإسرائيلية إلى أنه تم تقسيم الحدود المصرية البالغ طولها 245 كم إلى قطاعات كل قطاع يصل طوله إلى 20 كم يطرح فى مناقصة منفردة أمام المقاولين، أصعبها هى المنطقة الجبلية القريبة من طابا وإيلات، التى تمثل المرحلة الأخيرة من المشروع، والتى رأى الكثير من العسكريين والسياسيين ورجال التخطيط أن إقامة جدار بها هو درب من دروب الهلوسة، لذلك لم تكن المهمة سهلة على أوفير ورجاله، حيث كان عليهم العمل فورًا فى المشروع، ولكن لم يكن لديهم تصور محدد عن مسار الجدار، والأخطر هو أنه لم يكن هناك من يعلم بالضبط أين يقع الخط الفعلى للحدود المصرية الإسرائيلية، ولا يوجد فى المكان سوى السلك الشائك القصير، والذى كان من السهل اجتيازه بالقفز فوقه. لذا يؤكد العميد عيرين أوفير أن المشكلة الرئيسية التى واجهت المشروع تمثلت فى أن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية تحددت فيها حدود متفق عليها بين الدولتين، ولكن عمليًا على الأرض لا يوجد شخص يعرف بشكل جيد المسار الدقيق لهذا الخط الحدودى، لذلك تم التعاون مع كل من شعبة التخطيط ووحدة الخرائط بجيش الاحتلال الإسرائيلى، لمطابقة الحدود المحددة باتفاقية السلام وملحق الخرائط المرفق بها مع الخط الحدودى الموجود على الواقع، ويؤكد أوفير أن هذه هى المرة الأولى، التى تتم فيها هذه المطابقة منذ توقيع اتفاقية السلام مع مصر. يقول العميد أوفير: "لقد تمسكت بكل متر يمكن أخذه، حتى لا يتم بناء الجدار من الشرق منه، لأن هذا يعنى عمليًا التنازل عن قطعة من أرض إسرائيل وضمها لمصر، ولذلك تشير صحيفة معاريف إلى أن أوفير لم يعتمد على السلك الشائك الممتد بطول الحدود. الجدار الحدودى 2 الجدار الحدودى 2 وهنا يكشف أوفير عن أمر غاية فى الخطوة يتمثل فى أنه نجح بذلك فى ضم أراضى تقدر بحوالى 100 مليون متر مربع إلى الحدود الإسرائيلية، كانت ضمن الخط الأول من الحدود داخل الأراضى المصرية ويقول فى هذا الصدد: "مساحة تل أبيب بأكملها 51 مليون متر مربع، لذلك فإنه بفضل إصرارنا هذا أخذنا أقصى ما يمكن أن نأخذه من الأرض، ونجحنا فى أن نضم لإسرائيل مساحة تزيد عن مساحة تل أبيب مرتين". ويشير التقرير المنشور بصحيفة معاريف أنه تم فى البداية تسوية الأرض الترابية على طول مسار الجدار الضخم، لتهيئة الأرض لإقامة المشروع، وتم نقل مايقرب من مليونى نقلة تراب بواسطة الشاحنات من الموقع، ثم أعقب ذلك مرحلة البناء، وهنا يشير العميد أوفير إلى أن المقاولين طلبوا مبلغ ثلاثة ملايين شيكل عن كل كيلو متر، فرد عليهم بأن ينسوا الحصول على مثل هذا المبلغ الضخم، وهو يقول "إن هذا الطلب لم يأت نتيجة رغبة من هؤلاء المقاولين فى الثراء، ولكن لأن تكلفة العمل فى هذه المنطقة سيكون مرتفعًا جدًا"، إلا أن خبرة أوفير فى بناء الجدران الحدودية ساعدته وساعدت المقاولين فى التغلب على هذه المشكلة والاجتماع ومناقشة هذا الأمر، واقنعهم أوفير بالحصول على 1.5 مليون شيكل فقط عن كل كيلو متر، كما رفض أوفير التعاقد مع مقاول رئيسى يتولى الإشراف عن جميع المقاولين فى المشروع لكى يوفر 30% من ميزانية المشروع -أى مئات الملايين من الشيكلات- رغم أن هذا الأمر كان سيزيح عنه شخصيًا وعن فريق العمل معه الكثير من الضغوط ووجع الرأس. كما واجهت أوفير مشكلة أخرى خلال العمل فى المشروع، تمثلت فى أن جيش الاحتلال الإسرائيلى كان يمنع بعض العمال من الدخول إلى موقع العمل لأسباب أمنية، فكان يتولى هو شخصيًا فحص تلك الأسباب بنفسه، وفى أحيان كثيرة كان يدخل العمال إلى الموقع على الرغم من ذلك لأنه كان يرى أنه لا يوجد وقت يمكن إضاعته، وبعد ذلك قام أوفير بوضع اثنين من رجال وزارة الدفاع فى إيلات بشكل دائم ليكونا بمثابة ذراعين أماميين له هناك، وكانا يتولان كل صباح فتح محور عبور العمال والمقاولين، ويبلغانه فورًا بأى مشكلة تحدث على الأرض، لكى يتمكن من حلها على الفور. وفيما يتعلق بالجزء الأخير والأصعب من الجدار، والمتمثل فى الجزء الجنوبى فى منطقة وادى جسرية المقابل لمدينة إيلات (أم الرشراش المحتلة)، والممتد لمسافة 20 كم، وهو عبارة عن منحدرات شديدة يصل ميلها إلى 35 درجة، ولم يكن يتخيل أحد أنه يمكن إقامة جدار عليها، فقد تم استخدام المتفجرات لتسوية جزء من حجارة الجبال، لتمهيد الأرض لإقامة الجدار الحدودى. فى المقابل أثار هذا المشروع جمعيات حماية البيئة، التى كانت تحاول منع حدوث أى ضرر فى التوازن الطبيعى فى المنطقة، ويزعم العميد أوفر أن دولة الاحتلال (التى لا تمنح أى وزن لأرواح من تحتل أرضهم)، اهتمت بالحفاظ على الطبيعة والنباتات، فقام شخصيا بالتنسيق طول فترة المشروع مع هيئة حماية الطبيعة والحدائق، وقام بإدخال العديد من التعديلات على المشروع، من أجل الحيوانات والنباتات والمتنزهين فى المنطقة الحدودية. كما يدعى يوبيل شجيا، مندوب هيئة حماية الطبيعة فى إدارة الجدار الحدودى أنه فى إحدى النقاط تم إيقاف العمل على مدار شهر كامل، بسبب قيام صقر نادر بوضع بيضه بالمكان، فتم تعليق العمل والانتظار حتى تكبر الصغار، وحينها تم إخرجها من المنطقة واستئناف العمل !! .. ..